مدينة اللؤلؤ الاسترالية تعيد اكتشاف نفسها

قل لاي شخص من سكان المدن الكبرى على الساحل الشرقي لاستراليا أنك تعتزم القيام برحلة لمدينة بروم، وسيكون أول شيء يقولونه أنهم أيضا يودون زيارتها.
فبروم، مدينة اللؤلؤ القديمة الواقعة في أقصى الطرف الشمالي الغربي للغرب الاسترالي، اكتسبت شهرة خلال السنوات الاخيرة كمقصد رئيسي للسياح من أستراليا وآسيا.
وباعتبارها البوابة للمناظر الطبيعية القديمة الخلابة في منطقة كيمبرلي، تواكبت شهرة بروم الجديدة مع محاولات من جانب الاستراليين لاكتشاف بلادهم المترامية الاطراف، ومساع من جانب الاستراليين البيض لتحقيق نوع من المصالحة مع سكان البلاد الاصليين.
ويفضل الغالبية العظمى من الاستراليين الحياة على الساحل الشرقي الاكثر اعتدالا في مناخه.
ولكن المناطق الصحراوية الواسعة غير العادية مثل كيمبرلي ومناطق تجمعات السكان الاصليين، هي في الحقيقة روح البلاد كما أنها تلعب دورا حيويا في أساطير وديانات السكان الاصليين.
ذلك أن ألوان كيمبرلي الصارخة من تلال وتربة حمراء قبالة سماء زرقاء لامعة لا متناهية، أصبحت المادة الخام للفن المحلى للسكان الاصليين والذي يعد أكثر عصرية نسبيا مقارنة ببعض الفنون التقليدية للسكان الاصليين المنتشرة في وسط أستراليا.
وفى الحقيقة، فإن فيتزوري كروسينج التي تبعد نحو خمس ساعات شرق بروم أصبحت مركزا للحركة الفنية المتنامية للسكان الاصليين في المنطقة فيما أضحى مركز الفنون بها مكونا رئيسا للمشهد الفني في كيمبرلي.
ويمثل اللونان الاحمر والازرق أيضا مشهدا خلفيا خلابا لرحلة عبر شبكة أودية كيمبرلي الرائعة.
وهناك بالطبع طريقة واحدة لرؤية الاودية والمنطقة وهى الاقامة في معسكرات في البرية وسط حيوانات الكنجارو المتطفلة والبانديكوت (حيوان أسترالي صغير من ذوات الجراب) فضلا عن الاشجار الرائعة المعروفة بالاشجار الزجاجية والمنتشرة هناك.
ويستغرق الامر عادة من ثلاثة إلى خمسة أيام لزيارة الاودية الرئيسية، وهى جيكي، تانل، ويندجانا وواد أبعد قليلا هو مانينج.
ويمكن تنظيم الرحلات من خلال العديد من الشركات التي تتخذ من بروم مقرا لها والتي توفر كل شيء من الخيام إلى الاسرة المحمولة والطعام. ويمكن أيضا أن يقوم المرء بالرحلة بمعرفته ولكنه سيحتاج إلى سيارة ذات دفع رباعي.
ويعد "رصد التماسيح" جزءا من التجربة ومن الامور الاولى التي يجب أن يتعلمها الزائر للمنطقة هو الفرق بين كلمتين محليتين هما "العواذب" و "الموالح".
ذلك أن "العواذب" تعنى تماسيح المياه العذبة والتي تبدو مسالمة لحد ما وربما تقف حتى لالتقاط صور لها على ضفاف الوادي قبل أن تغطس في الماء.
أما "الموالح" أو تماسيح المياه المالحة فهي "تعنى فحسب أولاد زنا"، على حد قول برت ستيوارت وهو منظم رحلات في برومى. وبمعنى آخر، على الزائر أن يلتزم الحذر الشديد في التعامل معها.
وإذا كنت مسلحا بهذه المعلومات وسيارة ذات دفع رباعي، فإن الامر يستحق أيضا القيام برحلة لمدة ثلاث أو أربع ساعات من بروم إلى شبه جزيرة دامبير.
وأفضل خطة هي التوقف في التجمعات المحلية للسكان الاصليين وزيارة مزرعة ويلي كريك بيرل فارم للؤلؤ للتعرف قليلا على الصناعة الرئيسية في بروم، وهى صناعة اللؤلؤ، وذلك قبل الذهاب إلى الشواطئ الطويلة لشبه الجزيرة والمحاطة بالكثبان الرملية المميزة ذات اللون الاحمر الوردي والتي تعد مقدسة لدى السكان الاصليين.
ورغم جاذبية بروم كمدينة تربط بين المناطق المعمورة والبرية، فإن افتتاح لورد ماكالباين وزير الخزانة البريطاني السابق في إحدى حكومات حزب المحافظين لمنتجع فاخر منذ عقد على شاطئ "كابل بيتش" المجاور هو الذي ساعد في تزايد الاهتمام بمنطقة كيمبرلي.
وتدير شركة فنادق انتركونتنينتال العالمية المنتجع حاليا ويعرف ببساطة في بروم باسم "المنتجع".
وساعد إنشاء منتجع ماكالباين أيضا في تمهيد السبيل أمام النمو السريع لمنطقة كابل بيتش، ذلك الشاطئ البكر الذي يبلغ طوله 24 كيلومترا ويقع على بعد ستة كيلومترات تقريبا من بروم.
وكنتيجة لذلك، ظهرت فنادق جديدة وشقق سكنية وغيرها من أماكن الاقامة والاعاشة على الشاطئ والتي تعتبر أسعارها معقولة للغاية مقارنة بأسعار "المنتجع".
وبعد ظهيرة كل يوم، يتجمع السكان المحليون والسياح على الشاطئ في مهرجان صغير، حاملين مبردات الخمور وسلال الرحلات لمشاهدة سقوط الشمس ساعة الغروب في مياه البحر بلونها الازرق الفيروزي.
غير أن تناول الطعام في الهواء الطلق مازال أمرا غير شائع في كابل بيتش، لكن هناك مقهى "زو" الممتاز والذي يعد مؤشرا على أن الهوس بخمور وطعام الساحل الشرقي لاستراليا بدأ يصل إلى مناطق البلاد النائية.
وفضلا عن الاماكن الاضافية التي يمكن زيارتها، فإنه يتوافر في بروم ذاتها تشكيلة كبيرة من المطاعم. ويمكن للمرء أن يجرب مثلا نودل فيش (مطعم أسماك تايلاندي) ومطعم تاون بيتش كافيه الذي يوفر ميزة إضافية حيث يمكن الاستمتاع برؤية غروب الشمس منه.