مراكز الاقتراع تغلق أبوابها في الكويت وسط إقبال ضعيف

الإقبال الضعيف في التصويت لاختيار أعضاء مجلس الأمة الجديدة يعكس حالة الإحباط والممل الشعبي من استمرار الأزمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي تسببت في تعطيل برامج تنمية وإصلاح ملحة.

الكويت - أغلقت مراكز الاقتراع في الكويت أبوابها في الانتخابات البرلمانية التي جرت اليوم الثلاثاء، تمهيدا لبدء عمليات إحصاء الأصوات ومن ثم الإعلان عن الفائزين الخمسين الذين سيمثلون الشعب في مجلس الأمة الجديد الذي تمتد مدته الدستورية أربع سنوات.

وبعد انتهاء الوقت الرسمي المخصص للتصويت وهو الثامنة مساء (الخامسة بتوقيت غرينتش) أغلقت المقار الانتخابية أبوابها، حيث يُسمح للموجودين داخل اللجان بالإدلاء بأصواتهم.

وبدأ تلفزيون الكويت على الفور بثا مباشرا لمتابعة نتائج الصناديق التي تٌفرز أولا بأول، قبل إعلان الأرقام التي حصل عليها كل مرشح.

وشكر أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح كبار مسؤولي الدولة والقضاة على ما قاموا به من جهد خلال الانتخابات التي تمت "بكل كفاءة وشفافية"، مشيدا بالحس الوطني للمواطنين "ومشاركتهم الفاعلة في ممارسة حقهم الدستوري في الانتخابات".

وخلال ساعات النهار توافد الكويتيون على مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات وذلك للمرة الثالثة خلال سنتين ونصف.

وفي ساعات النهار كان التصويت يسير بسلاسة في لجان مدرسة مشعان الخضير المشعان بمنطقة مشرف المخصصة لتصويت الذكور، مع ضعف نسبي في الإقبال وارتفاع في درجات الحرارة التي فاقت الأربعين.

وخارج مقار الاقتراع وقف رجال الأمن والمرور لتنظيم عملية السير والدخول والخروج، وسط حضور مرشحين لاستقبال الناخبين وتحيتهم، كما وقف أفراد من الدفاع المدني يساعدون الضعفاء وكبار السن وينقلونهم بالكراسي المتحركة.

وقال محمد نزار وهو مهندس متقاعد (60 عاما) إن الحضور ضعيف مقارنة بالانتخابات السابقة بسبب كثرة الانتخابات.

وتابع "الناس ملّت. هناك إحباط شديد. وأنا في البيت فكرت ألف مرة قبل أن آجي للتصويت"، معتبرا أن أكثر ما تحتاجه الكويت "هو تطبيق القانون على الجميع وكسر الواسطة والمحسوبية".

أما أبوقتيبة وهو طالب جامعي (22 سنة)، فقال إن البعض فقد الأمل بينما البعض الآخر متمسك بحقه في التصويت "مهما صار"، مؤكدا أن قضايا الإسكان والتعليم ينبغي أن تحتل الأولوية لدى البرلمان المقبل والحكومة معتبرا أن "هناك تقدما لكن بطيء جدا" في هاتين القضيتين.

وتأتي هذه الانتخابات بعد حكم المحكمة الدستورية في مارس/آذار الذي أبطل انتخابات سبتمبر/أيلول الماضي وأعاد برلمان 2020، الذي كان ولي العهد أمر بحله العام الماضي بعد أزمة سياسية طاحنة بين نواب المعارضة وحكومة الشيخ صباح الخالد الصباح آنذاك.

ودخلت الحياة السياسية بعد هذا الحكم حالة من الغموض، لا سيما أن برلمان 2020 الذي تمت إعادته لم يكن على وفاق مع الحكومة الجديدة التي يرأسها الشيخ أحمد نواف الصباح نجل أمير البلاد.

وفي أول مايو/أيار تم حل برلمان 2020، مرة ثانية بمرسوم أميري والعودة للشعب لاختيار ممثليه من جديد. وأصدر ولي العهد الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير، بعدها مرسوما آخر بإجراء الانتخابات البرلمانية التي جرت اليوم الثلاثاء.

وتعيش الكويت أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة التي يعينها أمير البلاد أو نائبه والبرلمان المنتخب انتخابا مباشرا من الشعب، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في البلد الغني بالنفط.

وقال صندوق النقد الدولي أمس الاثنين إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت على التعافي من ضغوط حقبة كورونا على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد قريبا هو أمر بالغ الأهمية.

وأضاف "ستكون هناك حاجة إلى انضباط مالي كبير من خلال تطبيق إجراءات على الإنفاق والعوائد غير النفطية"، مشددا على أنه يتعين خفض أجور القطاع العام ودعم الطاقة في سبيل تغيير اتجاه الانخفاض المتوقع في عجز المالية العامة على المدى المتوسط.

وقالت كورتني فرير من جامعة إيموري الأميركية "هناك شعور باللامبالاة وأعتقد هناك خيبة أمل من النظام منذ ظهور الجمود"، مضيفة "فيما يتعلق بتجاوز هذا المأزق السياسي، كثيرا ما يجري بحث الإصلاح السياسي، لكن ليس هناك اتفاق يذكر على نوع الإصلاح الأفضل".

ويتنافس في هذه الانتخابات 207 من المرشحين والمرشحات وهو الأقل منذ أكثر من خمسة عقود، بينما يبلغ عدد الناخبين من الرجال والنساء نحو 794 ألفا.

وقال أنور الرشيد الناشط الحقوقي والخبير في الانتخابات إنه متفائل ويتوقع مشاركة "جيدة نظرا لارتفاع الوعي بين المواطنين"، مضيفا "الوعي رائع جدا. نسمع أصواتا شبابية ترفض القبلية وترفض شراء الأصوات وتدعو لانتخاب المرشح الأصلح.. هذا تطور ممتاز".

وأكد الرشيد أن "استمرار الانتخابات هو بحد ذاته كفيل بإصلاح أخطاء التجربة الديمقراطية.. الإرادة الشعبية مصرة على حقها في المشاركة ورغم كل الممارسات الخاطئة إلا أن الروح الكويتية ظلت تقاوم دوافع عدم المشاركة".

واعتبر أن من أسماهم "بكارتلات (جماعات) الفساد" هم من يدعون لمقاطعة الانتخابات حتى يكون حظهم أوفر في الفوز بمقاعد البرلمان، داعيا المجلس القادم إلى تعديل القوانين المقيدة للحريات وإنشاء مفوضية عليا مستقلة للانتخابات، يختار البرلمان مسؤوليها وليس الحكومة.

وتحظر الكويت الأحزاب السياسية، لكن البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، منها الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها، لكن أمير البلاد له الكلمة الفصل في الشؤون العامة وله صلاحية حل البرلمان.

وتُجرى الانتخابات في 759 لجنة انتخابية موزعة على 118 مدرسة في محافظات الكويت الست تحت إشراف القضاة ووفقا لنظام الصوت الواحد الذي يعني أن لكل ناخب الحق في منح صوته لمرشح واحد فقط وتتم عملية الاقتراع في يوم واحد من الثامنة صباحا إلى الثامنة مساء.

وتتكون الكويت من خمس دوائر انتخابية لكل دائرة عشرة نواب، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز العشرة الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.

وقال مجلس الوزراء إنه استعرض في اجتماعه أمس الاثنين آخر الترتيبات والاستعدادات لتنظيم انتخابات مجلس الأمة 2023 "لتمكين الناخبين والناخبات من اختيار مرشحيهم بسهولة وسط أجواء من الحرية والديمقراطية".

وقال عدنان بوحمد وهو متقاعد (60 عاما) "كثرة الانتخابات متعبة... هناك تخوف من أن الأعداد تكون أقل هذه المرة... الانتخابات أصبحت روتينية. نخشى بعد شوية أن يكون هناك انتخابات أخرى".