مسيحيو القبائل يستغيثون من الاضطهاد الديني مطالبين بعقوبات على الجزائر

ائتلاف المسيحيين يطالب ترامب بربط المساعدات الأميركية والاتفاقات التجارية مع الجزائر بتحقيق تقدم واضح في ملف الحريات الدينية وفتح الكنائس المغلقة.

الجزائر - يشهد الملف الحقوقي في الجزائر انتقادات متزايدة من منظمات دولية، غير أن السلطات لا تبدي أي استجابة بهذا الشأن وهو ما يؤكده ائتلاف المسيحيين في منطقة القبائل الأمازيغية الذين وجه نداء إلى الإدارة الأميركية، مطالبا بفرض عقوبات على الحكومة الجزائرية على خلفية ما وصفوه بـ"الاضطهاد الممنهج" الذي يطال المسيحيين، وبتدخل مباشر لحماية الحريات الدينية في البلاد.

ويمثل الائتلاف الطائفة المسيحية الإنجيلية في منطقة القبائل، وانتقد في رسالته إلى البيت الأبيض استمرار السلطات الجزائرية في استخدام قوانين مكافحة الإرهاب، وعلى رأسها المادة 87 مكرر، لتجريم الممارسات الدينية السلمية، بما في ذلك إقامة الصلوات أو التجمعات المنزلية للمؤمنين، وأشار إلى أن هذا النص القانوني الذي أُدخل في الأصل عام 2021 لمكافحة الإرهاب، بات اليوم أداة لقمع الأصوات المعارضة واستهداف الأقليات.

وتنرج هذه الرسالة في إطار التوتر بين الحكومة الجزائرية وأبناء منطقة القبائل، الذين يتهمون الدولة بممارسة التمييز العرقي والديني والثقافي ضدهم.

وأفادت الرسالة بأن جميع الكنائس الإنجيلية في منطقة القبائل أُغلقت قسرا باستثناء واحدة فقط، وهو ما ترك الآلاف من أتباع هذه الديانة دون أماكن عبادة، معرّضين للمضايقات والاعتقالات والملاحقة القضائية، وتحدثت عن حالات موثقة تعرض فيها قساوسة ومصلون للتوقيف فقط لأنهم اجتمعوا في منازل للصلاة.

وترفض الجزائر حتى الآن الاعتراف القانوني بالكنائس الإنجيلية، وتعتبر بعض الأنشطة الدينية غير المرخصة انتهاكا للقوانين المنظمة للعبادات، رغم المطالبات المتكررة من المجتمع الدولي بحرية الممارسة الدينية.

ويمارس المسيحيون بالجزائر، طقوسهم الدينية على أوجه مختلفة، فمنهم من يجهر بمعتقده، ومنهم من يخشى ردة فعل المجتمع الذي يدين أغلبيته بالإسلام، فيمارس شعائره بعيدا عن الأعين.

ولفت الائتلاف إلى التمييز الصارخ الذي يتعرض له المتحولون من الإسلام إلى المسيحية، حيث يواجهون تهما فضفاضة مثل "تقويض أمن الدولة"، تصل عقوباتها إلى السجن، في تجاهل واضح للمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وفي استعراضه لملف الاضطهاد، سلط الائتلاف الضوء على قضية سليمان بوحفص، الناشط الحقوقي ورئيس لجنة التوجيه في جمعية القديس أوغسطين المدافعة عن حقوق المسيحيين، والذي سُجن ثلاث سنوات قبل أن يُفرج عنه في سبتمبر/أيلول الماضي، بينما لا يزال يتعرض للملاحقة.

ودعا المسيحيون القبائليون إدارة الرئيس الأميركي إلى اتخاذ خطوات ملموسة، تشمل فرض عقوبات على المسؤولين الجزائريين المتورطين في هذه الانتهاكات بموجب "قانون ماغنيتسكي العالمي"، وإدراج الجزائر ضمن قائمة "الدول المثيرة للقلق الخاص" وفق قانون الحرية الدينية الدولية.

وشددت الرسالة على ضرورة ربط المساعدات الأميركية والاتفاقات التجارية مع الجزائر بتحقيق تقدم واضح في ملف الحريات الدينية وفتح الكنائس المغلقة، محذرة من أن استمرار القمع دون مساءلة سيشجع أنظمة أخرى على السير في النهج ذاته.

ومنذ 2017، بدأت السلطات الجزائرية حملة لإغلاق الكنائس البروتستانتية بحجة "عدم حصولها على ترخيص"، مما أدى إلى إغلاق معظم كنائس القبائل، كما شهدت القبائل المسيحية استدعاءات أمنية للعديد من القساوسة والمتحولين للمسيحية للتحقيق، وأدين بعضهم بالسجن، كما تتعرض هذه الجماعات لحملات تشويه من الإعلام الرسمي أو المقرب من الدولة، ويتم تصويرها أحيانا كأدوات لـ"الاختراق الغربي".

وفي عام 2019 تظاهر العشرات من المسيحيين أمام مقر محافظة بجاية، شرقي العاصمة الجزائر، للاحتجاج ضد قرار السلطات بغلق عدة كنائس، وقال أحد النشطاء إن السلطات قامت في الآونة الأخيرة بإغلاق نحو 12 كنيسة بمنطقة القبائل، وشمّعتها، بهدف منع معتنقي الديانة المسيحية من النشاط بداخلها، بمبرر "عدم حصول الأخيرة على ترخيص رسمي".
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تدخل الشرطة لإغلاق عدد من الكنائس، وإخراج أتباعها بالقوة.

وكانت الكنيسة البروتستانتية الجزائرية أعلنت أن مصالح أمن محافظة تيزي وزو، أبلغت القائمين على كنيسة المدينة الجديدة وهي الأكبر في الجزائر، بقرار غلقها وتعد هذه الكنيسة المسماة "كنيسة الإنجيل الكامل" هي الأكبر في الجزائر من حيث عدد المنخرطين فيها والذي يقارب 1200 شخص وتنشط منذ عام 1996 حسب القائمين عليها.

من جهة أخرى، سبق للرئيس الأميركي ترامب أعلن عن تشكيل فريق عمل لمكافحة التحيز ضد المسيحيين، وهو ما قد يعزز دعوات الائتلاف في القبائل للحصول على دعم أمريكي لمواجهة التضييق الديني في الجزائر

وأعرب ائتلاف المسيحيين في منطقة القبائل عن تقديره لدفاع الإدارة الأميركية عن حرية الدين، وحثها على "إعطاء الأولوية لهذه الأزمة التي تؤثر بشكل خاص على شعب القبائل"، مؤكدا استعداده لتقديم وثائق إضافية توثق الاضطهاد الذي يواجهه المسيحيون الإنجيليون بموجب القوانين القمعية في الجزائر.