مشاهد من غزة تفنّد رواية إسرائيل بشأن سيطرة حماس على المساعدات

نتنياهو أوعز إلى كاتس والجيش بوضع خطة خلال 48 ساعة لوقف ما ادعى أنها سيطرة حماس على المساعدات.

غزة - فندت مقاطع فيديو مصورة ادعاءات إسرائيل عن سيطرة حركة "حماس" على توزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين المجوعين شمالي قطاع غزة.
وتضمنت المقاطع، مشاهد لدخول عشرات شاحنات مساعدات برنامج الأغذية العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة، إلى شمالي القطاع بعد نجاح تأمين وصولها لأول مرة الأربعاء، منذ شهور من قبل عناصر محلية تتبع للعائلات والعشائر في غزة، وبدء توزيعها الخميس، بإشراف مؤسسات دولية وجمعيات شريكة.
ومساء الأربعاء، قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس منع دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة بحجة سيطرة حركة حماس عليها.
وأوعز نتنياهو إلى كاتس والجيش بوضع خطة خلال 48 ساعة لوقف ما ادعى أنها سيطرة حماس على المساعدات، وفق بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وفند المكتب الإعلامي الحكومي بغزة تلك المزاعم في بيان قائلا "نُكذّب بشكل قاطع الادعاءات الكاذبة التي أطلقها رئيس وزراء الاحتلال المجرم نتنياهو ووزير حربه كاتس حول مزاعم سيطرة الحكومة وحماس على المساعدات شمال قطاع غزة".
وأضاف أن "العائلات والعشائر الفلسطينية هي التي قامت بتأمين قوافل المساعدات شمال القطاع، دون أي تدخل من الحكومة الفلسطينية أو الفصائل لتوفير فتات الغذاء لمئات آلاف المجوّعين من المدنيين".

والأربعاء، شاركت العشائر الفلسطينية في تأمين وصول شاحنات محملة بمساعدات إنسانية إلى مخازن برنامج الأغذية العالمي بمدينة غزة، خشية تعرضها لنهب من عصابات تقول جهات حكومية إنها تعمل "تحت غطاء الجيش الإسرائيلي".
ومنذ صباح الخميس، اصطف مئات الفلسطينيين في مدينة غزة (شمال)، أمام عدد من مراكز توزيع المساعدات للحصول على طرود غذائية وأكياس من الطحين (زنة 50 كغم)، بإشراف برنامج الأغذية العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة، بعد أن تلقوا رسائل نصية عبر هواتفهم بتفاصيل آلية التوزيع.
ويعود هذا المشهد في غزة إلى الواجهة للمرة الأولى بعد انقطاع منذ مطلع مارس/آذار الماضي، حين أغلقت إسرائيل جميع المعابر مع قطاع غزة ومنعت إدخال المساعدات والمواد الغذائية بشكل كامل.
ومنذ 27 مايو/أيار الماضي، اقتصر توزيع المساعدات على ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أمريكيا وإسرائيليا عبر عدد من النطاط المحدودة جنوب ووسط القطاع.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي، توزيع مساعدات إنسانية عبر ما تُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مرفوضة من الأمم المتحدة.
‏‎ويتم توزيع المساعدات في "مناطق عازلة" جنوب ووسط غزة، لكن سجل المخطط مؤشرات متزايدة على الفشل، إذ توقف التوزيع مراراً بسبب تدفق أعداد كبيرة من المجوعين وإطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الحشود.
ومن داخل أحد مراكز توزيع المساعدات بمدينة غزة، عبر عدد من الأهالي عن سعادتهم بالعودة لـ "الآلية المنظمة" لإدخال وتوزيع المساعدات بعد شهور من الحرمان والمعاناة.
وقال حسام حميد، مدير برنامج التوزيع بمؤسسة "إنقاذ المستقبل"، إن دورهم "يتمثل في المساعدة بعملية توزيع المساعدات من خلال تجهيز قوائم المستفيدين عبر نظام التسجيل الذاتي المعتمد مسبقاً لدى برنامج الأغذية العالمي".
وأضاف حميد أن "المستفيدين يتلقون رسائل عبر هواتفهم بموعد وتاريخ التسليم، بما يحافظ على النظام والسلاسة في عملية التوزيع، ويحفظ كرامة المواطنين".
من جانبها، قالت المسنة أم محمود نويجع للأناضول إنها توجهت لمركز التوزيع لاستلام عبوة الطحين بعد تلقيها رسالة عبر الهاتف بذلك، معربة عن سعادتها "الغامرة" عند سماعها نبأ نجاح تأمين المساعدات والبدء بتوزيعها.
وأوضحت المسنة أنها أرملة وترعى تسعة من أبنائها وأحفادها الأيتام، مشيرة إلى أنها "لم تتلقّ أي مساعدة من هذا النوع منذ خمسة أشهر".
وقالت "طوال هذه الفترة وأنا أبكي دماً بدل الدموع، في ظل الحاجة الشديدة للقمة العيش وحرماننا منها، خاصة في ظل عدم وجود مصدر رزق أو معيل لي ولعائلتي" متابعة "صرخت من شدة الفرح عندما وصلتني رسالة تفيد بحصولي على هذه المساعدة".
من جهتها، قالت إحدى النساء في المكان إن "الفقر والحاجة في غزة بلغا حالة سيئة جداً؛ بسبب الحرب الإسرائيلية وما خلفته من غلاء فاحش وانقطاع للموارد المالية لغالبية السكان".
وأضافت، خلال اصطفافها في طابور النساء انتظاراً لاستلام المساعدات دون أن تذكر اسمها، أنها أطلقت الزغاريد فرحاً عندما وصلتها رسالة التوجه لاستلام المساعدة.
وعبرت السيدة الستينية عن أملها في "استمرار هذه الآلية ووصولها لجميع الأسر والسكان في القطاع"، مضيفة: "هذا ما نريد أن يستمر بدلاً من موت أبنائنا في طريق سعيهم للحصول على المساعدات" (وفق الآلية الإسرائيلية الأمريكية).
وصباح الخميس، دحضت الهيئة العليا لشؤون العشائر بغزة، الخميس، ادعاءات إسرائيل بشأن سيطرة حركة حماس على المساعدات الإنسانية.
‏‎وقالت الهيئة في بيان إن "جميع المساعدات مؤمَّنة بالكامل وتحت رعايتنا المباشرة، ويتم توزيعها حصرياً عبر الهيئات الدولية".
‏‎ودعت مجلس الأمن الدولي إلى إرسال وفد لمعاينة عملية توزيع المساعدات، والتحقق من سيرها السليم والشفاف"، مؤكدة أن "الاحتلال يحاول تضليل الرأي العام العالمي وإثارة الفتنة وخلق "مصائد موت" للمدنيين الجوعى".
‏‎وشددت على أن "ما دخل إلى غزة من مساعدات يعد قطرة في بحر احتياجات المكلومين من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى".
بدوره، اتهم رئيس "شبكة المنظمات الأهلية" بقطاع غزة أمجد الشوا إسرائيل، بـ "السعي لتكريس الفوضى والعنف عبر تعزيز السيطرة على عملية توزيع مساعدات إنسانية شحيحة تحت وطأة إبادة جماعية مستمرة".
‏‎وقال الشوا في تصريحات للأناضول، إن "إسرائيل تسعى لتكريس حالة الفوضى واللا نظام في غزة، ولا تريد لعملية توزيع المساعدات أن تكون ضمن معايير العمل الإنساني عبر مراكز توزيع وقواعد بيانات".
‏‎وعلق الشوا على قرار إسرائيل بمنع وصول المساعدات إلى شمال قطاع غزة: "حسب ما شهدناه، فإن تأمين دخول شاحنات مساعدات لشمال غزة أمس كان نتيجة جهود بعض العشائر والعائلات"، مضيفاً أن "المساعدات وصلت إلى مخازنها، وبدأ توزيعها عبر بعض المؤسسات وفق قوائم وبيانات معتمدة لديها سابقاً".
‏‎وتابع: "تريد إسرائيل تخريب منظومة العمل الإنساني بغزة من خلال منع دخول المساعدات عبر الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، وتحل محلها الشركة الأمنية الأمريكية، وبالتالي خلق عنف داخلي بين المواطنين بغزة".
وشدد الشوا، على ضرورة "تعزيز دور المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وخاصة الأونروا، وكذلك المنظمات الأهلية والدولية التي قامت بعملها على مدى عقود في غزة".
‏‎ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
‏‎وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 188 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
ومنذ 18 عاماً تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.