'مش غلط' تثير ضجة في اليمن واستنفار الاخوان في تعز

أغنية "مش غلط" تثير الجدل على مواقع التواصل بين من يرى فيها قصيدة غزلية ملحنة وغير مخلة بثقافة المجتمع وبين معارض اعتبرها مخالفة للذوق العام وتمس أخلاق المجتمع.
إخوان تعز يستنفرون القضاء والمساجد ضد 'مش غلط'

صنعاء – لم تهدأ الحملة التي تقودها قيادات إخوانية في تعز للتحريض ضد القائمين على انتاج أغنية "مش غلط" على مواقع التواصل الاجتماعي، واستكملت الحملة بتوجيه عدد من المحامين إلى القضاء متهمين الأغنية بـأنها "تدعو إلى كسر الثوابت الشرعية وتتنافي مع القيم المجتمعية المتمسك بها".

وأعد فريق شبابي من مدينة تعز اليمنية، التي يهيمن عليها الإخوان، أغنية "مش غلط" في قالب تقليدي يعبّر عن الحب والغرام، وتحولت إلى ترند في اليمن بسبب الهجمة الشرسة التي تعرضت لها.

وجاء في مطلع الأغنية التي غنّاها الفنان اليمني مروان شمسان، وكتب كلماتها الشاعر منتصر منصور "مش غلط نشرب سوا شاهي ونتمشى شوية.. مش غلط نخفى ونجلس وحدنا حتى العشية.. إيش بنخسر لو لعبنا أو تعبنا من كلام الحب وأنصفنا القضية... إيش بنخسر لو سمعنا ضحكتك يا شرعبية...أو سمعنا صوتك الحالي ألا يفتح شهية"، وتعد كلماتها من الشعبية البسيطة.

وطالب الفريق القانوني النيابة العامة بالتحقيق مع طاقم الأغنية ومحاسبتهم وفق الشرع والقانون، معتبرين أن كلمات الأغنية "تثير أمراً تستقبحه الأسرة في المجتمع اليمني المحافظ كعرف قبل أن يكون كدين، وتمس بالمبادئ العامة للآداب، وإفساد الأخلاق، والاستهانة بمنظومة القيم السامية للأسرة اليمنية".

ونشر القيادي الإخواني بليغ التميمي على حسابه الخاص على فيسبوك صورة لبلاغ للنيابة العامة بتعز تقدم به عدد من المحامين الموالين للجماعة ضد القائمين على أغنية "مش غلط".

 وقال التميمي بأن هذه الخطوة هي تمهيد لمقاضاة القائمين على الأغنية ؛ الذين "مازالوا مصرين على فعلتهم النكرة ولم يبادروا للاعتذار".

وجاءت هذه الدعوى القضائية بعد حملة تحريض شرسة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الأغنية، قادها البرلماني الإخواني وخطيب جامع النور الشيخ عبد الله أحمد علي العديني، وعضو مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح في تعز بليغ التميمي، بالإضافة إلى القياديين الإخوانيين المتشددين عبدالله أحمد علي العديني، وشوقي القاضي، واللذين لم يكتفيا بالتحريض العلني على الأغنية وفريقها وإنما وصل إلى تجريمها من على منابر المساجد، ويتفاعل معهم المتشددين الذين يحملون نفس الفكر قائلين أن الأغنية تدعو إلى تخطي الثوابت الإسلامية والآداب العامة، وجاء في تعليق على موقع إكس:

ووصل الأمر إلى تهديد فريق عمل الأغنية بالقتل.

وجاء في تعليق:

وأصدر الصحافي سام نجيب البحيري صاحب مؤسسة "ميون للانتاج الفني"، بياناً أشار فيه إلى أنه تلقى كماً هائلاً من الرسائل المختلفة التي تهدد باقتحام المؤسسة التي يديرها، فضلاً عن تحريض مستمر ضده على وسائل التواصل الاجتماعي ومنابر المساجد.
ولفت البحيري إلى أنه حصل على معلومات تشير إلى أن هناك من يبحث عنه في مقر عمله والأماكن التي يوجد فيها، محمّلاً الجهات المحرضة والسلطات الأمنية والمحلية في مدينة تعز كامل المسؤولية عن سلامته وسلامة مؤسسة ميون وفريق العمل.
وأعلنت العديد من المنظمات والهيئات التضامن مع البحيري وفريق العمل، حيث أصدر فرع نقابة الصحافيين في تعز، بيانا يعرب عن تضامنه مع البحيري وطاقم العمل التابع له، داعياً الصحافيين والإعلاميين في المدينة إلى التضامن والوقوف بحزم ضد أي محاولات لتكريس حالة الإرهاب الفكري داخل تعز، أو استخدام الخطاب الديني غطاءً لتقييد الحريات.

وحذر فرع النقابة من خطورة التهديدات الصريحة التي تعرض لها البحيري، التي من شأنها إشاعة مناخ يضيق بحرية التعبير، ويسيء لتعز ومدنيتها وتاريخها كحاضرة للفنون والثقافة والفكر، داعياً السلطات الأمنية والمحلية لتوفير الحماية للبحيري وطاقمه وضمان حرية الرأي والتعبير.
بدورها، أعلنت منظمة صحافيات بلا قيود عن دعمها الكامل للبحيري.

ووجه الإخوان عبر اتباعهم تهديدات صريحة لفريق العمل لإرهابهم والضغط عليهم وإجبارهم على الاعتذار عن العمل وطالبوهم بحذف الأغنية، باعتبارها عملاً يدعو إلى "الانحلال"،.

وانطوت حملات تحريض الإخوان على الإساءة والسب والألفاظ الخادشة والبذاءة، بالإضافة إلى التحريض المباشر ضد فريق الأغنية، ومَن شاركها، مما أثار استنكار ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بمن فيهم من يعارضون الأغنية:

ورد رواد مواقع التواصل الاجتماعي على حملة الإخوان لتجريم الفن معتبرين أن الهجوم الإخواني على أغنية "مش غلط" إرهاباً ممنهجاً يكشف سير تنظيم الإخوان في تعز على خطى تنظيم "داعش".

وأعاد ناشطون نشر مئات الأغنيات اليمنية ذات الكلمات الجريئة على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن الفن اليمني تميّز بالأغاني الغزلية والصريحة على امتداد عقود، وقد لاقت ترحيباً واسعاً في الأوساط الشعبية، ويتم استخدامها في الأعراس والمناسبات.

وأعرب ناشطون أن من يشكك بأعمال الآخرين، وينصب نفسه كحارس أوحد للفضيلة وبذات الوقت يصب سيلاً من البذاءة والألفاظ الخادشة ظناً أنه يوعّي المجتمع، يضع نفسه في موقف صعب ودائرة مغلقة يستحيل معها الخروج كناصح يسمع له العامة.

وأضافوا أن الأغنية واللحن والتوزيع ذات جمال فني، وتؤكد امتلاك اليمن طاقات كبيرة مميزة في مختلف المجالات أبرزها الفنية والثقافية.

ويأتي التحريض الإخواني ضمن حملات مستمرة تستهدف محاربة الفنانين والفعاليات الثقافية، بنهج إرهابي. حيث سبق أن هاجموا في عيد الأضحى مهرجاناً ثقافياً نظمته وزارة الثقافة اليمنية بحضور الفنان اليمني محمد محسن عطروش وذلك بإطلاق الرصاص الحي على المدنيين المشاركين في الحفل بميدان الشهداء في تعز ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين.

واعتبرت وزارة الثقافة هجوم الإخوان على أغنية "مش غلط" استهداف ممنهج للأعمال الثقافية سواء الأغاني أو المسرح أو الشعر والأدب والفنون.

وقال مدير عام مكتب الثقافة بمحافظة تعز عبدالخالق سيف في تصريحات صحافية أن رجال الدين المتشددين في تعز، لديهم مشكلة كبيرة مع الحياة، ويترجمون ذلك من خلال شعورهم المَرضي، لأنهم يريدون أن يسيطروا سيطرة تامة على عقول ووعي وثقافة الناس، خصوصاً البسطاء.

وأشار إلى أن الأفكار التحريضية للمتطرفين لم تر ما في الأغنية من جمال وعفوية وبراءة ونقاء، فقط أفكارهم تذهب إلى الإيحاء القبيح الذي يسكن عقولهم، حيث يتحركون كحراس للفضيلة وهم بعيدون كل البعد عن ذلك. مضيفا أن المتطرفين يلجؤون إلى التحريض والعنف الذي قد ينجم عنه ارتكاب جرائم والشواهد كثيرة.