مصر تمدد عمل قواتها في الصومال لضمان نفوذها في افريقيا

القاهرة تسعى لإثبات دورها الإقليمي في القرن الأفريقي بوجه تهديدات أديس أبابا لها بشأن مياه النيل ورفضها الاستجابة للمطالب المصرية.

القاهرة - أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، تمديد عمل القوات المصرية في الصومال ضمن بعثة حفظ السلام الإفريقية، مؤكدا أن القاهرة تولي الملف الإفريقي "أولوية شديدة وقصوى جداً"، حيث تعمل ضمن مسارات بين تعاون، وبناء تحالفات، ومجابهة أي تهديدات محتملة لاسيما بوجود التوتر مع اثيوبيا.

وأوضح مدبولي، خلال مؤتمر صحافي أعقب اجتماع الحكومة المصرية الأسبوعي، أنه "زار الجمعة الماضي أوغندا، لمناقشة الأوضاع في الصومال، والتمهيد لمُهمة جديدة للأمم المتحدة وبعثتها في الصومال، والمُتضمنة في الشق الأمني أنه سيكون هناك تواجد للقوات المصرية في الصومال، إلى جانب مناقشة الأوضاع والترتيب لتفعيل البعثة الأممية، وما يتعلق بالجزء الخاص بالقوات المصرية".

وتأتي المشاركة المصرية في تلك القوات بعد سلسلة من الأحداث، على رأسها التوترات بين الصومال وأثيوبيا، حيث ارتأت القاهرة أنها فرصة لإثبات دورها الإقليمي في القرن الأفريقي بوجه تهديدات أديس أبابا لها بشأن مياه النيل ورفضها الاستجابة للمطالب المصرية حول السدود التي أنشأتها على النهر الأطول في أفريقيا.

وكانت هذه البعثة قد أثارت جدلا، تحديدا بين أثيوبيا والصومال، حيث أنها ستحل محل مهمة لمكافحة الإرهاب، تنتهي صلاحيتها نهاية هذا العام، وكانت أثيوبيا جزءا أساسيا من مكوناته. والبعثة الجديدة التي شكلها الاتحاد الأفريقي لا تضم أثيوبيا في صفوفها.

وقال رئيس الوزراء المصري، أن "مصر تولي في هذه المرحلة المهمة والدقيقة للملف الإفريقي أولوية شديدة وقصوى جداً، وتحرص على استقرار الأوضاع في كل الدول الإفريقية، وأيضاً تقوية العلاقات الثنائية معهم في شتى المجالات وخاصة المجال الاقتصادي".

وأشار مدبولي إلى "زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي، والتي تعد دولة محورية ولها أهمية كبيرة لمصر بحكم موقعها الاستراتيجي على مدخل البحر الأحمر"، موضحاً أن السيسي بحث خلال الزيارة عدداً كبير من المشروعات الثنائية المشتركة في مجالات مختلفة، مثل الطاقة والكهرباء والنقل واللوجستيات والموانئ والصناعة"، مشدداً على أن "مصر تولي منطقة القرن الإفريقي أهمية قصوى".

ودعا إلى ضرورة حشد جميع الأدوات لتمكين الجيش الصومالي من الحفاظ على المكاسب التي حققها، مؤكداً التزام القاهرة بدعم الحكومة الصومالية.

ووقعت مصر والصومال اتفاقية تعاون عسكري ودفاع مشترك في أغسطس/آب 2024، بحضور رئيسي الدولتين، وتعهدت مصر بإرسال قوات عسكرية للمشاركة في بعثة السلام وتحقيق الاستقرار التابعة للاتحاد الإفريقي في الصومال "اوسوم"، ويتوقع إرسال قوات أخرى في إطار الاتفاق الثنائي، كما أمدت مقديشو بمعدات عسكرية لدعمها في مواجهة الإرهاب.

بدوره، قال السفير الصومالي في القاهرة علي عبدي أواري إن العلاقات المصرية الصومالية "قوية راسخة وممتدة عبر التاريخ، ولا تشوبها أي شائبة"، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز التعاون مع مصر وزيادة وتيرة التنسيق خلال المرحلة المقبلة.

ونفى السفير في بيان التقارير بشأن توتر العلاقات مع مصر، وتجميد اتفاقية التعاون العسكري التي وقعها البلدان في أغسطس/آب 2024، مؤكداً أنها "عارية تماماً عن الصحة".

ودعا سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وسائل الإعلام إلى "توخي الدقة وعدم الاستناد إلى معلومات مغلوطة تمس العلاقات بين الأشقاء". وشدد على أن مصر "كانت وما زالت وستظل داعمة للصومال"، مثمناً جهود القاهرة في "دعم الصومال على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية".

واندلع نزاع بين أثيوبيا والصومال العام الماضي، كان عماده اتفاق أديس أبابا مع السلطات في إقليم "أرض الصومال" (صوماليلاند) الانفصالي، لبناء ميناء مطل على البحر الأحمر.

وكان من شأن الخطوة الأثيوبية أن اجتذبت المزيد من القوى الإقليمية إلى المنطقة، وهددت بمزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي.

وكانت من نتائج هذا الخلاف أن حصل تقارب كبير بين الصومال ومصر، التي رأت في فيه فرصة لترسيخ مصالحها الإقليمية ضد أثيوبيا (الخلاف على سد النهضة)، وإطارا لإعادة تكريس دورها كقوة إقليمية فاعلة.