مظاهرة في باريس تحيي النقاش حول تنامي الإسلاموفوبيا

المظاهرة التي شارك فيها ممثلون عن عدة أحزاب فرنسية تحمل وزير الداخلية المسؤولية عن تنامي الكراهية والإسلاموفوبيا.

باريس - تظاهر آلاف الأشخاص الأحد في باريس تلبية لدعوة وجّهتها منظمات وشخصيات عدة للتنديد بـ"تزايد الإسلاموفوبيا في فرنسا" ولتكريم أبي بكر سيسيه، الشاب المالي الذي قُتل بوحشية داخل مسجد في جنوب فرنسا.

ورفعت خلال التظاهرة التي شارك فيها كثر من ممثلي حزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) الذي يتزعّمه جان لوك ميلانشون والنائبان لوي بوايار وإريك كوكريل، لافتة كُتب عليها "العنصرية تبدأ بكلمات وتنتهي بمثل ما حصل لأبي بكر".

ورفعت خلال التظاهرة أعلام فرنسية وفلسطينية وهتف مشاركون فيها "لا لا للإسلاموفوبيا"، كما رفعوا شعارات ولافتات منددة بوزير الداخلية، كتب على إحداها "نحن هنا حتى وإن لم يشأ (برونو) ريتايو".

ودعت منظمات مناهضة للعنصرية إلى التظاهر في العاصمة وفي مناطق أخرى في فرنسا وقد تظاهر 400 شخص في ليل (شمال)، احتجاجا على "تزايد الإسلاموفوبيا" وإحياء ذكرى أبي بكر سيسيه.

وفي الشهر الماضي، أقدم مهاجم على طعن سيسيه عشرات المرات، ثم صوّره بهاتف محمول وردد شتائم ضد الإسلام، في قرية لا غران كومب بمنطقة غارد بجنوب فرنسا.

وأظهرت اللقطات التي صوّرها القاتل وهو يشتم الذات الإلهية مباشرةً بعد تنفيذه الهجوم. وأرسل الجاني المزعوم الفيديو الذي صوّره بهاتفه والذي يُظهر الضحية وهو يتلوى من الألم، إلى شخص آخَر نشره على منصة للتواصل الاجتماعي قبل أن يحذفه.

وفي تظاهرة الأحد، ندّد إريك كوكريل بـ"تزايد الإسلاموفوبيا على نحو لا يمكن إنكاره، وهو ما أفضى إلى مقتل أبي بكر سيسيه في مسجد"، محمّلا مسؤولية ذلك لوزير الداخلية ومتّهما إياه بالتماهي مع اليمين واليمين المتطرف.

وشهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام تزايدا بنسبة 72 بالمئة للأعمال العدائية تجاه المسلمين، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق مع تسجيل 79 حالة، وفق تعداد لوزارة الداخلية.

وفيما أحيا مقتل أبي بكر سيسيه النقاش في فرنسا بشأن "الإسلاموفوبيا"، اعتبر ريتايو الذي وجّهت إليه انتقادات من اليسار ومن مقربين من الضحية على خلفية موقفه في هذه القضية، أن وزارته لا تستخدم مصطلح الإسلاموفوبيا لارتباطه أيديولوجيا بـ"الإخوان المسلمين" إلا أن رئيس الوزراء فرنسوا بايرو دافع عن استخدام المصطلح في هذه القضية.

وترددت أصداء هذا النقاش في تظاهرة الأحد إذ رُفعت في ساحة الباستيل لافتة كُتب عليها "ليسوا إسلاموفوبيين، هم فقط لا يحبون المسلمين".

ويشير التظاهر بأعداد كبيرة إلى أن شريحة واسعة من المجتمع الفرنسي، بمن فيهم مسلمون وغير مسلمين، تعترف بوجود مشكلة حقيقية لتزايد مظاهر الإسلاموفوبيا في البلاد.

ويمثل هذا التحرك رفضًا واضحًا لأي شكل من أشكال التمييز والعنصرية والكراهية التي تستهدف المسلمين بسبب دينهم. كما يعكس تعبيرا مجتمعيا واضحا عن شعور بالاستهداف والتهميش والخوف من تنامي الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين في الفضاء العام وربما في السياسات.

ويعكس التظاهر مطالبة الدولة والمجتمع بتوفير حماية أكبر للمسلمين وضمان حقوقهم كمواطنين كاملي الحقوق ودعوة إلى سياسات مناهضة للإسلاموفوبيا ومطالب باتخاذ إجراءات ملموسة على المستويات القانونية والسياسية والاجتماعية لمكافحة هذه الظاهرة وتجريم التحريض عليها.

وهناك مطالبة بتغيير الخطاب الإعلامي والسياسي الذي غالبًا ما يربط الإسلام بالعنف أو التطرف والمساهمة في خلق بيئة أكثر تسامحا وشمولية.

وتظهر الاحتجاجات وحدة وتضامن المجتمع ضد الكراهية كما تهدف إلى تكوين قوة ضغط على الحكومة والأحزاب السياسية لكي تأخذ هذه المطالب على محمل الجد.

وتجذب المظاهرات الكبيرة اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية، مما يساهم في تسليط الضوء على قضية الإسلاموفوبيا في فرنسا وإثارة نقاش أوسع حولها.