معاقبة إيران ضمانة لسلام المنطقة

ما من اجراء في إمكانه أن ينقذ شعوب الشرق الأوسط من البؤس الذي هي فيه سوى اضعاف النظام الإيراني من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة عليه.

حين طُرد العراق من الكويت عام 1991 إثر حملة عسكرية قادتها الولايات المتحدة بتفويض أممي، لم ترفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه بل استمر الحصار الدولي المشدد والخانق في حصد مئات الألوف من أرواح العراقيين والمضي بالأحياء إلى حافات الجوع والتشرد.

ثلاث عشرة سنة من الحصار جعلت من العراق دولة رثة بشعب هش، فقد الكثير من كرامته وإنسانيته وهو ما مهد للغزو الأميركي الذي لم يقاومه جيش تفككت عراه وفقد الثقة بقيادته التي لم تعد تكترث كثيرا بمستقبلها.

مضت اليوم أكثر من خمس عشرة سنة على الاحتلال الأميركي ولا يزال العراق واقعا تحت تأثير البند السابع الذي فُرض عليه يوم احتل الكويت.

كل هذا جرى للعراق لأنه احتل الكويت في لحظة طيش ورعونة صنعها رجل واحد، لم يكن الشعب العراقي شريكا في قراراته.

اليوم تعلن إيران من خلال زعماء جيشها وحرسها الثوري أنها تحتل أربع دول عربية. وهو ما صار المجتمع الدولي على دراية به، بدليل أن الولايات المتحدة قد ضمنت شروطها للقبول باتفاق نووي جديد شرطا ينص على انهاء هيمنة إيران على تلك الدول الأربع. لبنان والعراق واليمن وسوريا.

ألا يُملي ذلك الواقع ضرورة أن تُفرض عقوبات اقتصادية دولية على إيران، من أجل دفعها إلى التراجع عن سياساتها العدوانية في المنطقة؟

أعتقد أن هناك قدرا هائلا من الخفة وعدم الشعور بالمسؤولية ينطوي عليهما الموقفان الصيني والروسي حين يصبان في مصلحة النظام الإيراني في مسعى لحمايته من العقوبات.

تستحق إيران أن تُفرض عليها عقوبات اقتصادية دولية مشددة لأنها تهدد السلم العالمي بما لا يمكن مقارنته بالتهديد الذي كان يشكله احتلال العراق للكويت والذي يمكن اعتباره مجرد خطأ في درس الجغرافيا.

تسعى إيران اليوم إلى إعادة رسم خرائط المنطقة وفرض تاريخ جديد عليها. وهو ما يمكن اعتباره نوعا من اللعب الاممي الذي ينبغي أن يواجهه المجتمع الدولي بقدر هائل من الحزم والصرامة.

فليس من المقبول أن يكون العراق إيرانيا.

لقد قدم العراقيون نصف مليون شهيد من أبنائهم من أجل أن لا تحتل إيران مدنه الحدودية.

وليس من المعقول أن تؤسس إيران معاقل لها في سوريا ولبنان من خلال ميليشيا مسلحة اختطفت الناس بقوة السلاح الإيراني وغسلت أدمغتهم بمرويات عقائدية لا صلة لها بالحياة.

اما في اليمن فإن إيران تستغفل المجتمع الدولي من خلال الحوثيين الذين هم مجرد اجراء لديها ولا علاقة لهم بحقيقة الخلاف الذي نشأ منذ الإطاحة بحكم علي عبد الله صالح.

بسبب كل ما يجري في المنطقة تستحق إيران أن يُفرض عليها حصار اقتصادي شبيه بذلك الذي فُرض على العراق في تسعينات القرن الماضي ظلما.

إيران تهدد اليوم السلم العالمي في المنطقة بقوة.

فالعراق لن يكون عراقيا في ظل الهيمنة الإيرانية ولن يتمكن اليمن من فهم ابجديات الوفاق الوطني والصواريخ البالستية الإيرانية جاهزة للاستعمال. اما في سوريا وإيران فإن ألغام حزب الله تشير إلى إيران باعتبارها شريكة في الجريمة التي ستظل آثارها ماثلة إلى زمن معلوم.

لذلك ما من اجراء في إمكانه أن ينقذ شعوب تلك الدول من البؤس الذي هي فيه سوى اضعاف النظام الإيراني من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة عليه، تحول بينه وبين الاستمرار في تمويل نشاطاته العدوانية وجماعاته الإرهابية خارج إيران.

غير ذلك فإن المجتمع الدولي سيجد نفسه مضطرا في وقت قريب لشن حرب مدمرة على إيران، يكون هدفها انهاء الأوضاع الشاذة التي تعيشها شعوب المنطقة بسبب سياسات آيات الله القائمة على عدم الاعتراف بالقوانين الدولية والدفع بدول المنطقة إلى هاوية الاحتراب الداخلي.

وهو خيار ينطوي على الكثير من الخسائر البشرية والمادية التي تغنينا العقوبات الاقتصادية عن وقوعها.