مقتل 14 فلسطينيا في أعنف حملة اسرائيلية في الضفة

توجه واشنطن لأول مرة لفرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” لانتهاكها حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية يثير غضب قادة إسرائيل.
الإضراب يشل مناحي الحياة في الضفة الغربية

نور شمس (الضفة الغربية) – تشهد الضفة الغربية تصعيدا هو الأكبر من نوعه منذ بدء الحرب الاسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أفادت السلطات الفلسطينية إن القوات الإسرائيلية قتلت 14 فلسطينيا خلال مداهمة في الضفة الغربية المحتلة السبت، في حين قُتل سائق سيارة إسعاف وهو في طريقه لإجلاء جرحى أصيبوا خلال هجوم منفصل شنه مستوطنون يهود، لكن توجه الولايات المتحدة لأول مرة فرض عقوبات على كتيبة اسرائيلية انتهاكاتها في الضفة يثير غضب قادة إسرائيل.

وبدأت القوات الإسرائيلية مداهمة موسعة في الساعات الأولى من صباح الجمعة في منطقة نور شمس بالقرب من مدينة طولكرم الفلسطينية، وواصلت تبادل إطلاق النار مع مقاتلين مسلحين حتى السبت.

واحتشدت مركبات عسكرية إسرائيلية وسمع دوي إطلاق نار، بينما شوهدت ثلاث طائرات مسيرة على الأقل تحلق فوق نور شمس.

وقالت كتيبة طولكرم، التي تضم مسلحين من عدة فصائل فلسطينية، إن مقاتليها تبادلوا إطلاق النار مع القوات الإسرائيلية السبت.

الهجمات الإسرائيلية على غزة تسببت في مقتل 37 فلسطينيا وإصابة 68 آخرين خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة

وألقت حرب غزة بظلالها على أعمال العنف المستمرة في القطاع، والتي تشمل المداهمات التي يشنها الجيش من حين لآخر على الجماعات المسلحة وهجمات المستوطنين اليهود على القرى الفلسطينية والهجمات التي يشنها الفلسطينيون على الإسرائيليين في الشوارع.

وأُلقي القبض على آلاف الفلسطينيين وقُتل المئات خلال عمليات نفذها الجيش والشرطة الإسرائيليان منذ بداية حرب غزة. وكان معظم القتلى من أعضاء الجماعات المسلحة والباقين من المدنيين وراشقي الحجارة الشبان.

وقالت السلطات الصحية السبت إن 14 فلسطينيا على الأقل قتلوا خلال المداهمة. وأفادت مصادر فلسطينية بأن أحد القتلى مسلح والآخر فتى يبلغ من العمر 16 عاما.

وهذا هو أحد أكبر عدد من القتلى تشهده الضفة الغربية منذ شهور وقتل رجل آخر يوم الجمعة.

وقال الجيش الإسرائيلي إن عددا من المسلحين قُتلوا أو اعتقلوا خلال المداهمة، وأصيب أربعة جنود على الأقل في تبادل لإطلاق النار.

وفي واقعة منفصلة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن سائق سيارة إسعاف يبلغ من العمر 50 عاما قُتل برصاص إسرائيليين قرب قرية الساوية جنوبي مدينة نابلس وهو في طريقه لنقل جرحى سقطوا خلال الهجوم على القرية. ولم يتضح ما إذا كان المستوطنون هم من أطلقوا النار على السائق. ولم يصدر تعليق بعد من الجيش.

وشل الإضراب مناحي الحياة في محافظات الضفة الغربية، الأحد تضامنا مع مدينة طولكرم ومخيم نور شمس الذي تعرّض لتوغّل عسكري إسرائيلي أودى بحياة 14 فلسطينيا.

وجاء الإضراب استجابة لدعوات القوى والفصائل السياسية والنقابات ومؤسسات أهلية، تعبيرا عن الغضب و “حدادا على أرواح الشهداء”.

وأغلقت المؤسسات الحكومية والأهلية والمتاجر أبوابها وتوقفت حركة النقل بين المحافظات الفلسطينية.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أن حصيلة العملية العسكرية في مخيم نور شمس بلغت “14 شهيدا منذ يوم الخميس”.

وخلفت العملية دمارًا كبيرا في البيوت والشوارع والبنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، وفق ما أكد رئيس لجنة الخدمات في المخيم فيصل سلامة.

وبالتوازي مع حربه المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يصعّد الجيش الإسرائيلي عمليات الاقتحام والاعتقال في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.

ولا يزال القتال مستمرا في غزة على الرغم من انسحاب معظم القوات المقاتلة الإسرائيلية من المناطق الجنوبية في وقت سابق من هذا الشهر. وذكرت السلطات الصحية الفلسطينية أن عدد القتلى في القطاع تجاوز 34 ألفا.

وقال مسؤولون طبيون إن إسرائيل شنت هجمات على مدينة رفح بجنوب القطاع، التي يلوذ بها أكثر من مليون فلسطيني، وكذلك على مخيم النصيرات في وسط غزة، حيث دمرت خمسة منازل على الأقل، فضلا عن منطقة جباليا في الشمال.

وأفادت حماس ووسائل إعلام فلسطينية إن منزلا تعرض للقصف في رفح مما أدى إلى مقتل أب وابنته وأم حبلى. وقال مسعفون إن الأطباء في المستشفى الكويتي تمكنوا من إنقاذ الطفل ليكون الوحيد الباقي على قيد الحياة من أفراد الأسرة.

وقال مسؤولو الصحة إن خمسة فلسطينيين آخرين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية منفصلة على المدينة قبل منتصف الليل.

نتنياهو يعتبر التوجه لفرض عقوبات أميركية على وحدة في الجيش الإسرائيلي “قمة السخافة والتدني الأخلاقي”، في هجوم غير مسبوق على واشنطن.

وذكر الجيش الإسرائيلي إن قواته تنفذ مداهمات في وسط غزة حيث اشتبكت من مسافة قريبة مع مقاتلين فلسطينيين. بينما قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن الهجمات الإسرائيلية على غزة تسببت في مقتل 37 فلسطينيا وإصابة 68 آخرين خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة.

ورفح هي آخر منطقة في غزة لم تدخلها القوات البرية الإسرائيلية في الحرب المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر والتي تهدف إلى القضاء على حركة حماس التي تحكم القطاع.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معارضة دولية واسعة النطاق على خطة مهاجمة رفح حيث يقول الجيش إن آخر كتائب منظمة تابعة لحماس موجودة هناك وحيث يُعتقد أن الرهائن الإسرائيليين المتبقين وعددهم 133 رهينة محتجزون.

وأثار توجه الولايات المتحدة لأول مرة فرض عقوبات على كتيبة “نيتسح يهودا” لانتهاكها حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية وفق موقع عبري غضب قادة إسرائيل.

وقال نتنياهو، إن التوجه لفرض عقوبات أميركية على وحدة في الجيش الإسرائيلي “قمة السخافة والتدني الأخلاقي”، وذلك في هجوم غير مسبوق على واشنطن.

وفي تدوينة بحسابه على منصة “إكس”، كتب نتنياهو “لا يجوز فرض عقوبات على الجيش الإسرائيلي”.

وأضاف “في الأسابيع الأخيرة، كنت أعمل ضد فرض عقوبات على مواطنين إسرائيليين، بما في ذلك في محادثاتي مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية”، في إشارة إلى فرض واشنطن في فبراير/شباط الماضي عقوبات ضد 4 مستوطنين لارتكابهم جرائم عنف ضد فلسطينيين بالضفة.

ومضى نتنياهو مصعدا هجومه على واشنطن “في الوقت الذي يحارب فيه جنودنا وحوش الإرهاب، فإن التوجه لفرض عقوبات على كتيبة في الجيش الإسرائيلي هي قمة السخافة والتدني الأخلاقي”. وختم “سوف تتحرك الحكومة برئاستي بكل الوسائل ضد هذه التحركات”.

بدوره قال وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير “العقوبات على جنودنا خط أحمر”. وأضاف بحسابه على إكس، “يجب على الوزير (الدفاع يوآف) غالانت أن يدعم فوراً نيتسح يهودا”.

وتابع “إن لم يكن الأمر كذلك، فسوف نستوعبهم في شرطة حرس الحدود (خاضعة لسلطته)، كأبطال عظماء”.

من جانبه قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن “قرار فرض عقوبات أميركية على الجيش بينما تقاتل إسرائيل من أجل وجودها هو جنون مطلق”. وأضاف “حذرنا من أن العقوبات التي تفرضها إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن ضد المستوطنين ستستمر لتطال الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل بأكملها”.

واعتبر سموتريتش، أن “هذا جزء من خطوة مخططة لإجبار دولة إسرائيل على الموافقة على إقامة دولة فلسطينية والتخلي عن أمن إسرائيل”.

كما زعم الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس أن “كتيبة نيتسح يهودا وهي جزء لا يتجزأ من الجيش الإسرائيلي تخضع للقانون العسكري، وتعمل وفقاً للقانون الدولي”.

وادعى في تدوينة على “إكس”، بأن إسرائيل ” تتمتع بنظام قضائي قوي ومستقل، يعرف كيفية فحص أي انتهاك للقانون أو انحراف عن أوامر الجيش الإسرائيلي، وهذا ما سنفعله” وفق قوله.

وأضاف غانتس “أكن احتراما كبيرا لأصدقائنا الأمريكيين، لكن فرض العقوبات على الكتيبة يعد سابقة خطيرة، ويرسل أيضًا رسالة خاطئة إلى أعدائنا المشتركين في زمن الحرب. سأعمل حتى لا يمر هذا القرار”.

وفي وقت سابق من مساء السبت، نقل باراك رافيد المراسل الدبلوماسي لموقع “واللا” عن ثلاثة مصادر أمريكية لم يسمها، إنه “من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال الأيام المقبلة عن عقوبات ضد كتيبة نيتسح يهودا الإسرائيلية، على خلفية انتهاك حقوق الإنسان في الضفة”.

وستكون هذه المرة الأولى على الإطلاق تفرض فيها الإدارة الأميركية عقوبات على وحدة عسكرية إسرائيلية بسبب أنشطتها في الضفة، وفق المصدر ذاته.

وذكرت المصادر، أن العقوبات “ستمنع نقل مساعدات عسكرية أميركية إلى كتيبة نيتسح يهودا، وستمنع جنودها وضباطها من المشاركة في التدريبات مع الجيش الأميركي، أو المشاركة في أنشطة تتلقى تمويلا أمريكيا”.

وحسب الموقع العبري “تستند العقوبات إلى قانون أصدره السيناتور الديمقراطي السابق باتريك ليهي، عام 1997 يحظر تقديم الجيش الأميركي المساعدات العسكرية أو التدريب مع قوات أمن أو جيش أو شرطة تتوفر عنها معلومات موثوقة حول انتهاكات حقوق الإنسان”.

ونقل الموقع عن “مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله، إن قرار بلينكن يستند إلى أحداث وقعت قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) في الضفة الغربية”.

وذكر أحد المصادر أن بلينكن “قرر عدم فرض عقوبات على عدة وحدات إضافية في الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية كانت قيد الفحص لأنها قامت بتصحيح سلوكها”.