ممنوع ركوب موجة المظاهرات شعار المحتجين للسياسيين في العراق

تعامل السلطات العنيف مع المظاهرات قدم الفرصة للمحتجين حتى يرتبوا صفوفهم لاستئناف الحراك من جديد في الأيام القادمة.

بغداد - كما كان متوقعا رمى الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بثقله وراء المحتجين في العراق، حيث دعا أنصاره إلى تلبية دعوات استئناف المظاهرات المناهضة للحكومة الجمعة المقبل، الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لتولى عادل عبد المهدي رئاستها.

وتوقفت الاحتجاجات العراقية التي انطلقت مطلع الشهر الجاري على إثر اعتقالات نفذت ضد المتظاهرين والصحفيين وحملة أمنية دموية أدت إلى مقتل أكثر من مئة قتيل فضلا عن قطع الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي على كامل البلاد لمنع المتظاهرين من التواصل.

ودعت المظاهرات التي أطلقها نشطاء عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عفوي ودون دعوات حزبية أو طائفية، إلى الإصلاح ومحاربة الفساد ومعالجة البطالة في البلاد. ولم تنجح بعدها وعود الحكومة بتغيير وزيرين فيها والتعهد بمحاسبة من تسببوا في سقوط عشرات القتلى وآلاف الجرحى، في تهدئة الشارع.

في البداية راهنت الأحزاب الشيعية المقربة من إيران في العراق على القوة في التصدي للاحتجاجات، حيث تقتضي مصالحها بقاء حكومة عبدالمهدي في السلطة، لكن الأمور تأزمت بعد الحصيلة الدامية للمظاهرات مع اتهام جهات أمنية عراقية ميليشيات موالية لإيران بنشر قناصة لقتل المتظاهرين.

وقدم تعامل السلطات العنيف مع المظاهرات الفرصة للمحتجين حتى يرتبوا صفوفهم لاستئناف الحراك من جديد في الأيام القادمة وبزخم أكبر.

وكان مقتدى الصدر الذي يدعم تحالف "سائرون" البرلماني الذي فاز في الانتخابات التشريعية في أيار/مايو 2018، دعا في الرابع من الشهر الحالي، إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة "بإشراف الأمم المتحدة"، لكنه لم يطالب أنصاره بالنزول إلى الشارع.

وأمس السبت، هتف آلاف العراقيين المشاركين في مواكب الزوار خلال إحياء ذكرى الأربعينية في مدينة كربلاء، بشعارات مناهضة للحكومة في استجابة لرجل الدين النافذ الذي أصدر بيانا قال فيه "عزمتم أمركم على أن تتظاهروا في 25 من تشرين الأول/أكتوبر، وهذا حق من حقوقكم".

وأضاف أن "العراق أمانة في أعناقكم، فلا تضيعوه، وإن شئتم الإحجام عن الثورة (...) فلكم ثورة أخرى عبر صناديق اقتراع بيد دولية أمينة ومن دون اشتراك من تشاؤون من الساسة الحاليين" الذين قال إنهم "يحاولون تدارك أمرهم (...) لكن لم ولن يستطيعوا، فقد فات الأوان".

الصدر يرمي بثقل أنصاره للمشاركة في الاحتجاجات
الصدر يرمي بثقل أنصاره للمشاركة في الاحتجاجات 

وأكد الصدر في ندائه الأخير على التظاهر بشكل سلمي. وقال "يشيعون أنكم ستحملون السلاح ولا أظنكم ستفعلون، فأنتم غير متعطشين للدماء أيها الثوار الأحرار يا عشاق الإصلاح".

وطالب في الوقت نفسه القوات الأمنية بالابتعاد عن استخدام القوة ضد المتظاهرين.

وتظاهر الآلاف من مؤيدي الصدر في كربلاء لابسين أكفانهم، وهم يهتفون "كلا كلا للفساد (...) نعم نعم للإصلاح"، كما هتفوا ايضا "بغداد حرة حرة، يا فاسد إطلع برّة".

وردت اللجنة المسؤولة على المظاهرات التي ستقام الجمعة، على دعوات الصدر بـ"تقديرها لدوره في دعمهم و الوقوف معهم في مطالبهم، لكنّها "حمّلُته أيضا الجزءَ الأكبرَ من اخفاقات هذه الحكومة، لكونه اللّاعب الأقوى بين القوى السّياسية التي جاءت بها".

وطالبت اللجنة جميع الأحزاب والتّيارات إلى دعم مطالب المحتجين وتبنيها تحت قبة البرلمان وعبر الضغط على الحكومة فقط، بعيدا عن النزول إلى الشارع حتى لا يتم الزج بالمطالب في التجاذبات السياسية أوالطائفية.

وغرد ناشط على تويتر "كان على الصدر أن يكتفي بالاعتذار عن فشل مشاركته في العملية السياسية ويطلق يد أنصاره ويعترف أنه كان جزءا من مأساة العراقيين باعتباره أحد أبرز أركان العملية السياسية".

وعلق آخر على تويتر "وأنا أقرأ تغريدات مقتدى الصدر أرى العجب ففيها أنهيار تام فهو يعترف بفساد الطبقة السياسية التي هو جزء منها ويحاول أن يركب موجة التظاهرات باستحياء ويعرج على صناديق الاقتراع التي تفصلنا عنها ثلاث سنوات".

ويخشى المتظاهرون العراقيون أن يكون مصير احتجاجاتهم هذه المرة نفس مصير احتجاجات عام 2016، حينما دخل آلاف المحتجين كان غالبيتهم من  التيار الصدري إلى المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، لكن مطالبهم ذهبت طي النسيان بسبب أوامر صدرت من الصدر نفسه بالانسحاب على إثر تسوية سياسية.

ويقول مراقبون للشأن العراقي إن الاحتجاجات الحالية خرجت فعليا عن سيطرة الحكومة وحتى الجهات الموالية لإيران خصوصا بعد فشل الأجهزة الأمنية وحتى الميليشيات في قمع المحتجين لثنائهم عن مواصلة الحراك المناهض للحكومة، وهو ما اضطر البعض من السياسيين والأحزاب لمحاولة اختراق التظاهرات عبر المشاركة فيها وتبني مطالبها.