منظمة دولية تدعو السوداني لدعم مبادرة حظر الاستغلال السياسي للأديان
لندن - وجهت 'بيبيور انترناشونال'، ومقرها بريطانيا رسالة مفتوحة إلى رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، تدعوه لمساندة حملة عالمية لتشريع معاهدة دولية لحظر الاستغلال السياسي للأديان.
وأرجعت الرسالة سبب الدعوة إلى كون المبادرة التي انطلقت قبل خمسة أعوام، ذات هوية عراقية، لأن مؤسسها هو الكاتب العراقي البريطاني سلام سرحان.
وقد أصبحت المبادرة اليوم على الأجندة الدولية لأنها تقدم معالجة بسيطة وشاملة لجذور أسباب الصراعات الدينية من خلال معاهدة دولية تستند إلى قيم العدالة الأساسية في حظر كل أشكال استخدام الأديان في انتهاك حقوق الآخرين وهو ما جعلها موضع ترحيب عالمي متسارع، لكونها تنسجم مع سياسات جميع الدول المسؤولة والمعتدلة في العالم.
وهي تنتظر اليوم صدور قرار وشيك بدعمها من قبل مجلس أوروبا، استغرقت مداولاته مدة عامين، ولديها تأييد رسمي وبرلماني في أكثر من ثمانين دولة وحوار مباشر مع عشرات الحكومات وفي مقدمتها دول عربية وإسلامية.
وقد سبق للمغرب استضافة مؤتمر عالمي لدعمها وتستعد لعقد مؤتمر دولي في مجلس الشيوخ الإيطالي لبناء تحالف دولي يرسم مسار طرح المعاهدة المقترحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأثنت 'بيبيور انترناشونال'، في الرسالة المفتوحة، على اهتمام السوداني بالمبادرة والتواصل اللاحق مع ممثليها في العراق، مشيدة أيضا بدور رئيس الوزراء العراقي "في وضع العراق على مسار الاستقرار والازدهار وفي تخفيف حدة الأزمات والصراعات في المنطقة".
وأوضحت أن "هذه المبادرة تنطلق من أقصى احترام لجميع الأديان، ومن جوهر قيمنا الدينية والثقافية. وهي تراعي كل ذلك بعناية فائقة وتترجمه إلى معايير دولية واضحة وبسيطة لحظر الاستغلال السياسي لقدسية الأديان. وهي تنسجم تماماً مع الدستور العراقي ومع سياسات جميع الدول المسؤولة والمعتدلة في العالم".
وأشارت إلى أن "قوة المبادرة تكمن في بساطتها وفي استحالة رفضها من قبل أي حكومة أو طرف سياسي، لأن ذلك يعني اعترافهم باستغلال الأديان في انتهاك حقوق الآخرين. وهي قادرة على استمالة حتى الأطراف المتشددة نحو التسامح والاعتدال. ولذلك فهي تبني إجماعاً عالمياً فريداً، تتصدره الزعامات الدينية، التي هي الأكثر حماساً لتأييدها، وفي مقدمتهم أبرز الزعامات الدينية العراقية".
وجاء في الرسالة المفتوحة الموجهة للسوداني أم هذه المبادرة "خطوة استباقية عراقية تقدم للعالم درساً في كيفية التعامل مع هذه المشكلة وفق قيمنا ومبادئنا، بدل أن تأتينا حلول مخلوطة بسموم مثيرة للجدل. وهناك دلالة تاريخية كبيرة في أن تأتي من العراق، مهد الحضارات الأولى وأرض المقدسات، التي عانت طويلاً من الاستغلال السياسي للأديان".
واعتبرت أن توقيت الرسالة مثالي باعتبار أنها تأتي بينما يقف العراق على أعتبا انتخابات تشريعية مصيرية وأن "حظر الاستغلال السياسي للأديان هو ما يصبو إليه أغلب العراقيين".
وعبر المؤسس والأمين العامل منظمة 'بيبيور انترناشونال' عن ثقة منظمته بأن الاهتمام من قبل رئيس الوزراء العراقي بالمبادرة "سيحفز ملايين العراقيين على التصويت في الانتخابات المقبلة، بعد أن كان ذلك الاستغلال سبباً لامتناع غالبيتهم عن التصويت في الانتخابات السابقة".
وقالت المنظمة في رسالتها "لدينا تطورات وشيكة مع قرب صدور قرار عن مجلس أوروبا، يطالب دول المجلس (46 دولة) بدعم وتبني المبادرة على الساحة الدولية. كما نستعد لعقد مؤتمر دولي في مجلس الشيوخ الإيطالي في 25 أيلول المقبل، يجمع مسؤولين وبرلمانيين وشخصيات عالمية من عشرات الدول، لتشكيل تحالف دولي لدعم المبادرة ورسم مسارها نحو الأمم المتحدة".
وتابعت "نحن نطمح أن يكون للعراق حضور قيادي في مؤتمر روما، لأننا نتوقع أن يشهد إعلاناً عالمياً تاريخياً. وقد بعثنا دعوة رسمية لدولتكم ومن ينوب عنكم لحضور المؤتمر وعرض التجربة العراقية الفريدة في دحر الإرهاب، وإنقاذ العالم من أخطر عصابة إرهابية في العصر الحديث".
كما أوضحت أنه سيكون هناك مقترحات أخرى لعقد مؤتمرات في عدة دول، معبرة عن طموحها بأن تحتضن بغداد مؤتمرا بعنوان "معايير دولية لنزع أسلحة التطرف" يجمع أبرز داعمي المبادرة من مختلف دول العالم، من أجل تعزيز الهوية العراقية للمبادرة، مضيفة أن ذلك سيعزز حضور العراق الاقليمي والدولي من خلال قيادة العالم لمعالجة أخطر مشاكله في العقود الأخيرة.
ولفتت إلى أن "هذه المبادرة بمثابة ميثاق شرف عالمي لعدم استخدام الأديان كسلاح ضد الآخرين. وتأتي بصيغة معاهدة وقانون دولي، بدل مئات المواثيق والاعلانات العالمية غير الفعالة والتي تخلط أحيانا السم بالعسل. وهي لا تسعى لفصل الدين عن الدولة أو السياسة، بل تحذر من كونه يلحق ضررا كبيرا بهوية واستقرار الشعوب ويعطي ذخيرة مجانية للمتطرفين. وهو مثار جدل حتى في جميع الدول الغربية".
وقالت المنظمة إنه "من الصعب اختزال تأثير المعاهدة المقترحة، لكن جميع مؤيديها يؤمنون بأنها ستعالج جذور أسباب أخطر الصراعات الدينية في منطقتنا والعالم، من خلال ترجيح كفة الاعتدال وسيادة القانون. وهي بذلك تخدم جهودكم على الساحة المحلية والإقليمية والعالمية في إرساء قيم العدالة والتسامح والتعايش السلمي".
وشددت على أن تبني الحكومة العراقية للمبادرة العالمية لتشريع معاهدة دولية لحظر الاستغلال السياسي للأديان على الساحة الدولية، "يعطي الدبلوماسية العراقية الدور القيادي في صياغة الملامح النهائية للمعاهدة المقترحة، وهي الأقدر على حماية جوهر رسالتها العادلة وتفادي قيام أطراف أخرى بإقحام قضايا مثيرة للجدل. ويمكنكم أن تتخيلوا تأثيرها على كل محاور الصراع في المنطقة".
وخلصت إلى أن هذه المبادرة "ستساهم في استقرار منطقتنا والعالم وتعزز مكانة العراق على الساحة الدولية. وهي بحاجة إلى مساندتكم في هذه المرحلة المتقدمة من الحوار الرسمي مع عشرات الحكومات والمنظمات العالمية"، معربة عن تطلعها لعرضها (المبادرة) على السوداني ومعبرة عن ثقتها بأن دعمها "سيكون له دور حاسم في تشريع معاهدة تاريخية تسهم في جعل العالم أكثر تسامحاً وأكثر عدلاً وسلاماً للجميع".