موجات الحر الشديدة تبهج مزارعي النخيل بالبصرة

المزارعون يؤكدون أن ارتفاع درجات الحرارة يعجل بنضوج التمور ويرفع إنتاجية النخيل وجودة ثمارها.

البصرة (العراق) - على عكس كثير من المزارعين الذين تتلف الحرارة الشديدة في العراق محاصيلهم هذا الصيف، يقول مزارع النخيل العراقي عباس علي عبداللطيف إنه ينتظر الجو الحار في موسم الصيف هذا "على أحر من الجمر".

فكلما زاد ارتفاع درجات الحرارة التي تصل هذه الأيام إلى نحو 50 درجة مئوية في البصرة بجنوب العراق، كلما زادت سعادة عبداللطيف، لأن الحرارة تُعّجل بنضوج محصول التمر على شجر النخيل الذي يزرعه، كما أنها تسهم في زيادة إنتاج النخيل وكذلك زيادة جودته.

وأكد عبداللطيف أن مزارعي التمور أشد الناس تعلقا بهذه الحرارة التي لا تطاق وتعطل الكثيرين عن أشغالهم، فهي تخدمهم، وفق قوله في نضج التمر، موضحا أن شدة الحر أحرقت أوراق بعض النباتات، لكنها ساعدتنا في رفع إنتاجية النخيل".

وأضاف "النخيل على عكس بقية الأشجار يستفيد كثيرا من الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، لذلك فنحن مستبشرين بهذا الارتفاع كثيرا، إذ أننا لم نحصل فقط على كميات أعلى من التمور بل وبجودة أعلى من المعتاد، فارتفاع درجات الحرارة وإن كان أثر سلبا على بقية المحاصيل، إلا أنه كان ذا فائدة كبيرة على النخيل".  

ويضاف إلى كل ذلك أن ارتفاع درجات الحرارة يساعد عبداللطيف وبقية مزارعي التمور على استخراج وإنتاج شراب التمر المعروف باسم "دبس دمعة" وهو شائع بين مستهلكيه، والذي يحتاج إلى الكبس والترك تحت أشعة الشمس.

وعن هذه العملية يقول عبداللطيف "نستفيد من موجة الحرارة المرتفعة أيضا في صنع عسل التمر المعروف بين الكثيرين باسم دبس دمعة، وهو مشروب لا يمكن الحصول عليه دون ارتفاع في درجات الحرارة، لأن التمر يؤخذ ويوضع في مكابس ويعرض لأشعة الشمس، وكلما كانت أشعة الشمس مرتفعة كلما حصلنا على نوعية جيدة من الدبس".

ويشير عبدالعظيم كاظم عبدالكريم، مدير قسم النخيل في مديرية زراعة البصرة، وهو يقطف ثمارا من نخلة في بستان، إلى نخلة حلاوي وهو نوع من أنواع النخيل، قائلا "أغلب ثمارها تميل للون الأصفر وقسم منها تحول بالفعل إلى رطب، وهو حال أغلب النخيل في محافظة البصرة بسبب بلوغ درجات الحرارة الخمسين درجة مئوية، في حين هذه النتائج قد تتأخر من 10 إلى 15 يوما بعد حتى يصل هذا المستوى من النضج في بقية المحافظات الأخرى، وذلك بسبب انخفاض درجات الحرارة بها، فهذه الثمرة حتى تتحول من اللون الأخضر إلى الأصفر تحتاج ما يسمى بالتجميع الحراري وهو يبلغ بمنطقتنا درجات تفوق بقية المناطق".

وارتفعت درجات الحرارة العالمية الأسبوع الماضي إلى مستويات قياسية تاريخية تسببت في إشعال حرائق غابات، بينما غمرت أمطار غزيرة مدنا في أنحاء المعمورة.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن العراق هو خامس أكثر دول العالم عرضة لتداعيات أزمة تغير المناخ والتصحر.

ويتسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في تصحر الأراضي الزراعية ويجعل أجزاء كبيرة من العراق لا تكاد تصلح للسكن خلال أشهر الصيف.

وسجلت البلاد درجات حرارة قياسية بلغت 52 درجة مئوية على الأقل في السنوات الأخيرة.

إلا أن العراق يسجل تراجعا في أرقام نسبة إنتاج التمور سنويا، بعد أن كانت حصته تتجاوز 10 في المئة من حجم الإنتاج العالمي، وفق بيانات حكومية، بينما لا تتجاوز حاليا 5 في المئة.

وتشير إحصاءات رسمية لعام 2023، أن عدد النخيل في العراق بلغ أكثر من 20 مليون شجرة منتجة، نزولا من قرابة 32 مليونا في ثمانينيات القرن الماضي.

ويعتبر العراق من أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم، إذ كان أول ظهور موثق لشجرة نخيل التمر في العالم في مدينة اريدو التاريخية جنوبي البلاد (حوالي 4000 ق.م) والتي كانت منطقة رئيسية لزراعة نخيل التمر.

وتضرر القطاع الزراعي العراقي بصفة خاصة خلال السنوات القليلة الماضية وهو أمر تمكن ملاحظته على نطاق أوسع في بساتين النخيل العراقية، حيث جفت الأشجار وذبلت من جراء نقص المياه والعواصف الرملية الكثيفة التي تهب على البلاد من حين لآخر.

وأصيب العديد من أِشجار النخيل العراقية بالأمراض على مر الأعوام وتحول لون سعف بعضها إلى البني وظهر على البعض الآخر عفن أبيض يشبه خيوط العنكبوت.