موجة تمرد في وحدات أمنية وعسكرية إسرائيلية رفضا للتعديل القضائي

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يطرح مسألة تصاعد رفض الخدمة التطوعية على طاولة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، محذرا من العواقب.
مخاوف إسرائيلية من تأثير الاحتجاج على استعداد الجيش للحرب

القدس - تتصاعد تهديدات ضباط وجنود احتياط في مختلف الأسلاك الأمنية الإسرائيلية، بما فيها وحدات النخبة العسكرية والمخابرات وسلاح الجو، بإنهاء تطوعهم وعدم الاستجابة لدعوات التجنيد في حال مضي الحكومة قدما في إقرار تشريعات ما تسميه "الإصلاح القضائي" المثير للجدل.
وفي الأيام الأخيرة أعلن مئات من ضباط وجنود الاحتياط أنهم لن يلبوا نداء التطوع في حال إقرار مشاريع القوانين التي تقول المعارضة إنها "تحول إسرائيل إلى دكتاتورية".
ووضع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي اليوم الثلاثاء المسألة على طاولة لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، محذرا من العواقب.
وقال في بيان "تتطلب الجبهات المختلفة البعيدة والقريبة على حد سواء من الجيش الإسرائيلي أن يبقى متيقظا لتعزيز الردع ومن أجل النجاح في الحفاظ على واقع جيد لمواطني ولدولة إسرائيل".
وأضاف "تتطلب التحديات الأمنية في الوقت الراهن استعدادا عاليا"، مشيرا إلى أن "استعداد الجيش الإسرائيلي هو مزيج من الكفاءة والتماسك، حتى عندما يكون هناك توتر بينهما، وبالتالي فإن أمرنا هو الحفاظ على هذين الاثنين معا بأفضل طريقة ممكنة".
واعتبر هاليفي أن "كل من يدعو إلى رفض الخدمة العسكرية خلال هذه الأيام يضر بالجيش الإسرائيلي، كما يضر بأمن الدولة".
ولا تخفي الحكومة انزعاجها من تصاعد دعوات رفض الخدمة العسكرية لضباط وجنود الاحتياط مع تصميمها على المضي قدما بإقرار مشاريع قوانين التعديلات القضائية.
وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الاثنين بقوله "في الديمقراطية يخضع الجيش للحكومة المنتخبة وليس العكس، بينما في النظام العسكري تكون الحكومة تابعة للعسكر، أو بشكل أكثر دقة لمجموعة داخل الجيش".
وتابع "التحريض على رفض الخدمة ورفضها يهددان بشكل مباشر أمن جميع مواطني إسرائيل، إنه يقضي على ردع أعدائنا، الذي يمكن أن يتطور بسهولة إلى عدوان علينا ويقوض الانضباط داخل الجيش وهو أساس وجود الجيش في المقام الأول".
واعتبر أن "عدم الخدمة أو التلويح بعدم الخدمة في حال تمرير مشاريع قوانين الإصلاح القضائي هي إملاءات"، قائلا "لن يقبل أي بلد ديمقراطي مثل هذه الإملاءات، فهي نهاية الديمقراطية".
وأضاف "لن تقبل الحكومة رفض الخدمة وستتخذ إجراءات ضد ذلك وستلجأ إلى جميع الخطوات اللازمة لضمان أمننا ومستقبلنا" دون تفاصيل حول الخطوات التي يلوح بها، غير أن أقوال نتنياهو لم تجد تأييدا في أوساط القادة الأمنيين السابقين.
وقال تامير هايمن، القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية "نحن في أيام مصيرية بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي وأيضًا لمستقبل الجيش كجيش الشعب".
وحذر هايمن في تغريدة على تويتر الاثنين من أن الجيش "معرض لخطر جسيم وملموس من التفكيك"، مضيفا "لعبة اللوم أقل أهمية من مسؤولية تصحيح الوضع. لا شك هنا، أن الحكومة مسؤولة سواء لأنها البادئ بالتغييرات ولأن السلطة والقدرة على تصحيح الوضع في يديها وحدها".
وأشار هايمن إلى أن "قدرة الجيش تعتمد على أداء مهامه على جميع التشكيلات وتعتمد إلى حد كبير على نموذج المتطوعين، من طيارين وجنود إلى ضباط في الوحدات الميدانية والوحدات الخاصة".
وقال "إن استخدام الجيش الإسرائيلي كأداة للضغط العام هو سلاح ليوم القيامة. وكما في حالة الأسلحة النووية، في النهاية يخسر الجميع".

القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية: "نحن في أيام مصيرية بالنسبة إلى مستقبل الجيش"

وأضاف "هذه هي الفرصة الأخيرة للتوقف، وبصفتي شخصا يحب الجيش ويحرص على مصيره أدعو إلى وقف فوري للتشريع الأحادي وأن تسعى جميع الأطراف إلى تحقيق اتفاق واسع".
إلا أن المحلل العسكري بصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، أشار في مقال تحليلي إلى أنه "في هيئة الأركان العامة قلقون من الأضرار الفورية التي تسببها أزمة الانقلاب القضائي على التماسك الداخلي بوحدات الجيش".
وقال "حسب أقوال ضباط كبار فإن الأضرار في هذا المجال أصبحت ملموسة، في حين أن الضرر المحتمل على الكفاءة العملية للجيش بشكل عام وسلاح الجو بشكل خاص، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار".
وأضاف "في الأيام الأخيرة أعلن عدد متزايد من جنود الاحتياط أنهم سيتوقفون عن التطوع في الخدمة بسبب التشريع الشامل، ولا سيما التعديل الذي يلغي معيار المعقولية".
ولفت هارئيل إلى أنه "في مناقشات أخيرة تناول ممثلو هيئة الأركان العامة كقضايا منفصلة، تأثير الاحتجاج على استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب وتأثيره على تماسك الوحدة".
وقال "قدم رئيس الأركان هاليفي مؤخرًا، بما في ذلك إلى مجلس الوزراء، ما أسماه بالخط الأحمر عدد الطيارين الاحتياطيين والملاحين الذين ستؤدي خدمتهم المتوقفة إلى إلحاق أضرار جسيمة بالاستعداد القتالي للقوات الجوية الإسرائيلية".
وأضاف هارئيل "يدور الحديث عن بضع مئات، حتى لو كان الرقم الدقيق الذي شمله التقرير منع نشره، يقول الجيش الإسرائيلي إن مثل هذه الأضرار لم تتحقق بعد، حيث أن معظم الطيارين الذين يفكرون في إنهاء خدمتهم التطوعية لم يفعلوا ذلك بعد، لكن الجيش يدرك أن الواقع يمكن أن يتغير بسرعة، في ضوء التصعيد الوشيك للأزمة السياسية والدستورية".
وتابع "يعتقد الجيش أن الانقسامات السياسية القوية تتسرب بالفعل إلى وحدات الاحتياط وتضر بالأجواء فيها والمحتوى والعلاقات بين الجنود وقادة المواقع المختلفين، الأضرار في هذا الصدد محسوسة بالفعل".
ولفت إلى "توسع ظاهرة التلويح برفض الاستجابة لطلبات الخدمة الاحتياط في الأيام القليلة الماضية"، قائلا "أعلن عشرات من ضباط الاتصالات في فرع المعالجة عن بعد بالجيش أنهم سيتوقفون عن التطوع في الخدمة الاحتياطية احتجاجا على قانون الإصلاح القضائي".
ومن المتوقع أن "يقوم مئات ممن تطوعوا للخدمة الاحتياطية في الفيلق الطبي بالجيش بما في ذلك المسعفون والأطباء وخبراء الصحة العقلية بإبلاغ المدير الطبي إيلون جلاسبيرغ بنيتهم في التوقف عن التطوع للخدمة" وفق هارئيل.
وأردف "بالإضافة إلى ذلك، أبلغ مئات من جنود الاحتياط الآخرين وحداتهم بأنهم لن يقوموا بالخدمة الاحتياطية".
وزاد "لقد أولت قيادة الجيش الإسرائيلي أهمية كبيرة لقرار الطيارين الاحتياطيين، الذي يشكل بالفعل تهديدًا كبيرًا للاستعداد للعمليات، لكن أصبح من الواضح أن الضرر قد يكون أكبر مما كان يعتقد سابقًا".
وقال "يدرك كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي أن هناك تهديدًا على التماسك، لأن عشرات أو مئات من جنود الاحتياط المفقودين قد يؤدي إلى ضرب هيكل الوحدة بأكملها. مصدر قلق آخر هو فقدان المعرفة والخبرة القيمة التي تسبب بها العديد من أفراد الاحتياط الذين يغادرون وحداتهم".
وتصاعدت الاحتجاجات في إسرائيل مع استعداد الحكومة لتمرير مشروع قانون "الحد من المعقولية" بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست (البرلمان).
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن مشروع القانون سيحد في حال إقراره من سلطة المحكمة العليا في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية.
وأعلنت جهات منظمة للاحتجاجات المستمرة في إسرائيل منذ 28 أسبوعا عن تنظيم "يوم المقاومة" اليوم الثلاثاء، للاحتجاج على خطط التعديلات القضائية.
وبينما يدافع نتنياهو عن خطته ويصفها بـ"إصلاح القضاء"، تقول المعارضة إن التشريعات التي تدفع بها الحكومة تحد من السلطات القضائية وخاصة المحكمة العليا وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد.