ميليشيات مسلحة تهاجم نائب السراج لدعمه حفتر

الهجوم على مقر إقامة فتحي المجبري عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية واختطافه ثم الإفراج عنه يأتي بعد بيان عبر فيه المجبري عن دعمه لعمليات الجيش الوطني في استعادة السيطرة على الموانئ النفطية.

المجبري من دعاة إشراك حفتر في العملية السياسية
الهجوم يكشف عن انقسامات عميقة تشق المجلس الرئاسي
المجبري ندد مرارا بتهميش شرق ليبيا
الحكومة المؤقتة بشرق ليبيا تدين انفلات السلاح في طرابلس

تونس - قالت وزارة العدل الليبية اليوم الأربعاء إن مسلحين مجهولين هاجموا مقر إقامة نائب رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بعد ساعات من بيان عبر فيه عن تعاطفه مع تحرك فصائل من شرق ليبيا لتحرير موانئ نفطية كانت سيطرت عليها ميليشيات مسلحة.

وهاجم المسلحون مقر إقامة فتحي المجبري نائب رئيس الحكومة المعترف بها دوليا مساء الثلاثاء في ساعة متأخرة وترددت أنباء عن خطفه.

وقال مصدر مقرب من المجبري طالبا عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية "لم يخطف أو يحتجز لكن كانت هناك معركة جسدية، حارسه مصاب بجروح خطيرة ويتلقى العلاج في المستشفى".

إلا أن بيان صادر عن قيادة الجيش الوطني الليبي يهنئ فيه بالفراج عن المجبري، يؤكد أنه تعرض للاختطاف.

وأشار المصدر إلى أن الهجوم ربما له علاقة ببيان مكتوب أصدره المجبري قبل ذلك بساعات وعبر فيه عن تفهمه لتحرك الجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر ويتخذ من شرق البلاد مقرا له بهدف تسليم السيطرة على موانئ نفطية إلى مؤسسة نفط وطنية موازية في الشرق بدلا من المؤسسة الوطنية للنفط المعترف بها دوليا ويقع مقرها في طرابلس.

والجيش الوطني الليبي هو القوة التي لها اليد العليا في شرق البلاد وهو مدعوم من الحكومة المؤقتة بقيادة عبدالله الثني وبرلمان طبرق برئاسة المستشار عقيلة صالح، اللذين انتقلا إلى الشرق وسط الاضطرابات التي أعقبت الانتفاضة الليبية عام 2011.

وحاول المجبري وهو من الشرق، أن يكون جسرا بين فصائل الشرق وحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس في غرب ليبيا مقرا لها.

وسيطرت جماعة مسلحة أخرى هذا الشهر على اثنين من موانئ النفط الكبرى في الشرق، هما رأس لانوف والسدرة، لكن الجيش الوطني الليبي استعاد السيطرة عليهما بعد قتال دام أسبوعا.

وسمح الجيش الوطني الليبي للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس بتشغيل المرفأين منذ العام 2016، لكنه قال يوم الاثنين بعد أحدث معركة للسيطرة عليهما إنه يرغب الآن في منع وصول إيرادات النفط إلى أيدي فصائل مسلحة تنفقها في مهاجمته في نهاية الأمر.

وقالت فصائل في شرق مرارا إنها لا تحصل على نصيب عادل من إيرادات النفط التي تنقل عبر البنك المركزي في طرابلس.

وحاولت من قبل تصدير النفط بمفردها لكن عدم اعتراف العالم بها حال دون إتمام أي صفقة.

وفي بيانه، عبر المجبري عن تفهمه لقرار الجيش الوطني الليبي في ضوء ما وصفه بالإقصاء والتهميش الممنهج و"عدم العدالة" في توزيع موارد البلاد.

وكشف البيان عن خلافات قائمة منذ وقت طويل داخل قيادة حكومة الوفاق الوطني التي أصدرت بيانا منفصلا يوم الثلاثاء أدانت فيه ما قام به الجيش الوطني الليبي ودعت الأمم المتحدة إلى منع عمليات البيع غير القانونية للنفط.

 

وأكدت وزارة العدل التابعة لحكومة الوفاق الوطني أن جماعة مسلحة مجهولة هاجمت منزل المجبري وأصابت أحد أفراد طاقمه الأمني.

ولم تذكر الوزارة سببا للهجوم لكنها قالت إن المجبري لم يصب بأذى وفي مكان آمن.

واستهدفت الفصائل المسلحة التي تتولى السلطة الفعلية في طرابلس وبعضها مناهض لحفتر بشدة، شخصيات بارزة من بينها سياسيون.

ولا يزال مرفآ رأس لانوف والسدرة مغلقين مما تسبب في فقد إنتاج نحو 450 ألف برميل يوميا أي قرابة نصف إنتاج ليبيا النفطي.

وفتحي المجبري عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من أبرز الشخصيات الداعمة لمدنية الدولة ولإنهاء الانقسامات السياسية وسبق أن دعا في 2017 إلى إشراك المشير خليفة حفتر في أي تسوية سياسية.

لكن حكومة فايز السراج تصفه بـ"عضو المجلس الرئاسي غير الدستوري"، ما يشير الى الانقسامات العميقة داحل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية.

كما أشاد المجبري مرارا بعمليات الجيش الوطني الليبي في مواجهة الجماعات الإرهابية في الشرق وأيضا لتأمينها حقول النفط وتحريرها من قبضة ميليشيات مسلحة.

وفي الخامس من يونيو/حزيران تقدم المجبري بالشكر للقائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر لجعله موارد النفط متاحة لكل الليبيين.

وكان يشير حينها إلى تأمين قوات الجيش الليبي للحقول والموانئ النفطية ما رفع إنتاج النفط بشكل لم يكن متوقعا بعد سنوات من سيطرة ميليشيات إبراهيم الجضران قائد ما يسمى بحرس المنشآت النفطية على أهم مورد مالي للبلاد.

وفي مؤتمر صحفي عقد حينها على هامش الاجتماع الثامن للإصلاح الاقتصادي في تونس، قال المجبري "أتقدم بالشكر للجيش الوطني الليبي بقيادة القائد العام المشير خليفة حفتر الذي جعل موارد النفط متاحة لكل الليبيين لكي نتمكن من الجلوس هكذا جلسة ونحدث عن الإصلاح".

ولم تلق مواقف المجبري على ما يبدو استحسانا من قبل بعض الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج.

ورغم أن السراج التقى بالمشير خليفة حفتر في اجتماع رعته باريس في الفترة القليلة الماضية واتفقا على حلحلة الأزمة وإنهاء الانقسام ضمن جهود أممية لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، إلا أن الهجوم الأخير على مقر نائبه فتحي المجبري ومحاولة اختطافه تسلط الضوء على انقسامات عميقة حتى داخل حكومة السراج.

وواجهت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، انتقادات حادة بسبب عجزها عن لجم سلاح الميليشيات وعن معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة.

وترى مصادر ليبية وعربية ودولية أن فرص نجاح الحكومة المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في ديسمبر/كانون الأول 2016، في إعادة الاستقرار إلى ليبيا وتوحيد مؤسسات الدولة وبناء قوات جيش وشرطة قوية، ضئيلة.

وأشارت تلك المصادر إلى أن مفتاح الأزمة الليبية يكمن في إشراك جميع القوى في حكومة وحدة وطنية.

وطرح اسم المشير خليفة حفتر كرقم صعب في معاجلة التسوية الليبية، إلا أن الخلافات العميقة بين السلطتين في غرب وشرق ليبيا حالت حتى الآن دون تحقيق أي نتائج.

وأدانت الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا الأربعاء على صفحتها الرسمية بفايسبوك انفلات السلاح في العاصمة طرابلس.

 وقالت "تتابع الحكومة الليبية المؤقتة بقلق بالغ الأنباء المتداولة حول اختطاف عضو المجلس الرئاسي غير الدستوري الدكتور فتحي المجبري ومرافقه وتعرض حراسه لإصابات بأعيرة نارية أطلقها عليهم مسلحون مجهولون الذين اقتادوا المختطفين إلى مكان مجهول".

وأضافت "في الوقت الذي نعرب فيه عن أملنا بعودة المختطفين سالمين إلى أهليهم، نؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن طرابلس ما تزال تئن تحت وطأة الجماعات المسلحة الإجرامية منها والإرهابية المتطرفة".

وأشار البيان إلى أن "بيان السيد الدكتور فتحي المجبري حيال خطوة القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية بتسليم المنشآت النفطية في شرق البلاد للمؤسسة الوطنية للنفط في الحكومة المؤقتة، ما هو إلا وقوف منه إلى جانب شريحة واسعة لإقليم كامل يمثلها المجبري في الاتفاق المزعوم".

واستنكرت الحكومة ما وصفته بـ "التصرف الأرعن من هذه الجماعات المسلحة والذي يدل دلالة قطعية على أن قرار القيادة العامة كان في الاتجاه الصحيح"

وحملت الحكومة المؤقتة في شرق ليبيا المسؤولية القانونية والجنائية لرئيس المجلس الرئاسي فايز السراج و بعثة الأمم المتحدة في حال تعرض المجبري ومن معه  لأي أذى.

واختتمت بيانها بالقول "على المجتمع الدولي أن ينظر بعين الاعتبار لما يحدث بمدينة طرابلس جراء سيطرة الميليشيات على القرار السياسي والأمني  وهو ما يعرض حياة المواطنين ووحدة وسلامة ليبيا للخطر".

وداء بيان الحكومة المؤقتة بشرق ليبيا قبل أن يعلن عن الإفراج عن المجبري ومرافقيه.

وفي المقابل عقدت حكومة الوفاق الوطني اجتماعا طارئا حول التطورات الأخيرة في الهلال النفطي بعد نجاح الجيش الوطني الليبي في طرد ميليشيات مسلحة كانت سيطرت على الموانئ النفطية.

وأدان المجلس الرئاسي الليبي في بيان نشره على صفحته بفايسبوك تسليم الجيش الليبي ادارة موانئ النفط إلى المؤسسة الوطنية للنفط في شرق البلاد.

واعتبر أن الإجراء يشكل اعتداء على الصلاحيات والاختصاصات المخولة لمؤسسة النفط الليبية في طرابلس.