
نتنياهو يمارس سياسة الهروب إلى الأمام في معركة التعديلات القضائية
واشنطن - أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الاثنين إدخال تحسينات على خطة حكومته اليمينية لإخضاع السلطة القضائية بذريعة إدخال إصلاحات عليها، فيما يأتي هذا الإعلان بعد اتصال تلقاه من الرئيس الأميركي جو بايدن لبحث التوصل إلى تسوية وتوافق في الأزمة الدستورية وتهدئة احتجاجات اجتاحت البلاد قبل أكثر من شهرين، في ظل مخاوف عبّر عنها حلفاء في الغرب وقوبلت بتشنج من طرف وزراء الحكومة الأكثر تشددا في تاريخ إسرائيل.
وضغط الرئيس الأميركي على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتحقيق تسوية سياسية بهدف الحفاظ على الديمقراطية بعد تصاعد التوتر المتعلق بالإصلاحات القضائية فيما تحذر المعارضة الإسرائيلية من تداعيات تمسك الحكومة بخيارها.
وقال بايدن الأحد لنتنياهو إن القيم الديمقراطية سمة مميزة للعلاقات الأميركية الإسرائيلية، موضحا إنه يؤيد التوصل إلى حل وسط بشأن إصلاحات قضائية مثيرة للجدل.
لكن الخطة المحسنة قوبلت باستياء من أحزاب المعارضة المنتمية إلى تيار يسار الوسط متوعّدة بتصعيد المظاهرات، في حين تراجعت قيمة الشيقل، المترنح بالفعل، 0.4 في المئة أمام الدولار بينما فتحت بورصة تل أبيب على انخفاض 0.3 في المئة، فيما وصف بعض المشرعين في الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو التحسينات بأنها "استسلام".
وكان يبدو أن نتنياهو الذي يتمتع بأغلبية برلمانية مستعد لتمرير حزمة الإصلاحات قبل عطلة البرلمان (الكنيست) التي تبدأ في الثاني من أبريل/نيسان، إلا أنه وحلفاءه في الائتلاف المكون من أحزاب دينية وقومية أعلنوا إرجاء معظم جوانب الخطة لحين عودة الكنيست للاجتماع في 30 أبريل/نيسان.
ومن شأن مشروع التعديلات القانونية، الذي لا يزال من المقرر التصديق عليه في غضون الأسبوعين المقبلين، أن يغير الطريقة المتبعة في إسرائيل لاختيار القضاة وهو الأمر الذي يثير الجانب الأكبر من الجدل، إذ يتهم معارضون نتنياهو بمحاولة تقويض استقلال المحاكم القضاء، لكن رئيس الوزراء المخضرم، الذي يخضع للمحاكمة بتهم فساد ينفيها، يصرّ على أن هدفه هو إحداث توازن بين دوائر الحكم.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن نتنياهو طمأن الرئيس الأميركي على سلامة النظام الديمقراطي في إسرائيل.
القيم الديمقراطية كانت دائما ويجب أن تظل، سمة مميزة للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل
واستخدم بيان صادر اليوم الاثنين عن الائتلاف الحاكم في إسرائيل لغة أكثر حذرا مقارنة بتلك الواردة في مشروع التعديلات القانونية الأصلي الذي قُدم في الرابع من يناير كانون الثاني. لكن الائتلاف أشار إلى أنه سيواصل النظر في استخدام القضاة في لجنة الاختيار لما وصفه "بحق نقض" الترشيحات لمنصة القضاء.
كما أشار إلى التحسينات التي أُدخلت على مشروع التعديلات القانونية في جلسة مراجعة عقدها الكنيست الأحد، إذ سيزيد عدد أعضاء لجنة الاختيار من تسعة إلى 11 عضوا كما هو مقترح في الأصل ولكن بتشكيل يمنح الحكومة نفوذا أقل.
وكان مشروع التعديلات القانونية الأصلي ينص على أن يضم تشكيل اللجنة ثلاثة وزراء واثنين من نواب أحزاب الائتلاف الحاكم واثنين من الشخصيات العامة تختارهما الحكومة، بما يمنح الحكومة أغلبية سبعة مقابل أربعة في عدد الأصوات.
وفي النسخة المعدلة ستشكل اللجنة من ثلاثة وزراء وثلاثة نواب من الائتلاف وثلاثة قضاة واثنان من نواب المعارضة، بما يعني أغلبية بهامش أقل للحكومة بستة أصوات مقابل خمسة.
كما ينص مشروع التعديلات القانونية المحسن على أنه لا يجوز تعيين أكثر من قاضيين في المحكمة العليا خلال تصويت اعتيادي في جلسة واحدة بالكنيست. ويتعين إقرار أي تعيينات تتجاوز ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء في لجنة الاختيار ومن بينهم قاض واحد على الأقل ونائب معارض واحد على الأقل. وقال بيان الائتلاف "نمد يدنا لكل من يكترث حقا بالوحدة الوطنية وبالرغبة في التوصل لحل يحظى بتوافق".
ورفضت المعارضة الإسرائيلية اليوم الاثنين هذا الاقتراح، مشيرة إلى أن الصيغ المقترحة من الأحزاب المشكّلة للحكومة من شأنها أن تضمن هيمنة للحكومة على اختيار القضاة، ما دفعها إلى المسارعة لرفضها.

وقال زعيم المعارضة، رئيس الوزراء السابق يائير لابيد في تغريدة على تويتر "هذا ليس حلا وسطا، هذا استيلاء سياسي عدائي على النظام القضائي، هذا ما حذّرنا منه منذ اللحظة الأولى".
وأضاف "حالما يمرّ التغيير في لجنة تعيين القضاة، سنقدم التماسًا ضده إلى المحكمة العليا وسيكون أساس الالتماس بسيطًا: إذا تم تمرير هذا القانون، فلن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية".
أما وزير الدفاع السابق، زعيم حزب "الوحدة الوطنية " المعارض بيني غانتس، فقال في تغريدة على تويتر "لن ندخل الغرفة عندما لا يتم وضع لجنة اختيار القضاة على طاولة المناقشة، لن يكون هناك نقاش حول الاتفاقات بشكل منفصل، عندما يكون اختيار القضاة سياسيًا وأحاديًا".
وأضاف "أنا ومعسكر الوحدة الوطنية نرفض اقتراح الائتلاف بشكل قاطع وندعو إلى وقف كل شيء والدخول في مفاوضات بناءً على مخطط الرئيس"، في إشارة إلى الحل الوسط الذي اقترحه قبل أيام الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وتابع "أدعو الفقهاء المحترمين إلى عدم الترشح للمحكمة العليا إذا تم تمرير التشريع، لا توافقوا على أن يتم تعيينهم كقضاة نيابة عن الائتلاف، بدلاً من أن يكونوا قضاة في دولة إسرائيل".
بدورها، قالت زعيمة حزب "العمل" المعارض ميراف ميخائيلي لإذاعة الجيش الإسرائيلي "هذا ليس تليينًا ولا حلاً وسطاً"، فيما قال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض، أفيغدور ليبرمان، في تغريدة على تويتر "الخطوط العريضة المخفّفة التي يروّج لها الائتلاف هي ممارسة احتيالية من قبل الحكومة تتعارض مع جميع القيم الديمقراطية والليبرالية لدولة إسرائيل".
وكان رئيس لجنة الدستور البرلمانية من حزب (الليكود) سيمحا روتمان قال اليوم الإثنين إن "مشروع القانون المعدل لاختيار القضاة يحافظ على المبادئ التي تم انتخاب الائتلاف لإدارة البلاد وهو في الوقت نفسه يبدد مخاوف المعارضة".
ونقلت عنه هيئة البث الإسرائيلية قوله إن التعديل هو "بمثابة يد ممدودة من جديد للجمهور الذي لم ينتخب الائتلاف الحالي" ووجّه كلامه إلى المعارضة قائلا "أنتم تحرقون دولةً هباءً".
وقالت النائبة تالي جوتليف في حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو وهي من الداعمين بشدة للتعديلات القانونية في مقابلة إذاعية "استيقظت على صباح من الاستسلام... استسلمنا".