نجاح "كريستال" يكرس موجة المسلسلات المستنسخة من التركية
دبي – يحافظ مسلسل "كريستال" على تصدره الترند في مواقع التواصل الاجتماعي، متصدرا نسب المشاهدة العالية، وهو من ضمن الأعمال العربية المستنسخة من نظيرتها التركية والتي تحولت إلى ظاهرة بسبب نجاحها الجماهيري، وفي نفس الوقت ينتقدها الكثيرون لابتعادها عن الواقع.
ويعد "كريستال" خامس تجارب تعريب الدراما التركية مؤخرا، ويبدو أن شبكة "إم.بي.سي" السعودية المنتجة للعمل، عملت على تلافي سلبيات الأعمال السابقة وتداركها ما انعكس عبر تفاعل الجمهور مع الأحداث على مواقع التواصل الاجتماعية التي تغص بمقاطع فيديو عن مشاهد المسلسل.
ومسلسل "كريستال" مسلسل لبناني مكون من 90 حلقة، بدأ عرضه في يوليو/تموز الماضي، ويقوم ببطولته نجوم سوريين ولبنانيين مثل محمود نصر، وباميلا الكيك، وستيفاني عطاالله، ولين غرة، ورولا حمادة، وأنجو ريحان، وخالد شباط، وإياد أبو الشامات، وبلال مارتيني. أما الإخراج فقام به التركي هاكان أرسلان في حين شارك بكتابة السيناريو والحوار كل من لبنى مشلح ومي حايك.
والمسلسل مُقتبس من دراما تركية من موسمين عُرضت بين عامي 2014 و2016 بعنوان "حرب الورود"، وحظي بمشاهدات عالية على منصة "شاهد".
وتدور أحداث المسلسل، حول جواد وفاي وعليا، حيث تجمعهم قصة تدور في فلك الحب والانتقام والانكسار، تبدأ بتقديم "جواد" واجب العزاء لـ"عليا" في وفاة والدها، ليلتقي صدفة بـ"فاي" ، والتي تلفت انتباهه فوراً منذ اللقاء الأول، واعتبرته الطبيب الذي أنقذ حياتها إثر تعرضها لحادث سير بسيط، لتتخذ علاقتهما بعد ذلك شكلاً مختلفاً، وتشهد حياة الثلاثة العديد من الصراعات.
ومنذ الحلقات الأولى للمسلسل شهد صدى إيجابيا وصولا إلى الحلقات التي تعرض حليا على قنوات "إم.بي.سي".
ورغم طول عدد الحلقات، تعتبر أحداث العمل تشويقية ومثيرة بسبب السرد الدرامي الذي يأخذ منحا متصاعدا، خاصة في ظل المفاجآت والتغيرات شبه التامة التي تعرّض لها الأبطال، إذ مرّ غالبيتهم بمواقف استدعت منهم التحوّل 180 درجة وهو ما اتفق مع سردية الحب والانتقام، وزاد الإثارة وجعل الأحداث غير متوقعة وبالتالي حافظ على شعبية العمل وضاعف قاعدته الجماهيرية حلقة بعد أخرى.
وجذبت قصة المسلسل الجمهور لأنها مُتخمة بالعديد من الحكايات الفرعية والأبطال الثانويين، وحتى أن المقارنة بين "كريستال" والمسلسل التركي الأصلي المأخوذ عنه "حرب الورود" أتت النتيجة لصالح المسلسل العربي الذي تفوق غالبية نجومه بالأداء، وهو ما لم يتحقق في الكثير من التجارب العربية السابقة.
ومن أحد الأسباب الرئيسية لنجاح العمل، هو أداء أبطاله ويأتي على رأسهم الفنان محمود نصر، الذي قدّم شخصية الدكتور "جواد"، والفنانة باميلا الكيك، التي جسّدت شخصية "عليا" مصممة الأزياء، والفنانة ستيفاني عطا الله، التي تقدم شخصية "فاي" الفتاة الفقيرة الطيبة، التي تعيش مع عائلتها في قصر "عليا كرم"، والتي تحرص على مساعدة الجميع بسبب نيتها الطيبة، كما لفت الفنان السوري خالد شباط أنظار الجمهور له، بشخصية "باسل"، لاسيما أن شخصيته في المسلسل تعاني من متلازمة "أسبرغر" إحدى اضطرابات طيف التوحد الذي يجعله غيرَ قادر على الحركة والحديث بشكل طبيعي.
وجاء لقب الأفضل حسب رأي النقاد والجمهور من نصيب شباط ، بسبب إتقانه لمحاكاة أعراض المرض من صعوبة الكلام والحركة بشكل طبيعي والتصرف بعاطفة طفل صغير.
وفي سبيل إجادة الدور صرح شباط بأنه شاهد ثمانية أفلام يعاني أبطالها من الاضطراب نفسه، كذلك قابل طفلا يُعاني من متلازمة "أسبرغر" وهو الأمر الذي تسبب له بالنهاية إلى الانهيار العصبي ونوبات البكاء الحادة بسبب تأثره بما شاهد، قبل أن يترجم كل ذلك على الشاشة بطريقته الخاصة.
هذا إلى جانب الأداء الرائع والمميز لباقي المشاركين في العمل، منهم: رولا حمادة، لين غرة، خالد شباط، أنجو ريحان، بلال مارتيني، فادي حواشي.. فجميع هؤلاء أقنعوا متابعي العمل بأدائهم الرائع وقدرتهم على تقمص الشخصيات التي يقدمونها خلال الأحداث.
وبدأ التوجه نحو المسلسلات العربية المشتركة المستنسخة من التركية، في العام 2019 باختيار المسلسل التركي "عروس إسطنبول" لتعريبه باسم "عروس بيروت"، وهو العمل الذي جاء من بطولة ظافر العابدين وكارمن بصيبص وحقق نجاحا طوال ثلاث مواسم كان آخرها في 2021.
وساهم نجاح "عروس بيروت" في تشجيع المنتجين على تكرار التجربة وتعريب عدة مسلسلات تركية أخرى وكانت النتيجة عدة أعمال درامية مثل مسلسل "ع الحلوة والمرة" المأخوذ عن "في السراء والضراء" وهو الذي لعب بطولته دانا مارديني ونيكولا معوض وباميلا الكيك، ومسلسل "ستيليتو" المُقتبس عن "جرائم صغيرة" وهو بطولة جماعية نسائية من نصيب كاريس بشار، وديمة قندلفت، وندى أبو فرحات، وريتا حرب، وقيس شيخ نجيب، وسامر المصري.
كما تم تعريب مسلسل "الثمن" الذي لم يحقق النجاح ذاته، وهو من بطولة كل من باسل خياط ورزان جمال ونيكولا معوض واقتبست أحداثه من "ويبقى الحب" أحد أشهر المسلسلات التركية.
ويأخذ الكثير من المتابعين على هذه النوعية من المسلسلات ليست مقتبسة، بل مستنسخة بشكل حرفي وعلى جميع الصعد من نظيرتها التركية، بما في ذلك الصورة والحوار وأزياء الممثلين والممثلات، وهو ما يفقد العمل خصوصيته الإبداعية بالأصل.
ويقول النقاد أن شركات الانتاج انقادت في انتاجها لهذه الأعمال إلى الشعبية الكبيرة التي حظيت بها الدراما التركية منذ أن بدأت موجة الدبلجة، التي كان لها الدور الأكبر بجعل الشاشات العربية تمتلئ بحكايات عن واقع فائق، لا تشبه الشارع العربي ولا تنتمي إليه.