نقاد أردنيون يناقشون كتاب "المأساة الفلسطينية في روايات صبحي فحماوي"

ماجدة صلاح قدمت دراسة علمية جمعت إلى جانب موضوعية العلم ومنهجيته صدق الانتماء الوطني والإنساني.
كتاب جدير بالقراءة والمراجعة والتأمل والحوار
زياد أبولبن: اتّبعت الباحثة منهجا علمياً أكاديمياً

عمان ـ في ندوة مناقشة كتاب "المأساة الفلسطينية في روايات صبحي فحماوي" للدكتورة  ماجدة صلاح، التي أدارها الدكتور الشاعر خلدون منيعم، مقرر لجنة النقد في رابطة الكتاب الأردنيين، وقدم المشاركين فيها، قال أ. د . محمد صالح الشنطي إن كتاب "المأساة الفلسطينية في روايات صبحي الفحماوي" للدكتورة ماجدة صلاح دراسة علمية جمعت إلى جانب موضوعية العلم ومنهجيته صدق الانتماء الوطني والإنساني في كتاب جدير بالقراءة والمراجعة والتأمل والحوار؛ فالعمل الجيد يثير من الأسئلة بقدر ما يقدم من حصاد. وهذا العمل ذو قيمة يستحق الوقوف عنده ومحاورته.
أما الفصل الأول فقد عالجت فيه الكاتبة سيميائية العنوان وحضور المأساة بادئة برواية "عذبة" (2005) ثم رواية "حرمتان ومحرم" ثم "قصة عشق كنعانية" 2009 ورواية "الإسكندرية 2050"  ثم "سروال بلقيس" 2014 ثم "على باب الهوى" 2014 ورواية "الأرملة السوداء" ثم "الحب في زمن العولمة"، و"صديقتي اليهودية 2015"، وبعد ذلك تتبعت حضور المأساة في هذه الروايات بادئة بأشكال المأساة المختلفة من فاجعة التهجير إلى الشتات إلى معاناة الرجل وقتل الطفولة ومعاناة المرأة والمعاناة اليومية.
وفي الفصل الثاني عالجت الكاتبة الأساليب الفنية في الرواية بالوصف والتصوير وتوظيف الجنس والدين والسخرية والفانتازيا والعجائبية واللغة، والاسترجاع والتعالق النصي. وتوقفت عند مختلف أنواع "التناص" بادئة بالوصف للأمكنة والتهجير والمخيمات وبيوت الصفيح ووصف الشخصيات ووصف بداية الاحتلال والقمع الصهيوني والمجازر والمذابح وحيل القتل المختلفة من غدر بالضحايا وقتل بالطائرات والاغتيالات ومحاربة الفن ثم القمع العربي والدولي ومعاناة التنقل والأمل والعمل، وأتت على جوهر المأساة الفلسطينية كما تجلت في الأعمال الروائية لصبحي فحماوي.
وقال الناقد الدكتور زياد أبولبن: اتّبعت الباحثة الدكتورة ماجدة صلاح في كتابها: "المأساة الفلسطينية في روايات صبحي فحماوي"، الصادر عن دار وائل للنشر في عمان سنة 2018، منهجا علمياً أكاديمياً، حيث تؤكد في أكثر من موضع على أن روايات فحماوي روايات واقعية، تنهض بالقضية الفلسطينية بإطارها الخاص، وبالبعد الإنساني في إطارها العام، فالروايات كما ذكرت الباحثة "ترصد بكل مصداقية مأساة شعب كُتب عليه التشرد والتهجير، وتجرّع أصناف الويلات المختلفة" ص12، أي هي روايات توثّق المأساة، باعتبار أن الأدب صورة صادقة عن الواقع، أو هو انعكس للواقع. 

مختلف أنواع "التناص"
جوهر المأساة الفلسطينية 

وقفت الدراسة على ثماني روايات للكاتب صبحي فحماوي، التي صدرت ما بين عام 2005 وعام 2015، في كل من: عمان والقاهرة وبيروت. تلك الروايات تضطلع بتوثيق تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته ومآسيه، وتتساوق مع الخيال الفني، أو الإبداع الفني، من خلال استخدام تقنيات السرد الحديث.
تعالج الباحثة في الفصل الأول من الكتاب "حضور المأساة الفلسطينية في روايات صبحي فحماوي: سيميائية العنوان، وأشكال المأساة"، في تفاصيل دقيقة لا تدفع القارئ للملل، بل يسعفه الوصف لمواصلة قراءتها حتى النهاية، في إطار الحكاية.
تنتقل الباحثة للحديث عن المعنى العميق لعنوان رواية "عذبة" المرأة، لتصبح معادلا موضوعياً لـ "فلسطين" الوطن، على عكس عنوان رواية "حرمتان ومحرم"، الذي يحمل "دلالات متعددة، ويفتح باب التأويل على مصرعيه"، لتجد الباحثة أن عنوان الرواية الثالثة "قصة عشق كنعانية" ينزاح في دلالته نحو "زمن غابر، زمن الحضارة الكنعانية والأساطير" في وقت أخذ عنوان رواية "الإسكندرية 2050" زمناً مستقبلياً استشرافياً لم نصله بعد، وهو مثير لفضولية القارئ بغرائبيته، بتحفيزه وتشويقه لمعرفة ما تحمله سنة 2050.
أما رواية "سروال بلقيس" عنوان صادم للقارئ، ويشي أنه يحمل دلالة جنسية، ليكتشف القارئ أن بلقيس تمثّل المرأة الفلسطينية المناضلة، وعنوان رواية "على باب الهوى" مفارق للمتخيل الذهني للقارئ بإيحاء ما أن الرواية تقوم على فكرة علاقة حبّ جارفة، وعنوان رواية "الأرملة السوداء" كما هو معلوم أن هناك نوعاً من العناكب السامة تأكل شريكها بعد الإنجاب، فالباحثة تطرح سؤالاً: هل للعنوان صلة بمضمون القضية التي تتناولها الرواية؟ 
وتقف الباحثة عند عنوان رواية "الحب في زمن العولمة"، حيث تقول "يحاول العنوان إغراء القارئ للدخول إلى عالم الرواية، ومضامينها للتعرف على هذا الحب المختلف والمشروط، لتنتقل إلى عنوان رواية "صديقتي اليهودية"، وما يحمله من دلالة، إذ "يثير الغرابة والتعجب، فالإثارة في العنوان تدفع القارئ وتحثه على التساؤل عن تلك الصديقة اليهودية.
ودرست الباحثة في الفصل الثاني من الكتاب "الأساليب الفنية التي استعان بها الروائي لإظهار المأساة وتصويرها"، واستطاعت أن تتبع الوصف في روايات صبحي فحماوي تتبعاً دقيقاً، بقراءة واعية لهذه الروايات.
وبعد الناقدين الشنطي وأبو لبن، قالت المؤلفة الناقدة د. ماجدة صلاح إنها كتبت هذا الكتاب النقدي بكل مشاعر المأساة التي عاشتها وتعيشها كما يعيشها كل الفلسطينيين المنزرعين في وطنهم تحت سنابك العدو، والمشتتين في كل بقاع الأرض، مؤمنة أن الروائي صبحي فحماوي قد استطاع تصوير هذه المأساة بطريقة فنية أدبية تأتي في باب "السهل الممتنع".
وفي نهاية الندوة قال الروائي صبحي فحماوي إن رابطة الكتاب ترتقي بندواتها في جمع هذه الثلة من الناقدين الأفذاذ، تحت باب "نقد النقد" وهو ما يندر من الندوات النوعية في مجال النقد. وقال إنه لا يؤمن بالتابوهات الثلاثة المعروفة، بل يوظف  الجنس والدين والسياسة حيثما لزم التوظيف لتوضيح المشاعر الإنسانية  التي تؤثر في سلوك شخصياته الروائية، وذلك بدون إسفاف ولا جنوح. وأن وظيفة الروائي هي تبيان عيوب المجتمع كما هي إبراز قيمه الاجتماعية العريقة، والوطنية المجيدة، وأن الكاتب لن يضيف شيئا جديدا إذا كان عمله هو التصفيق ولا شيء غير التصفيق. فكما قال محمد الماغوط: "تقولون يد واحدة لا تصفق.. يد واحدة لا تصفق.. أما شبعتم تصفيقاً؟"