نيبول الواقعي في الأدب كما في الحياة

الروائي البريطاني الهندي الأصل يصف في أعماله صعوبة اندماج المهاجرين الهنود في بلدان الكاريبي في المجتمع مع الحفاظ على جذورهم.
نيبول كان رمزا للانسلاخ عن الجذور
في الحياة والإبداع، لدى الكاتب أسلوب مباشر

لندن - يترك الروائي البريطاني الهندي الأصل ف.س. نيبول الحائز جائزة نوبل للآداب العام 2001 والذي توفي عن 85 عاما، إرثا أدبيا غنياً يتمحور خصوصا حول الأزمات الاجتماعية التي عصفت ببلدان كثيرة بعد انتهاء الاستعمار البريطاني.
وقالت زوجته نادرة نيبول في بيان "كان عملاقاً في كل شيء فعله، وقد مات محاطاً بمن أحبهم بعد أن عاش حياة مليئة بالإبداع الرائع والمبادرة".
وقد ألّف فيديادار سوراغبراساد نيبول أكثر من 30 كتاباً مزج فيها بين الخيال قليلا والواقعية والسيرة الذاتية كثيرا.
وُلد هذا الروائي في 17 اغسطس/اب 1932 في جزر الهند الغربية البريطانية، في بورت أوف سبين، عاصمة ترينيداد، لأسرة من المهاجرين الهنود. وحصل على منحة ليدرس الأدب الإنكليزي في جامعة أكسفورد قبل أن يستقر في إنكلترا في 1953.
وأمضى الكاتب الراحل جزءاً كبيراً من حياته في السفر والترحال وأصبح رمزا للتفلّت من الجذور في المجتمع المعاصر.
ولدى منحه جائزة نوبل للآداب في 2001، وصفت الأكاديمية السويدية أسلوب نايبول الأدبي بأنه "عصي على التقليد".
ومن أبرز أعماله كتاب السيرة الذاتية "ايه هاوس فور مستر بيسواس" (منزل للسيد بيسواس) في 1964 الذي يحمل بطله سمات من والد الكاتب.
ومن خلال هذا العمل، وصّف نايبول الصعوبة التي كان يواجهها المهاجرون الهنود في بلدان الكاريبي في الاندماج في المجتمع مع الحفاظ على جذورهم.
كذلك لخصت الأكاديمية السويدية معاناة نايبول مشيرة إلى أن "الفقر الثقافي والروحي في ترينيداد كان يدمي قلبه فيما باتت الهند غريبة عنه واستعصى عليه اعتناق القيم التقليدية للقوة الاستعمارية الانكليزية السابقة".
وبعدما كرّس أولى أعماله لجزر الأنتيل، وسّع نايبول آفاقه إلى العالم أجمع وركّز خصوصا على الأزمات التي عاشتها المستعمرات البريطانية السابقة بعد انجلاء الاستعمار.

النساء الروائيات مختلفات للغاية. عندما أقرأ جزءا من رواية في مقطع أو اثنين، أعرف ما إذا كان مؤلفه امرأة أو رجلا

وقد دفع السعي إلى سبر أغوار النفس البشرية ومن خلالها فهم مكنونات الذات، بالكاتب والفيلسوف إلى زيارة الهند وأفريقيا والأميركيتين والبلدان المسلمة في آسيا.
 أسلوب مباشر 
وحاز نيبول مكافآت أدبية عدة بينها جائزة بوكر العريقة (1971) عن رواية "قل لي من أقتل". كما نال وساما من الملكة اليزابيث الثانية في 1990.
وهو التقى في أكسفورد زوجته الأولى بات التي دعمته في مسيرته الأدبية.
وبعد وفاة هذه الأخيرة في 1996، كشف نيبول عن انطباع تكوّن لديه بأنه عجّل موتها بسبب معاشرته مومسات فيما كانت تكافح جراء اصابتها بالسرطان.
وخلال السنة عينها لوفاة بات، تزوج نيبول الصحافية الباكستانية نادرة ألفي.
وقد عرف الروائي بأسلوبه المباشر كما بتخليه سريعا عن معارفه. وقال في أحد تصريحاته "حياتي قصيرة. لا أستطيع سماع تفاهات".
وكان يحمل بشدة على مواضيع مختلفة من فساد الطبقة السياسية الهندية إلى السلوك المنافق برأيه من الغرب مع المستعمرات السابقة.
وهو لم يتوان عن تشبيه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بقرصان يقود ثورة اشتراكية كما كان ينتقد الأديبات اللواتي وصفهن بأنهن "وجدانيات".
وأكد في مقابلة مع صحيفة "لندن إيفننغ ستاندرد" أن "النساء الروائيات مختلفات للغاية. عندما أقرأ جزءا من رواية في مقطع أو اثنين، أعرف ما إذا كان مؤلفه امرأة أو رجلا. أظن أن (عملهن) لا يوازي عملي".
وعزا نيبول هذا الأمر إلى الأسلوب "الوجداني" للنساء و"نظرتهن الضيقة للعالم".