هزات سيارات الرالي في ليبيا تنسي المتسابقين استقرارا مفقودا

في محاولة جديدة لتناسي الانقسام السياسي والوضع الأمني الهش، سائقون يتجمعون عند أطراف مدينة الزنتان لممارسة شغفهم بالسباقات الصحراوية.

زنتان (ليبيا) - عند أطراف مدينة الزنتان في أعلى الجبل الغربي وعلى مسافة 170 كلم جنوب غرب طرابلس، تجمّع متسابقون شاركوا في رالي ليبيا الدولي، في محاولة جديدة لتناسي الانقسام السياسي والوضع الأمني الهش، واستعادة بعض من استقرار مفقود منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.

يعرف الرالي محليا برالي "الحمادة"، نسبة إلى إقامته على تراب صحراء "الحمادة الحمراء"، إحدى أشهر المناطق الصحراوية في ليبيا.

وقال خالد درديرة، وهو مرشد سياحي متمرس ومهتم بالرياضات الميكانيكية، إن المسابقة أرادت توجيه رسالة استقرار لليبيين والمجتمع الدولي.

وأضاف دريرة الذي تولّى تنظيم الرالي، من نقطة انطلاق المتسابقين، "أسمى رسالة أريد نقلها من هذا التجمع الرياضي أننا استطعنا بعيدا عن السياسة ومظاهر الانقسام، من جمع متسابقين ليبيين ودوليين، وأن ليبيا تعمل على التقدّم نحو الاستقرار، وهي قريبة من ذلك وتستحقه".

وتابع مبتسما "مشاركة متسابقين دوليين ستترك بصمة وتجعل أعين العالم تتجه صوب ليبيا، وتدفع مزيدا من المتسابقين الجدد الى التفكير بجدية بالمشاركة في نسخ الرالي المقبلة ...)".

وأوضح أن لليبيا "مناخا متوسطيا معتدلا يسمح بإقامة واستضافة مسابقات مختلفة، خصوصا بالنسبة الى الرياضات الميكانيكية".

وحظيت منافسات الرالي في نسخته السنوية الثالثة بمشاركة 30 متسابقاً، وأقيمت لمدة ثلاثة أيام واختتمت السبت الماضي.

وشارك المتسابق الليبي أحمد صالح في الرالي في إطار فريق "نازار" للرياضات الميكانيكية، بسيارة رانج روفر رباعية الدفع. وقال إنه "سعيد بتواجد متسابقين دوليين، لأن ذلك سيمنح الليبيين الخبرة لتطوير مهاراتهم".

وأوضح أحمد (27 عاما) لفرانس برس، "إنه تحدّ جميل كون المتسابقون الأجانب سيضيفون لنا الخبرة والاحتكاك".

وأشار إلى أن فريقه يشارك في الرالي للمرة الثانية، لكن هذه النسخة أكثر تطوراً، وفقا لتعبيره. وأعرب عن أمله في أن يدخل رالي ليبيا روزنامة المسابقات الإقليمية والدولية.

مشاركة نسوية نادرة 

وفي مشاركة نسوية غير مسبوقة، شاركت المتسابقة التونسية شيماء بن عمو (29 عاما) في الرالي، ما أحيا آمالا بتشجيع الليبيات على خوض غمار الرياضات الميكانيكية في المستقبل.

وتدرس بن عمو القانون، وهي بطلة تونس للدراجات النارية فئة النساء، واعتبرت مشاركتها في الرالي تحديا ورسالة لكل الحالمات بدخول عالم رياضات السرعة.

وتروي شيماء شغفها بهذه الرياضة، قائلة "شغفي بالدرجات النارية منذ كنت صغيرة بدأ مع والدي، وهو فني يقوم بإصلاح الدراجات النارية. ومن هنا، بدأت رحلتي الطويلة بمشاركات محلية ودولية".

وعن مشاركتها في رالي ليبيا الدولي، قالت "قررت تلبية دعوة الأشقاء الليبيين، وتجربة قيادة سيارة دفع رباعي تحدّ جديد لي وأقوم به للمرة الأولى من خلال مشاركتي في ليبيا، لأنني متخصصة في فئة الدراجات النارية".

وعن حجم التضحيات والصعوبات التي اعترضتها في تحقيق حلمها، أشارت وهي تجلس في سيارتها من نوع "تندرا"، مرتدية قبعة سوداء وبزة صفراء وسوداء وبجانبها مساعدها، "ضحيت للوصول. دعمتني أسرتي بعدما وجدت انني على الطريق الصحيح وأحصل على مراتب متقدمة".

وأضافت "أنا أول سيدة تشارك في رالي بليبيا، وأتوقع أن هناك نساء مغرمات بالفكرة، وكلي أمل أن تسجّل النسخة المقبلة مشاركة سيدات كثيرات".

كما نوّهت بن عمو إلى أن أكبر تضحياتها تمثّل في "تأخر إنجاز دراستها الجامعية".

وأضافت "بالرغم من ذلك، لا زلت مؤمنة بأنني استطيع ممارسة شغفي بالرياضة وإتمام دراستي الجامعية(...)، صعوبات واجهتني كسيدة، لكنني تحمّلت، ولم أستسلم حتى وصلت الى هذه المكانة".

وختمت "لا يمكنني التراجع بمجرد التعرض لضغوط، يجب التشبث بالحلم".

قبيل انطلاق السباق بدقائق، قامت شيماء بن عمو رفقة مساعدها بفحص سيارتها للتأكد من جاهزيتها من الناحية الفنية.

وكانت حرصت على تفقّد مسار الطريق الذي سينفذ عليه الرالي والذي يتخطى 400 كلم من مدينة الزنتان إلى غدامس، والتأكد من فهم كل نقاط المرور.