هل تعجل أزمتي حزبي الاستقلال والأصالة بتعديل حكومي في المغرب؟

قيادة حزب الاستقلال تعمل خارج إطار القانون بسبب تأخر عقد المؤتمر الوطني، بينما التحقيقات مستمرة مع أعضاء في حزب الأصالة والمعاصرة في قضية "إسكوبار الصحراء".

الرباط – يعيش حزبا الاستقلال والاصالة والمعاصرة الشريكين في الائتلاف الحكومي الذي يقوده عزيز أخنوش أزمتين داخليتين قد ترخيان بظلال ثقيلة على الحكومة المغربية، بينما تردد حديث في الأوساط السياسية في الفترة الماضية عن تعديل حكومي محتمل، لكن إلى حدّ الآن تواصل حكومة أخنوش عملها دون تأثر بالضغوط الحزبية وانتقادات أحزاب المعارضة.

ويواجه حزب الأصالة والمعاصرة أزمة بسبب القضية المعروفة اعلاميا باسم 'اسكوبار الصحراء' التي تورط فيها اثنين من أعضائه واستغلتها المعارضة لمهاجمة الائتلاف الحكومي وربطت بين القضية واستشراء الفساد وحاولت تسييسها لكسب نقاط سياسية، بينما يواجه حزب الاستقلال أزمة داخلية على خلفية الوضعية القانونية للحزب بعد انتهاء ولاية رئيسه نزار بركة.

ومرت ثلاث سنوات على حكومة عزيز أخنوش وهي منتصف الولاية الحكومية والمدة المفترضة التي يتم فيها تغيير بعض الوجوه الوزارية التي كان أداؤها أقل من المنتظر منها في القطاعات التي فشلوا في ادارتها، ومع أزمات الأحزاب يصبح التغيير استحقاقا مرتقبا.

ويواجه حزب الاستقلال المشارك في الحكومة المغربية تهديدا بـ”الإغلاق” بعد الحديث عن توجيه وزارة الداخلية إشعارا تطالب أمينه العام المنتهية ولايته نزار بركة، بتسوية الوضعية القانونية للحزب بسبب “الفشل” في عقد مؤتمره الوطني لأكثر من سنتين، بسبب صراع القوى الدائر بين الأمين العام نزار البركة وحمدي ولد الرشيد، حول التعديلات المراد إدخالها على النظام الأساسي، حيث أعرض بركة عن عقد المؤتمر الوطني في موعده القانوني عام 2021 على غرار بعض الأحزاب التي قامت بتنظيم مؤتمراتها رغم حالة الطوارئ الصحية.

انتشار لائحة على مواقع التواصل بأسماء وزراء ضمن ما قيل إنه تعديل حكومي سيطرأ على حكومة أخنوش أظهرت سقوط وزراء من الحكومة الحالية وتعويضهم بأسماء جديدة إضافة إلى عودة كتاب الدولة.

وكانت اللجنة التنفيذية للحزب قد أصدرت بيانا أعلنت فيه عن "تأجيل المؤتمر إلى وقت لاحق، وذلك لمواصلة الاستعدادات المرتبطة بالإعداد المادي واللوجيستيكي والأدبي، ولفسح المجال لإنضاج الشروط الذاتية والموضوعية والمناخ الجيد لعقد هذه المحطة التنظيمية".

ويرفض بركة، الذي راهن على عامل الوقت لإضعاف منافسيه، عقد مؤتمر الحزب بسبب “صراعه الخفي” مع تيار الصحراء بقيادة ولد الرشيد والنعم ميارة الذي بات يسيطر على دواليب وهيئات الحزب، واصطف إلى جانبه عدد كبير من الأقاليم والجهات وغالبية المكتب السياسي.

وتنص “المادة 49 من قانون الأحزاب أنه يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة، يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي. ويسترجع هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيته”.

وتنص المادة 62 من القانون نفسه أنه “في حالة عدم الإدلاء بأحد البيانات أو الوثائق أو المستندات المطلوبة، أو عدم احترام الإجراءات أو الآجال، وفق ما هو منصوص عليه في المواد السابقة، تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، دون الإخلال بأحكام هذا القانون التنظيمي، بتوجيه إشعار إلى الحزب المعني قصد مطالبته بتسوية وضعيته داخل أجل ستين يوما” وإذا لم يقم الحزب بتسوية وضعيته بعد انتهاء هذا الأجل، تطلب السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية توقيف الحزب وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها”.

لكن بركة قال خلال حلوله ضيفا على القناة الأولى قبل يومين، إن المؤتمر سيتم التعجيل بعقده في أقرب وقت ممكن، مُقرّا بالتعثر الحاصل في هذه المحطة التنظيمية بقوله “تأخرنا بما فيه الكفاية”. وأوضح أن اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب سيتم عقده في غضون الأيام القادمة، إلى جانب اجتماع المجلس الوطني واللجنة التحضيرية التي ستحدد تاريخ تنظيم المؤتمر.

وتشتغل قيادة حزب الاستقلال الحالية خارج إطار القانون بسبب التأخر الحاصل في عقد المؤتمر الوطني لأكثر من سنتين، بينما تسود حالة من الجمود مختلف مؤسسات الحزب وأجهزته التي تعطلت منذ انطلاق شرارة الصراع بين نزار بركة وتيار الرجل القوي في الحزب حمدي ولد الرشيد.

بدوره، لا يزال حزب الأصالة والمعاصرة يعيش أزمة هو الآخر مع استمرار التحقيقات والمحاكمة التي تبحث في الروابط بين اثنين من أعضائه وتاجر المخدرات المعتقل الحاج أحمد بن إبراهيم، المعروف بلقب “إسكوبار الصحراء”.

وفي ديسمبر 2023، اعتقلت الشرطة رئيس نادي الوداد لكرة القدم سعيد الناصري، وعبد النبي بعيوي، وهما عضوان مؤثران في الحزب السياسي بسبب صلاتهما المحتملة بـ”إسكوبار الصحراء”. وبعد إلقاء القبض عليهما، أعلن حزب الأصالة والمعاصرة تعليق عضويتهما في الحزب السياسي، في انتظار نتائج التحقيق.

ومع ذلك، تسببت هذه القضية في حدوث اضطرابات سياسية، مما وضع حزب الأصالة والمعاصرة تحت الضغط. وأصدر الحزب بيانا صحفيا، أعرب فيه عن ثقته في استقلال القضاء، والتزامه بتوفير الضمانات القانونية والقضائية للأفراد المتورطين، وفي مقدمتها قرينة البراءة، وضمان المحاكمة العادلة كما استنكر الحزب أي “محاولة لاستغلال القضية لتشويه صورة الحزب والهجوم عليها” ضد قياداته ونشطائه، مهددا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يحاول الإضرار بسمعة الحزب من خلال “حملات التشهير المتعمدة”.

ويضاف إلى الأزمة الداخلية حالة الاحتقان بقطاع التعليم في المغرب، التي ازدادت سوءا بسبب التوقيفات التي طالت العشرات من الأساتذة والأطر، ما أدى بعمال القطاع الى الاعلان عن مواصلة مسيرتهم الاحتجاجية الشهر القادم، بالتزامن مع برنامج نضالي لموظفي قطاع الاقتصاد والمالية، تنديدا بعدم وفاء الوزارة والحكومة بالتزاماتهما واستمرارهما في تجاهل مطالبهم المشروعة.

وانتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعية لائحة بأسماء وزراء ضمن ما قيل إنه تعديل حكومي سيطرأ على حكومة عزيز أخنوش. وأظهرت اللائحة التي لم يعرف مصدرها، سقوط وزراء من الحكومة الحالية وتعويضهم بأسماء جديدة إضافة إلى عودة كتاب الدولة.

لكن ربطت مصادر سياسية ربطت بين التعديل الحكومي المرتقب أن تشهده الحكومة الحالية وبين المؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة، المُقرر أن ينعقد خلال الفترة ما بين 9 و11 فبراير/شباط المقبل، مبرزة أيضا أنه إلى حد الآن لم يُقدم أي من قيادات هذا الحزب ترشيحه لخلافة الأمين العام الحالي عبد اللطيف وهبي.

وقالت المصادر إن التعديل الحكومي "أمر مفروغ منه"، ومن المتوقع أن يتم قبل انتصاف ولاية الحكومة الحالية، لكنها أوضحت أن ما يتم تداوله حاليا بخصوص إعفاء وزراء وتعيين آخرين، وانتقال الحقائب بين الأعضاء الحاليين، لا يزال "مجرد كلام" على اعتبار أن الكثير من الأمور "يجب أن تُحسم" قبل أن يُكلف العاهل المغربي الملك محمد السادس أخنوش بتعديل حكومته.