هل تنجح قطر في تحقيق اختراق يدفع الى التهدئة؟

المطلوب بشكل عاجل أن تنصب الجهود نحو التهدئة وتحقيق اختراق عاجل في المفاوضات بين الجانب الاسرائيلي والفلسطيني. غير ذلك إنها الكارثة.

في خضم الرد العنيف التي تشنه اسرائيل على حركة حماس منذ أسبوع، حملت الجولة الشرق أوسطية التي قام بها وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن رسائل موجهة لإيران تحذرها من مغبة فتح جبهة جديدة ستقلب الصراع الى حرب اقليمية تكون فيها واشنطن مع حلفائها في المنطقة في صف واحد. لكن فيما يبدو فأن طهران لا تكترث لهذه التحذيرات بعد أن ربطت استعدادها لفتح جبهة جديدة بالنظر الى التطورات التي تحصل في غزة. ويأخذ تصريح وزير خارجية ايران على محمل الجد خاصة وأن التحركات في جنوب لبنان تنذر باحتمال انخراط حزب الله في المواجهة وهو أمر وان حدث فان له تداعيات خطيرة على المنطقة برمتها.

ولعل المحطة الأهم في جولات بلينكن كانت الدوحة باعتبارها الوسيط الذي تعول عليه الادارة الأميركية لانهاء أزمة الرهائن الأميركيين الذين وقعوا في أسر فصائل المقاومة خلال عملية اقتحامهم لمستوطنات غلاف غزة.

كان لقطر دورها الفعال في العديد من الأزمات ونجحت وساطتها في العديد من النزاعات والمسائل المعقدة على غرار الحرب الأثيوبية الاريتيرية واتفاق التبو والطوارق في ليبيا والمفاوضات بين كينيا والصومال كما اشرفت على عمليات تبادل للأسرى في العديد من بؤر الصراع المسلح. وفي هذا الصدد كان للدوحة الدور الأبرز في اتمام الصفقة الشهيرة بين طالبان وواشنطن في عام 2014 والتي توجت بإطلاق سراح آخر أسير أميركي محتجز في افغانستان، كما كانت همزة الوصل في المفاوضات التي انتهت باتفاق تبادل السجناء الأخير بين طهران وواشنطن وما شمله من اتفاق الافراج عن أرصدة ايرانية مجمدة تم تحويلها الى حساب في قطر، وتعول الادارة الأميركية على الدور القطري في أزمة الرهان الأميركيين المتواجدين في غزة بالنظر الى علاقتها الوطيدة مع قيادات حركة حماس التي تستضيفهم على أراضيها.

ومع أن حماس قد أكدت مؤخرا على لسان أحد قياديها أن الحديث عن صفقة تبادل اسرى مع الاحتلال سابق لأوانه مادامت المواجهة لاتزال مشتعلة الا أنها من المرجح أن تبدي بعضا من الليونة بموقفها فيما يتعلق ملف الأسرى الأميركيين وهو ما يعني فصلهم عن ملف التفاوض مع اسرائيل، دخول قطر على خط الوساطة يستوجب من حماس أن تتجاوب بشكل عقلاني حرصا منها على عدم فقدان هذه الورقة الرابحة والتي من شانها أن تقلل من حدة الموقف الأميركي حيال ما قامت به. وسيكون هذا مفيدا لدعم مسار التهدئة عبر تجنب اصطدام مباشر مع الادارة الأميركية التي وان تمكنت من استرداد رعاياها الموجودين في حالة أسر لدى حماس فقد تسعى الى التقليل من أهمية لجوء اسرائيل تنفيذ اجتياح بري لقطاع غزة بل انها ستسعى لتجنبه وحث الاسرائيليين على التفاوض.

ستكون قطر في سباق مع الزمن في محاولة لخفض التصعيد وقطع الطريق أمام محاولات نقل الحرب الى مواجهة اقليمية وبصفتها تملك قنوات اتصال مباشرة مع مسؤولي حركة حماس سيكون من السهل حثهم على ضرورة الاسراع في تنفيذ صفقة تحرير الأسرى الأميركيين، لا ننسى بأن حمايتهم عبأ ثقيل يزداد مع ضراوة القصف الاسرائيلي وقد ينتهي بسقوطهم بين الضحايا وفقدان هذه الورقة الرابحة، وهو ما تقوله الحركة بنفسها اذ اعلنت عن سقوط 9 قتلى من الأسرى خلال الغارات الجوية الأخيرة التي طالت قطاع غزة، والمتوقع من قطر أن توظف هذه الخطوة الايجابية للضغط على الادارة الأميركية وحثها على دفع اسرائيل الى خفض حدة تصعيدها في قطاع غزة، ومن ثم ستفتح الباب الى وساطة جديدة تفضي لوقف العنف ولجلوس الطرفين لى طاولة المفاوضات.

قد لا يكون الجميع على وعي تام بخطورة اتساع رقعة المواجهة خارج غزة، ومع تأخر الوصول الى حل سلمي ينهي الصراع العنيف الدائر منذ أسبوع فان الصورة تبدو قاتمة وتزيد من احتمالية حدوث ذلك، وهو سيترتب عنه فوضى كبيرة سيكون لها تداعيات وخيمة على مستقبل المنطقة وعلى خريطتها الجيوسياسية لن يكون هذا في صالح العرب بشكل عام ولا الفلسطينيين بشكل خاص بل سيكون في مصلحة من يستثمر في اشعاله. ومع استمرار اسرائيل في عمليتها العسكرية فان وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، لذلك فالمطلوب بشكل عاجل أن تنصب الجهود نحو التهدئة وتحقيق اختراق عاجل في المفاوضات بين الجانب الاسرائيلي والفلسطيني، غير ذلك فاننا مقبلون على كارثة انسانية حقيقة في غزة، تحدث أمام مرأى المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكنا.