هل من ترسيم قريب للحدود البحرية السورية اللبنانية؟

لا مجال لقرارات أحادية في ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان.

لماذا يُثار هذا اللغط الكبير بشأن ترسيم الحدود السورية اللبنانية سواءٌ البحرية أو البرية، والحبر لم يجف بعد عن أوراق الاتفاق اللبناني الإسرائيلي بعد التوصل إلى ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، وإذا كان لبنان توصل إلى اتفاق مع إسرائيل، فهل من الصعوبة التوصل إلى اتفاق مع سوريا؟!

المشكلة الأساسية في لبنان تضارب المصالح بين القوى السياسية اللبنانية، والمشكلة الأخرى هي الحكم المسبق على فشل أي مفاوضات مع الجانب السوري، المشكلة الثالثة وربما ليست الأخيرة أن البعض في لبنان يفضل حالة العِداء مع سورية على حالة السلام والوئام لا لشيء إلا لمخاصمة الأخ الأكبر.

اختصاراً للوقت سأورد بعض الوثائق والتواريخ التي تؤكد حسن النوايا السورية وعدم وجود أطماع سورية في الأراضي اللبنانية.

بتاريخ 29/9/1946 بعثت سوريا إلى الحكومة اللبنانية رسالة، وهذه الرسالة لها رقم وتاريخ، وموجودة في وزارة الخارجية اللبنانية، تقول الوثيقة: بأن مزارع شبعا هي أراضٍ تحت السيادة اللبنانية، خلافاً لما ورد في بعض الخرائط.

في سنة 1950 طلبت الحكومة السورية أن يحصل أي شخص من أبناء مزارع شبعا اللبنانية على تصريح مرور من الجانب اللبناني في حال أراد التوجه إلى الداخل السوري.

في عام 1955 تم إنشاء مخفر سوري لبناني مؤقت في المزارع لضبط عمليات التهريب والفلتان الأمني في تلك المنطقة.

بتاريخ 24/10/ 2000 قدم المندوب السوري في الأمم المتحدة ميخائيل وهبة رسالة رسمية باسم الدولة السورية إلى الأمم المتحدة تقول بأن مزارع شبعا لبنانية وهذا مذكور في جريدة النهار اللبنانية بمقال للصحافي ألبير فرحات مع نشر تفاصيل الرسالة بتاريخ 20/3/2005.

بتاريخ 17/6/2000 أكد أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان بأن سوريا أبلغت الأمم المتحدة رسمياً بأن السيادة على مزارع شبعا لبنانية.

بتاريخ 22/6/2006 أعرب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ، عن أمله في نجاح الحوار اللبناني، ورفض تحميل سوريا مسؤولية عرقلته، كما كرّر استعداد بلاده لترسيم الحدود، وجدّد التأكيد على لبنانية مزارع شبعا.

بتاريخ 21/1/2006 قال الرئيس السوري بشار الأسد خلال مؤتمر لاتحاد المحامين العرب: لا مشكلة بين لبنان وسوريا بشأن لبنانية مزارع شبعا.

بعد كل ما ذكرنا يأتي من يشكك بالنوايا السورية، وإذا أقدم لبنان على خطوة تجاه الحكومة السورية يشكك البعض بالخطوة اللبنانية ويحكمون على حتمية الرد السلبي من الجانب السوري، كالضجة التي أُثيرت حول الاتصال الذي أجراه الرئيس اللبناني ميشال عون مع الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 22/10/2022 بشأن ترسيم الحدود والاتفاق على تشكيل لجان وإرسال فريق لبناني إلى سوريا.

على كلٍ، في النهاية لا بد أن يتوصل الطرفان السوري واللبناني لاتفاق في ترسيم الحدود البحرية على الأقل في البداية لحاجة البلدين لاستثمار ثروات النفط والغاز الموجودة أمام سواحل البلدين، ولن يكون ذلك بترسيم أحادي الجانب، كما فعل رئيس لبنان السابق ميشال سليمان عندما أصدر في العام 2011 المرسوم 6433 ورسّم بموجبه الحدود البحرية مع سوريا من جانب واحد دون التشاور مع الدولة السورية، ما أدى لاعتراض سوريا في العام 2014 برسالة خطية إلى مجلس الأمن قدمها مندوب سوريا في حينه الدكتور بشار الجعفري. وهذا يثبت أن هذه القضية لن تحل بدون أن يكون هناك اتفاق كامل بين البلدين الشقيقين، وربما قد يصل الأمر لاستثمار مشترك لحقل متنازع عليه، كما هو معمول به بين بلدان أخرى، علماً أن الاتفاق السوري مع شركة "كابيتال الروسية" لتنقيب النفط المصادق عليه في 16/3/2021 يشترط على الشركة الالتزام بأي اتفاق يبرم مع الجانب اللبناني.