هل يحتاج العالم علميًا للولي الفقيه.. الليبرالية العلمية (3)‎‎

ما هي حدود أعلمية الولي الفقيه وما الذي توارثه من علوم وقدرات من الإمام المعصوم؟
طريقان لا ثالث لهما..

إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا.

النبي محمد

ليس أمام الدور الديني وحركة النص المقدس في العصر الحديث سوى طريقين:

- تفوق علمي مُدهِش

- الإعجاز

أثار قريب لي اسئلة ومداخلات أرى أنها ضرورية رغم تطرقي لها والإجابة عنها في سلسلة المقالات المنشورة وفي ثنايا الكتاب الذي لم يُنشر بعد. ومن خلال الاسئلة والمداخلات لفت نظري الى نقطة يراها منطقية فأشار الى مبررات للفصل بين الولاية التشريعية والولاية التكوينية المُورَّثة للولي الفقيه، وكذلك يرى البعض أن الولي الفقيه غير مُلزَم بالإجابة أو طرح أجوبة علمية تخصصية تشمل كل العلوم وفروعها، وأن دور ومجال الولي الفقيه هو الدور الفقهي، وفي مراتب أدنى يرعى الدولة ومؤسساتها العلمية والأكاديمية والمراكز البحثية والمصانع والاقتصاد، وأنا هنا اطرح سؤالًا أرى أنه ضروري:

هل أعلن الولي الفقيه رسميًا حدود ولايته الموروثة عن الإمام المعصوم، أم هل أعلن بنص رسمي حاجته بالضرورة لغيره من متخصصين في محالات علمية ومعرفية ليس له علم بها أو تخصص؟

هناك عقيدة أساس في أدبيات الولي الفقيه يُصرِّح بها اتباعه والوكلاء تقول بجواز تعدد فقهاء التقليد المرجعي وعدم جواز تعدد الولي الفقيه، فعندهم الولي الفقيه واحد. وهذا ما نسمعه من السيد هاشم الحيدري والشيخ اكرم بركات وغيرهم، ويمكن الرجوع لمحاضراتهم وخطاباتهم بهذا الخصوص. وهم إذ يُعلنون واحدية الولي الفقيه فهم كذلك يؤمنون بولاية الإمام المعصوم ومنها أنه عالم بكل علم ولا يجهل أي جزئية علمية. وهذا العلم الحضوري "اللدنّي" امكانية علمية شاملة قارّة في عقل الإمام المعصوم لا نقص فيها ولا تنقص ولا تعجز في أي مكان وزمان. ولما غاب المعصوم وبعد قرون ظهر الولي الفقيه كنائب للمعصوم ووريث له. ولكن الولي الفقيه لم يُفصِّل في حدود ما ورث وفي حدود إمكانياته الشخصية وفي قدر التوفيق الغيبي الذي وهِب له وكيفية حيازته الولاية بتفصيل دقيق جلي وبأدلة قاطعة واضحة ليتم تثبيت كل هذا التصريح رسميًا وبتوثيق رسمي لتدين به الدولة وفقهاؤها وشعبها ومؤسساتها عن بيّنة ويكون طرحًا للعالمين.

وهنا اطرح سؤالًا جوهريا:

هل انقطعت الولاية التكوينية في عصر الغيبة أم هي مستمرة سارية؟

ونرجع الى مستهل المقال:

ليس أمام الدور الديني وحركة النص المقدس في العصر الحديث سوى طريقين: تفوق علمي مُدهِش؛ والإعجاز.

ونرجع الى الحديث الذي افتتحت به المقال:

"إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا." النبي محمد.

هل يدل هذا الحديث على تجديد تشريعي وتكويني؟

وإذا كان الحديث يدل على تجديد الولاية التشريعية والتكوينية فمن بطل الولاية في عصرنا الراهن؟

ما الذي اتوخاه من هذا الطرح ومجموعة الأسئلة؟

كثير من الشيعة يؤمنون بجزم وحزم أن بعض الفقهاء يعلمون ما لا يعلمه غيرهم من البشر. وقولهم هذا جاء من إيمان وليس من تصور أو ظن، وهذا الإيمان عقيدة لا نقاش فيها عند هؤلاء الشيعة، ولا يتقبلون نقدها أو طرحها في مختبر التمحيص العلمي التخصصي، بل ويؤمنون أن الفقيه أعلى درجة من العلم فهو يُجري المعجزات ويُحقق الخوارق، وليس من شيعي يُنكر وجود هذا الإيمان الشيعي بقدرات الفقيه سواء العلمية أو الإعجازية، وبدورهم يُعزز الفقهاء ومن يعملون تحت سلطتهم هذا الإيمان بقصص ومنقولات للإثبات والتثبيت. ولكَ عزيزي القارئ أن تسأل شيعيا صدريا عن الجزء الخامس من كتاب "الموسوعة المهدوية" للسيد محمد محمد صادق الصدر لتنبهر من رده زاعمًا أن في الكتاب طرحًا علميًا حاولت الولايات المتحدة الحصول عليه لمكانته العلمية الفريدة!

ولكَ عزيزي القارئ أن تراجع رد السيد الخميني التأصيلي على جماعة تُدعى الحُجتية إذ أتهموا خطاب الخميني ببُعدهِ عن الإمام المهدي فكان رده: وهل قمنا إلا بأمره، وهل هذه الدولة إلا دولته!

ولكَ عزيزي القارئ أن تسأل عن فتوى الجهاد الكفائي التي اصدرها السيد المرجع السيستاني لمواجهة داعش فسيخبرك الشيعي أنها فتوى بأمر مباشر من الإمام المعصوم للسيد المرجع!

وعند الشيعة مرويات عن فقيه أرجع قمرًا صناعيًا لمداره بعد انحرافه وقد عجز علماء التخصصات عن اصلاح الخلل فلجأوا للفقيه، وأن فقيهًا حجب اختراعًا له عن الدول الغربية تمكن فيه من اكتشاف امكانية جعل الليزر وقود دفع للصواريخ. وهكذا يتدرج الشيعة في التصورات حتى يصلوا الى الشخصية المفصلية وأعني الولي الفقيه إذ هو خارق لا نظير له في امكانياته، ومنه وفيه يُدللون على امكانيات الإمام المعصوم الخارقة والمتفوقة في كل مكان وزمان.

هل هذا رد للتساؤل: ما هي حدود أعلمية الولي الفقيه وما الذي توارثه من علوم وقدرات من الإمام المعصوم؟