هل يخدم التصعيد غزة؟

المراهنة على التصعيد مع إسرائيل للخروج من أزمات القطاع السياسية والاقتصادية مراهنة خاسرة.
على حماس أن تتصرف بعقلانية في مثل هذه الظروف وان تستمع لمنطق مصر
فشل المفاوضات في تحقيق تقدم بين الاحتلال وحماس يصب في مصلحة حكومة بينيت

مر أسبوع منذ اطلاق حماس تهديدات للاحتلال بالتصعيد اذا لم تتجاوب حكومة بينيت مع مطالبها في ملف اعادة الاعمار وفك الخناق على غزة، ولكن هذه الأخيرة تجاهلت الرد على التهديدات الأخيرة في حين اكتفت الصحافة العبرية بتحليل تتابع التهديدات من الجهاد الاسلامي وحماس بإمكانية التصعيد ومدى إمكانيتها.

ولكن ما الذي حصل بعد قيام هذه التهديدات وما الذي يمكن أن يحصل على أرض الواقع؟

لا شك في أن فشل المفاوضات في تحقيق تقدم في المسائل العالقة بين الاحتلال وحماس يصب في مصلحة حكومة بينيت ويشكل ضغطا متزايدا على حماس التي لم تستطع الوفاء بوعودها بعد الخروج من العملية العسكرية الأخيرة واستطاعت اسرائيل أن تحقق مكتسبات أخرى على حساب حماس بتعطيلها لتحويل الاموال القطرية وزيادة الضغط الاقتصادي داخل القطاع الذي سيؤدي الى تفجير غضب شعبي عارم ضد حماس التي دخلت حربا غير محسومة العواقب وزادت من معاناة أبناء شعبنا في غزة.

ولهذا تجاهلت حكومة بينيت الرد رسميا على تهديدات حماس والجهاد واعتبارها مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي لأن تدرك تماما أن حماس تعرف أم مسألة الخوض في عملية عسكرية جديدة ستكلف قطاع غزة فاتورة جديدة باهظة هي ليست قادرة بتحملها خصوصا وأن ما حصل من فشل في المفاوضات قد سجله الشارع في غزة اخفاقا للنصر الذي سوقته حماس بعد نهاية الحرب.

وبالرغم من أن الحرب الأخير نجحت في تحقيق نصر معنوي لحماس، الا أنها لم تنجح في تحقيق أي تقدم على أرض الواقع زادت من فاتورة معاناة شعب غزة ولم تنجح في ردع المستوطنين من ممارسة انتهاكات اخرى على شيخ الجراح، تماما مثل ما يحدث في صحراء النقب من عمليات مشابهة اذ ان الاحتلال يستمر في سياساته من دون أن يهتم لرد حماس لأنه يعرف أنها لن تباد ر بالحرب في ظل وضع اجتماعي ناقم من مآلات الحرب الاخيرة على الصعيد الاقتصادي.

لقد تأكد للاحتلال التهديدات الأخيرة ليست بالمستوى الذي يرفع درجة التأهب ولقد جست النبض مؤخرا عند استهدافها لنقاط في خانيونس لم يتم الرد عليها من قبل حماس أو الفصائل الفلسطينية، وفهمت ان حماس هي من تريد التهدئة عكس خطابها الذي يحمل نبرة التصعيد بين الحين والآخر، لأن حماس قد أعادت تقدير الموقف ووجدت نفسها في خانة اليك: الحصار يشتد وخيوط اللعبة في يد الاحتلال واي تحرك الى التصعيد سيفجر غضبا شعبيا قد يفقدها ما تبقى من شعبيتها في داخل القطاع وقد يضطر مصر الى توقيف عمليات التهيئة للإعمار لأنها لن ترضى ان ترى ما حققته وساطتها أن يذهب سدى. لذا فإن الحديث عن تصعيد محتمل لا يمكن أن يكون الا نوعا من أنواع المناورة الاعلامية الاي تهدف الى اجبار الاحتلال الى العودة الى المفاوضات، ولكن الاحتلال حقق المبتغى ولم يعد يأبه للمفاوضات ولكنه يمارس بذكاء ايهام حماس بأنه متخوف من عملية عسكرية جديدة، ولكن الحقيقة ان الاحتلال ينتظر أن تأتي ردة الفعل من حماس لكي يستطيع بينيت أن يبرر لشعبه أن دخوله في حرب جاء دفاعا على امن اسرائيل وليس دخولا في متاهة قد تؤدي الى خسائر في الأرواح وخسارة في الشعبية لحكومته الفتية.

يفترض من حماس أن تتصرف بعقلانية في مثل هذه الظروف وان تستمع لمنطق مصر الرامي لإيجاد هدنة دائمة من دون تقديم تنازلات تخدم طرفا على حساب الآخر.

ينبغي الآن التفكير في فك الخناق على شعب غزة، حتى وان اقتضى الأمر اظهار نوع من الليونة في التفاوض لأن المزيد من مضي الوقت سيدفع الى انفجار شعبي وغضب عارم داخل غزة التي وصل فيها الوضع الاقتصادي الى مرحلة حرجة تنذر بسحب البساط من حماس لسوء ادارتها للأوضاع ولتملصها من مسؤولياتها ونسبها للاحتلال.