هل يفرض الحوثيون الخمس في مناطق نفوذهم؟!

الإشكالية في تحديد نسب الأموال المخصصة لله والرسول وذي القربى سيتم التلاعب بها وهي بالمليارات لصالح أغراض شخصية وبتشريع هذا القانون وغيره يريد الحوثيون إيهام المجتمع بأنهم صاروا دولة.

بقلم: غمدان الدقيمي

قنبلة من العيار الثقيل فجرها برلماني يمني منتصف الشهر الماضي بالكشف عن سعي الحوثيين إلى فرض ضريبة “الخُمس”، متهما الجماعة بالسعي إلى "نهب" ثروات البلاد.

فحسب عضو مجلس النواب اليمني أحمد سيف حاشد، قدمت حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا إلى البرلمان مشروع تعديل على قانون الزكاة والرعاية الاجتماعية سيؤدي إلى فرض ضريبة الخمس. وهو ما يتوافق مع المذهب الشيعي الزيدي التي تعتنقه الجماعة.

وقال البرلماني في تدوينة على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "خلاصة الموضوع ... شرعنة نهب 12 في المئة من ثروات البلد، حصة لله والرسول وذوي القربى".

والخمس شريعة إسلامية يرى السنة أنها تدفع فقط في غنائم الحرب وأحيانا في المعادن (تسمى زكاة الركاز)، فيما يرى جزء كبير من الشيعة أنها تشمل كل الأموال والمداخيل والممتلكات.

يفرض القانون الحالي في اليمن أداء 20 في المئة من قيمة "المعادن والكنوز المستخرجة"، ويسميها زكاة على "الركاز والمعادن". في المقابل، يفرض التعديل الحوثي أداء هذه النسبة كخُمُس وليس زكاة على كافة المعادن حتى لو تم إخراجها بالبحث والتنقيب. وسع الحوثيون اللائحة لتشمل "الذهب والفضة.. والنفط والغاز.. وكل ما كان له قيمة من المعادن صح الاستثمار فيه كالمياه المعدنية".

يقول النائب البرلماني "القانون السابق لم يوجب عمليا الخمس على الشركات المستثمرة في المعادن بما فيها النفط والغاز".

يستند الحوثيون إلى تأويلات للقرآن ترى أن الخمس، وهو فرض مالي محدد بنسبة 20 في المئة، يكون تحت تصرف "الإمام" يخصص جزء منه لصالح “آل البيت” الذين يتصلون بالنسب إلى النبي محمد.

حث زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، الذي يؤمن بأنه من نسل علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد، في خطاب متلفز نهاية الشهر الماضي، أعضاء البرلمان اليمني على سرعة إنجاز مشروع تعديل قانون الزكاة قبل حلول رمضان.

أثار مشروع التعديل القانوني انتقادات واسعة في أوساط ناشطين وأكاديميين ورجال دين وبرلمانيين يمنيين، رأوا فيه استغلالا للدين وتكريسا للمذهبية والعنصرية والتمايز الاجتماعي.

يقول البرلماني أحمد سيف حاشد “المشروع يتصادم مع الدستور والقوانين اليمنية الأخرى التي تقرر وتحمي المساواة والمواطنة والحقوق، ويتصادم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

حال إقرار هذا المشروع، سيكون سابقة في الدول العربية وربما الإسلامية. يؤكد أكاديمي يمني متخصص في القانون “ستكون اليمن أولى الدول العربية التي تفرض الخُمس. لم يسبق لأي دولة عربية أن فرضت هذا النص في قوانينها، هذه سابقة دينية خطيرة”.

يضيف الأكاديمي المقيم في صنعاء (فضل عدم ذكر اسمه) "الإشكالية الكبرى ستظهر في تحديد نسب الأموال المخصصة لله والرسول وذي القربى، سيتم التلاعب بهذه الأموال وهي بالمليارات لصالح أغراض شخصية".

من جانبه، يقول محمد الحزمي وهو برلماني مناهض لجماعة الحوثيين، وقيادي بارز في حزب الإصلاح الإسلامي ذي المرجعية السنية، أن "الحوثيين يريدون إيهام المجتمع بأنهم صاروا دولة أمر واقع من خلال تشريع هذه القوانين".

اتهم الحزمي الحوثيين بالسعي إلى تحويل البنية القانونية "لتصير مذهبية"، على حد تعبيره. لكن إبراهيم العبيدي، وهو رجل دين وقيادي بارز في جماعة الحوثيين، ينفي الاتهامات الموجهة لجماعته بالسعي إلى صياغة القوانين مذهبيا.

وقال في تصريح لموقع (ارفع صوتك) “هذه تسريبات كاذبة ومناكفات إعلامية لا تتوافق مع ما هو مطروح أمام مجلس النواب".

أكد العبيدي “بأن الموضوع بحاجة إلى كثير من التحري، لأن مصارف الزكاة واضحة، والزكاة غير الخُمُس تماما. الزكاة تتعلق بالأموال، والخُمس يتعلق بالغنيمة، أي الأمور التي تغنم ومنها النفط والغاز، هذه مسألة أساسية في الشريعة الإسلامية”.