هيئة تحرير الشام تتهيأ لتغيير ثوبها على وقع التقارب التركي السوري

عناصر من حزب التحرير أوقفوا الأحد في قرية دير حسان سيارة بداخلها عنصران من الجهاز الأمني التابع لهيئة تحرير الشام وأطلقوا النار عليهما بشكل مباشر، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة الآخر.
مظاهرات في عدد من مناطق ريف إدلب تندد بانتهاكات هيئة تحرير الشام

دمشق - داهمت هيئة تحرير الشام بلدة دير حسان في محافظة إدلب شمال غربي سوريا اليوم الاثنين بعد تطويقها واعتقلت عددا من أعضاء حزب التحرير الذي يروّج لخطاب يدعو إلى إحياء الخلافة الإسلامية، فيما تسعى الهيئة إلى التخلص من تصنيفها "تنظيما إرهابيا".

وذكرت مصادر أنه تم خلال الحملة إطلاق رصاص كثيف على المنازل في بلدة دير حسان بعد اقتحامها، فيما أكد شهود عيان إصابة عدد من المدنيين، ما استوجب نقلهم إلى المستشفيات الميدانية. 

وتعرضت عائلات المعتقلين للتعنيف من طرف عناصر هيئة تحرير الشام خلال محاولات منعهم من اعتقال أبنائهم.

وقالت الهيئة إنّ "عملية اعتقال أعضاء من حزب التحرير جاءت على خلفية تعرض إحدى دورياتها لإطلاق نار خلال مرورها في قرية دير حسان، ما أدّى إلى مقتل أحد عناصرها وإصابة آخر بجروح خطرة".

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "عناصر من حزب التحرير أوقفوا الأحد في قرية دير حسان سيارة بداخلها عنصران من الجهاز الأمني التابع لهيئة تحرير الشام وأطلقوا النار عليهما بشكل مباشر، ما أسفر عن مقتل عنصر وإصابة الآخر بجروح خطيرة"، مضيفا أن عناصر الحزب أحرقوا السيارة بعد ذلك.

وخرجت مظاهرات في عدد من المناطق في ريف إدلب للاحتجاج على حملة الاعتقالات، فيما تعددت الدعوات المنادية بالخروج في مناطق أخرى للتنديد بانتهاكات الهيئة.

ونشط حزب التحرير في ريف إدلب عام 2012 وخاصة في المناطق الخاضعة لهيئة تحرير الشام، لكنه فشل في تشكيل فصيل عسكري في مناطق سيطرة أمير الهيئة أبومحمد الجولاني.

وتمكن الحزب من استقطاب عشرات المقاتلين في صفوف الفصائل المسلّحة ونظم العديد من التظاهرات ونشر بيانات تندد بالهيئة.

ونفذت الهيئة في مناسبات عديدة حملات اعتقالات شملت أعضاء في حزب التحرير بهدف الابتعاد عن أصولها في القاعدة والتسويق لنفسها كحركة وطنية سورية معارضة للرئيس السوري بشار الأسد.

وتسيطر هيئة تحرير الشام على معظم شمال غرب سوريا وتحكمت في السكان من خلال كيان أمني اسمه "الفلَاح" عوّض دوريات الحِسبة. وشهد تقليص صلاحياته خلال عام 2021 ضمن حملة الاعتدال التي اعتمدتها الهيئة، قبل أن يتم استبدال الكيان بـ"الشرطة الأخلاقية" الجديدة التي خففت من تدخلها في الشؤون المدنية بشكل كبير.

وبدأت الجماعة المتطرفة تسوّق لنفسها كحركة وطنية سورية معارضة للتخلص من الصورة التي التصقت بها كتنظيم إرهابي مارس العنف والقتل حين كان فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا وبعد تغيير اسمها إلى هيئة تحرير الشام للنأي بنفسها عن القاعدة والتخلص من وصم الإرهاب.

وتشير حملة الاعتقالات التي طالت حزب التحرير إلى منافسة على النفوذ بين الجماعات الإسلامية المتشددة في آخر معقل للمعارضة يخضع لإشراف سلطة الاحتلال التركي، بينما يأتي ذلك أيضا في خضم انعطافة مواقف وتغييرات جذرية على وقع اتجاه تركيا الراعية لجماعات الإسلام السياسي ولتنظيمات الإسلامية السورية، إلى مصالحة مع النظام السوري وهو ما أثار قلق هيئة تحرير الشام الذي حذّر قبل أشهر من "طعنة في الظهر" معلقا على التقارب التركي السوري.

وكانت تركيا وهي إحدى الدول الضامنة لاتفاقيات خفض التصعيد في شمال سوريا، قد شددت على أنها تعمل ضمن جهود التقارب مع دمشق على تسوية سياسية لوضع المعارضة والجماعات السورية المسلحة دون أن تكر أو تحدد تلك الجماعات بالاسم. وحافظت أنقرة على علاقة وثيقة مع هيئ تحرير الشام لضمان ضبط الانفلاتات والصراعات بين الجماعات السورية الموالية لها.

ويعتقد أن هيئة تحرير الشام بدأت تأخذ في اعتبارها تلك المغيرات وتتهيأ لوضع جديد في خضم معادلة المصالحات وربما تأمل في أن تؤمن لها تركيا وضعا آمنا في سياق التسويات كحركة سياسية لا دينية متطرفة، بينما تبقى كل الاحتمالات واردة رغم أن النظام السوري أكد مرارا أن لا حوار ولا تسويات مع التنظيمات الإرهابية.