واشنطن تحتفي بنقل سفارتها إلى القدس

عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وحل النزاع لم يعد أولوية بالنسبة لإدارة ترامب مع تركيزها على الملف الإيراني فيما يشكل نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة دعاية موجهة للقاعدة الناخبة وخصوصا الانجيلية وينطبق ذلك على بعض الديمقراطيين أيضا.
واشنطن تتجاهل الاعتراضات الدولية على نقل سفارتها للقدس
ادارة ترامب لا تأبه لمقتل 52 فلسطينيا بنيران اسرائيلية
النزاع الفلسطيني الاسرائيلي لم يعد أولوية ترامب
الادارة الأميركية تركز على الملف النووي الإيراني
جنوب افريقيا تسحب سفيرها من اسرائيل والعرب يكتفون بالتنديد
الكويت تعتزم طلب اجتماع طارئ لمجلس الأمن
لا أثر لخطة كوشنر للسلام

واشنطن - احتفت الادارة الأميركية الاثنين بانتقال سفارتها إلى القدس وتجاهلت تماما تظاهرات الفلسطينيين في قطاع غزة رفضا لقرار الرئيس دونالد ترامب وقمع الجيش الاسرائيلي للمتظاهرين بالرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع.

ورغم انها لم ترسل وفدا رفيع المستوى إلى حفل افتتاح السفارة الجديدة، لم تخف واشنطن سرورها بترجمة هذا الوعد الرمزي لجهة الاعتراف في شكل أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل بعدما أعلن ترامب قراره في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017 مثيرا صدمة دولية.

وكتب ترامب على تويتر "انه يوم عظيم بالنسبة إلى إسرائيل".

وفي السياق نفسه، قال نائبه مايك بنس "اليوم، بفضل قيادة الرئيس نحتفي بالتاريخ".

ووزع البيت الأبيض على الصحافيين بيانا يؤكد أن الرئيس الجمهوري وفى بوعد أطلقه خلال حملته الانتخابية "في شكل سريع وفاعل" بخلاف كل أسلافه الذين التزموا التقليد الدبلوماسي والتوافق الدولي.

وتعتبر الطبقة السياسية الأميركية أن القرار يشكل مبادرة حيال القاعدة الناخبة وخصوصا الانجيلية وينطبق ذلك على بعض الديمقراطيين أيضا.

لكن هذه الأجواء تتنافى تماما ومشاهد التظاهرات الدامية التي شهدها قطاع غزة الاثنين رفضا لافتتاح السفارة والتي أسفرت عن مقتل 52 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات الاسرائيلية.

وفي حين دعت العواصم الأوروبية إلى "الهدوء" و"ضبط النفس" لتجنب تصعيد جديد، بدا واضحا أن واشنطن قررت تجاهل ذلك.

وفي بيان صدر فيما كانت حصيلة القتلى تتجاوز الأربعين، لم يشر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لا من قريب ولا من بعيد إلى المواجهات وآثر "الاحتفاء بافتتاح السفارة".

وكانت الدبلوماسية الأميركية اكتفت بـ"ابداء الأسف للخسائر في الأرواح" تعليقا على مواجهات دامية اندلعت طوال الأسابيع الماضية مشددة على "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها".

خطة كوشنر

ووحده صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر الذي حضر الحفل في القدس لمح إلى التظاهرات متهما "من يتسببون بالعنف" بأنهم "جزء من المشكلة وليس من الحل".

أما سائر المسؤولين الأميركيين فكرروا دعمهم لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وصولا إلى التأكيد أن قرار ترامب سيساعد في حل النزاع.

وقال بومبيو "نبقى مصممين على اقامة سلام شامل ودائم بين اسرائيل والفلسطينيين".

وأورد بنس "عبر الاعتراف أخيرا بالقدس عاصمة لإسرائيل فإن الولايات المتحدة اختارت الوقائع على حساب الأوهام. والوقائع هي الأساس الوحيد الحقيقي لسلام عادل ودائم".

وكان ترامب تعهد بإحياء عملية السلام واعدا بالتوصل إلى اتفاق نهائي. وعهد بهذه المهمة الحساسة إلى صهره كوشنر الذي يتحدر من أصول يهودية والذي بدأ مفاوضات مع الأطراف المعنية فيما توقعت عدة مصادر أن يكشف خطته للسلام بداية 2018.

لكن اعلان ترامب قراره حول القدس في السادس من ديسمبر/كانون الأول قوض العملية برمتها بعدما رفض المسؤولون الفلسطينيون التواصل مع الوسطاء الأميركيين حتى أن العديد من الدبلوماسيين الأجانب باتوا مقتنعين بأن "خطة كوشنر" لم تكن موجودة أصلا.

وقال رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس إن "قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس في غياب مفاوضات أوسع ومن دون الطلب إلى اسرائيل أن تقدم شيئا في المقابل ولا اشراك الفلسطينيين" هو كمن يعطي دواء لمريض يؤدي إلى تفاقم حالته بدل أن يخفف وطأتها.

ورغم تكرار المسؤولين الأميركيين تمسكهم بعملية السلام، يبدو أن النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين لم يعد أولوية لديهم مع تركيزهم خصوصا على الملف الإيراني.

ولاحظ هادي عمرو من معهد بروكينغز أن "ادارة ترامب تشعر بأنها تحظى بدعم بعض الحكومات العربية" التي لم تعد متلهفة كما في السابق لدعم الفلسطينيين، لكنه نبه إلى أن هذا الدعم العربي قد "لا يترجم في شكل ملموس" مع استمرار المواجهات على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.

 

جوهانسبرغ تستدعي سفيرها

وقررت جنوب افريقيا الاثنين استدعاء سفيرها لدى إسرائيل بعد مقتل 52 فلسطينيا في غزة خلال تظاهرات رافضة لافتتاح السفارة الأميركية في القدس المحتلة، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية في بيان.

وقالت "بسبب الطابع الخطير والأعمى للهجوم الإسرائيلي الأخير، قررت حكومة جنوب افريقيا استدعاء سفيرها سيسا غومباني في شكل فوري".

ونددت الرئاسة الفرنسية الاثنين بـ"أعمال العنف" في غزة وقالت إن الرئيس ايمانويل ماكرون "سيتحدث إلى جميع الفرقاء في المنطقة في الأيام المقبلة".

وأدانت المملكة السعودية بشدة الاثنين اطلاق الجيش الاسرائيلي النار على المدنيين في قطاع غزة، لكن دون التطرق لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

وعبر مصدر مسؤول في الخارجية بحسب ما اوردت وكالة الانباء الرسمية، "عن ادانة المملكة العربية السعودية الشديدة لاستهداف المدنيين الفلسطينيين العزل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى".

وأكد المصدر "ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه وقف العنف وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق".

وجدد "التأكيد على ثوابت المملكة تجاه القضية الفلسطينية ودعمها للأشقاء الفلسطينيين في استعادة حقوقهم المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

وفي قطر نددت المتحدثة باسم الخارجية لولوة الخاطر بـ"المجزرة" التي يتعرض لها الفلسطينيون اثناء احتجاجهم على "القرار الاحادي للولايات المتحدة بنقل سفارتها الى القدس".

ودعت المتحدثة بحسب وكالة الانباء الرسمية المجتمع الدولي للتحرك لوقف "المجزرة الوحشية".

وأعلنت الكويت العضو غير الدائم في مجلس الأمن الدولي الاثنين أنها تتجه إلى طلب عقد اجتماع طارئ للمجلس لبحث التطورات في قطاع غزة.

وقال سفير الكويت لدى الامم المتحدة منصور العتيبي للصحافيين "ندين ما يحصل. سيكون هناك رد من جانبنا وسنرى ماذا سيفعل المجلس. اليوم او غدا، يمكن أن نطلب عقد اجتماع طارئ".

وأضاف "لا نزال نجري مشاورات حول هذا الموضوع مع المجموعة العربية (في الامم المتحدة) والسفير الفلسطيني.