واشنطن سترد على هجوم تعرض له جنودها دون استهداف مباشر لإيران

أنتوني بلينكن يؤكد أن رد بلاده على استهداف قواتها قرب الحدود الأردنية السورية سيكون متعدد المستويات وعلى مراحل ويستمر لبعض الوقت.
كيربي يؤكد أن بلاده لا تريد حربا شاملة في الشرق الأوسط

واشنطن - نفى البيت الأبيض سعيه للانخراط في حرب مع ايران بعد الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية في الأردن وادى لسقوط 3 قتلى من الجنود الأميركيين وجرح عشرات اخرين.
وتطرق بريت ماكغورك منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تصريحات صحفية الثلاثاء، إلى ما صرّح به الرئيس الأميركي جو بايدن بأن بلاده سترد "ردا مناسبا" على استهداف قاعدة أميركية قرب الحدود الأردنية السورية قائلا "لن ننجر لحرب شاملة مع ايران".
وأكد أن الولايات المتحدة لا تسعى للانخراط في حرب مع إيران ولا لاشتباك عسكري مع النظام (الإيراني)" موضحا أنهم لا يهدفون لتصعيد التوتر في المنطقة ومبينا في الوقت نفسه أن الهجوم الأخير على قاعدة أميركية بالأردن "صعّد من التوتر" وأن عليهم الرد عليه.
وأفاد بأن تفاصيل طبيعة وتوقيت ومكان الرد على هجوم الأردن أمر عائد لهم، لافتا إلى أن الجميع سيدري به عند وقوعه.
من جانبه قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن رد بلاده على استهداف قواتها قرب الحدود الأردنية السورية، سيكون "متعدد المستويات وعلى مراحل ويستمر لبعض الوقت" وذلك في تصريحات أدلى بها الاثنين، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ في واشنطن.
وأعرب عن حزنهم على الجنود الأميركيين الـ 3 الذين قتلوا جراء الهجوم مؤكداً اتخاذهم كافة التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات ضد القوات الأميركية مضيفا أن بايدن تدرس "خيار الرد العسكري" أيضا.
وفي معرض رده على سؤال حول "طبيعة الرد الذي ستقوم به الولايات المتحدة"، قال بلينكن: "كما أسلف الرئيس (بايدن) أمس، سنرد على هذا الهجوم وسيكون ردنا متعدد المستويات وعلى مراحل ويستمر لبعض الوقت". مشددا على أن الولايات المتحدة لا تسعى للانخراط في حرب مع إيران.
وأفاد بأن "التوتر تصاعد جدا في المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي"، مبينا أن الولايات المتحدة ستواصل حماية مصالحها في الشرق الأوسط.
من جانبه قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، إن الرئيس بايدن "سيرّد" على هجوم الأحد "بالطريقة الملائمة"، مضيفًا "لكننا لا نسعى إلى حرب مع إيران. لا نريد نزاعًا أوسع في الشرق الأوسط".
والتقى بايدن الإثنين أعضاء فريق الأمن القومي وبينهم وزير الدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك ساليفان وبريت ماكغورغ مستشاره لشؤون الشرق الأوسط، لمناقشة الوضع.
وقال بايدن الأحد "بينما ما زلنا نجمع وقائع هذا الهجوم، نعلم أنّ جماعات مسلّحة متطرّفة مدعومة من إيران تنشط في سوريا والعراق هي من نفّذته" متابعا "سنواصل التزامنا محاربة الإرهاب. لا يُساوِرَنّكُم شكّ في أنّنا سنحاسب جميع المسؤولين في الوقت المناسب والطريقة التي نختارها". وأكد كيربي الإثنين مجددا للصحافيين أن واشنطن "لا تسعى إلى حرب مع إيران".
وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" المؤلفة من فصائل مدعومة من إيران أنها نفّذت هجمات "بطائرات مسيرة" فجر الأحد، استهدفت ثلاث قواعد في الأراضي السورية، بينها قاعدتا التنف والركبان القريبتان من الحدود مع الأردن.
ومن الصعب التأكد مما إذا كانت إحدى هذه الهجمات هي التي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في شمال شرق الأردن.
وقالت واشنطن إن الهجوم تسبّب بمقتل ثلاثة جنود وجرح أكثر من أربعين آخرين. وقد طال الهجوم "برج 22" في شمال شرق الأردن، وهو قاعدة لوجستية تقع قبالة منطقة الركبان السورية.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن مصادر رسمية، أن القوات ربما فشلت في إحباط الهجوم، لعدم قدرتها على تحديد ما إذا كانت الطائرة بلا طيار معادية أم أنها طائرة أميركية عائدة إلى قاعدتها. ولم يؤكد البنتاغون هذا الأمر، قائلا إن التحقيق لا يزال مستمرا.
وقالت سابرينا سينغ، المتحدثة باسم البنتاغون، إن ثلاثة جنود أميركيين قتلوا بينما كانت القوات نائمة وأصيب أكثر من 40 شخصا، وهي حصيلة تضاف إلى 80 شخصا أصيبوا في أعمال عنف سابقة.

الميليشيات العراقية باتت خطرا كبيرا على القوات الأميركية
الميليشيات العراقية باتت خطرا كبيرا على القوات الأميركية

وذكرت سينغ أن الهجوم يحمل "بصمة كتائب حزب الله"، وهي جماعة عراقية مدعومة من إيران اتهمها البنتاغون بالوقوف وراء أعمال عنف سابقة.
ويضم "تاور 22" (برج 22) نحو 350 عسكريًّا من سلاحَي البرّ والجوّ الأميركيَّيْن ينفّذون مهمّات دعم لقوّات التحالف ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة. وهذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها جنود أميركيون في المنطقة منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل حوالى أربعة أشهر.
ودان الأردن الهجوم. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة مهنّد مبيضين في بيان الأحد إنّ الهجوم على القوّات الأميركيّة استهدف "موقعًا متقدّمًا على الحدود مع سوريا يضمّ قوّات أميركيّة تتعاون مع الأردن في مواجهة الإرهاب" مضيفا أنّ "الهجوم الإرهابي لم يؤدِّ إلى أيّ إصابات في صفوف القوّات المسلّحة" الأردنيّة.
واستُهدفت القوات الأميركيّة بأكثر من 150 هجومًا منذ منتصف تشرين الأوّل/أكتوبر في سوريا والعراق، وفق وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون).
ونفت إيران الاثنين ضلوعها في الهجوم. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني في بيان إنّ "الجمهورية الإسلامية لا تريد أن يتوسّع الصراع في الشرق الأوسط" مؤكدا أن "جماعات المقاومة في المنطقة لا تتلقّى أوامر من إيران في قراراتها وتصرّفاتها، ولا تتدخّل إيران في قرارات هذه الفصائل بشأن كيفية دعم الشعب الفلسطيني أو الدفاع عن نفسها وشعب بلدها ضد أيّ عدوان واحتلال".
واعتبر كنعاني أنّ "تكرار هذه الاتهامات من دون دليل... مؤامرة لمن يرون أن مصلحتهم تكمن في جرّ أميركا إلى معركة جديدة في المنطقة وتحريضها على توسيع الأزمة وتأجيجها من أجل التغطية على مشاكلهم".

وفي طهران، انقسمت الصحافة اليوم الثلاثاء حول عواقب الهجوم الذي تسبب بتراجع قيمة الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار واليورو في السوق السوداء.

واعتبرت صحيفة 'الشرق' الإصلاحية أن حصول مواجهة مباشرة "قليل الاحتمال" مذكرة بأن "طهران وواشنطن أظهرتا في الماضي قدرتهما على ضبط مخاطر نزاع مباشر".

ورأت صحيفة 'اعتماد' أنه "من الممكن أن تضرب واشنطن تحت ضغط الجمهوريين أهدافا محدودة إنما إستراتيجية داخل إيران".

ولفتت إلى أن مثل هذا السيناريو سيعني "نهاية الجهود الدبلوماسية بين طهران وواشنطن وسيرفع التوتر إلى مستوى غير مسبوق في الشرق الأوسط برمته".

من جهتها دعت صحيفة 'إيران دايلي' الحكومية في افتتاحيتها بايدن إلى "عدم الانجرار إلى هجوم عسكري مباشر ضد إيران للانتقام على ضربة وجهها طرف ثالث"، فأن "ذلك سيؤدي إلى رد متناسب من جانب إيران، ما قد يقود إلى حرب شاملة".

واعتبر الخبير أحمد زيد أبادي عبر صحيفة "هام ميهان" أنه "من الأرجح أن يضرب الجيش الأميركي قواعد للقوات الإيرانية" خارج الحدود وليس "على الأرض الإيرانية".

وقالت "المقاومة الإسلامية في العراق" إن الهجوم الذي شنته الأحد يأتي في إطار مقاومة "الاحتلال الأميركي في العراق والمنطقة"، و"الرد على مجازر" إسرائيل في قطاع غزة.
من جهتها دعت حركة النجباء التي تقول إنها منضوية في "المقاومة الإسلامية في العراق"، في بيان الأميركيين إلى "ان يتعلموا الدرس وان يرحلوا اليوم قبل الغد فكل يوم يمر سيدفعون ثمنه باهظا".
وذكر مسؤول أميركي أن قاعدة للتحالف الدولي لمكافحة الجهاديين بقيادة الولايات المتحدة في منطقة الشدّادي بشمال شرق سوريا، استُهدفت بـ"صواريخ عدة" لكن من دون أن تؤدي إلى إصابات أو أضرار.
وفي أقصى شرق سوريا، أخلت مجموعات من المقاتلين الموالين لإيران الإثنين 12 موقعاً في منطقتي البوكمال والميادين، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين. وأوضح المرصد أنّ تلك المجموعات "انتقلت إلى مواقع بديلة خوفاً من الرد الأميركي بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين".
وردّت واشنطن على الهجمات التي استهدفتها خلال الأشهر الماضية في سوريا والعراق بسلسلة ضربات في العراق استهدفت مجموعات موالية لإيران. كما ردّت الولايات المتحدة وبريطانيا بضربات مشتركة على مواقع للمتمردين الحوثيين في اليمن.
ويشن الحوثيون منذ بدء الحرب في قطاع غزة، هجمات في البحر الأحمر وخليج عدن، تستهدف سفنا يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك دعما للفلسطينيين.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان "في وقت يدعو العراق إلى وقف دوامة العنف، فإنه يؤكد استعداده للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنّب المنطقة المزيد من التداعيات، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع".
ودانت السعودية الهجوم. وجاء في بيان لوزارة الخارجية السعودية أن الرياض تدين "بأشد العبارات الهجوم الإرهابي على قاعدة عسكرية على الحدود الأردنية السورية".
كما دانت البحرين حيث يتمركز الأسطول الأميركي الخامس بشدة الهجوم، وكذلك فعلت الكويت التي دعت إلى "تضافر الجهود للوقوف بوجه مثل تلك الأعمال لتحقيق استقرار المنطقة والعالم".
بدورها دانت دولة الإمارات بشدة الهجوم و"جدّدت موقفها الثابت ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتتنافى مع القانون الدولي"، وفق بيان لوزارة الخارجية الإماراتية.
وأثار العنف المتزايد في أجزاء متعددة من الشرق الأوسط مخاوف من نشوب نزاع إقليمي أوسع نطاقا يشمل إيران بشكل مباشر، وهو السيناريو الأسوأ الذي تسعى واشنطن بشدة إلى تجنبه.