واشنطن لن تدعم لبنان ماليا قبل إصلاحات حقيقية
بيروت - أعلنت الولايات المتحدة أنّه لا دعم مالي للبنان قبل أن تبدأ إصلاحات حقيقية داعية إلى إجراء تحقيق شفاف وموثوق به في الانفجار الذي هز ببروت في الرابع من أغسطس وأسفر عن مقتل 178 شخصا وإصابة 6 آلاف وتدمير مناطق واسعة من العاصمة اللبنانية وترك نحو 300 ألف بلا مأوى.
وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، في ختام زيارته إلى لبنان السبت "عندما نرى أن القادة اللبنانيين يقومون بتغيير حقيقي قولاً وفعلا، عندها تستجيب أميركا وشركاؤها بدعم مالي مستدام للبنان".
ولفت هيل إلى أن حكومة الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الكونغرس للتعهد بتمويل إضافي بقيمة 30 مليون دولار لتسهيل تدفق الحبوب عبر مرفأ بيروت بشكل عاجل ومؤقت.
وكانت الولايات المتحدة قد تعهدت في وقت سابق بتقديم مساعدات أولية إلى لبنان بقيمة 17 مليون دولار لمواجهة تبعات الانفجار، بحسب بيان صادر عن السفارة الأميركية في بيروت.
وأكّد هيل أن "هذه المساعدات ستكون تحت الإدارة المباشرة لبرنامج الغذاء العالمي عبر المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص".
وأشار إلى أنّ انفجار بيروت المأساوي ناتج عن "عقود من سوء الإدارة، والفساد والفشل المتكرر للقادة اللبنانيين في تحمّل المسؤولية".
وقال "الولايات المتحدة تدعو القادة في لبنان إلى الاستجابة لمطالب اللبنانيين ووضع خطة موثوقة للاصلاح الاقتصادي والمالي ووضع حد للفساد المشتري".
ودعت الولايات المتحدة إلى إجراء تحقيق شفاف وموثوق به في الانفجار. وأعلن هيل أن فريقا من مكتب التحقيق الفيدرالي "إف بي آي"، سيصل العاصمة بيروت اليوم الأحد، للمشاركة في تحقيقات انفجار المرفأ.
وقال المسؤول الأميركي بعد زيارة المرفأ "إننا لا نستطيع أبدا العودة إلى عصر كان فيه أي شيء مباح في موانئ لبنان وحدوده. من المؤكد أن ذلك الوضع ساهم في هذه الحالة وأعتقد أنه مهم للغاية وأنه سيتعين على اللبنانيين تحديد أفضل السبل للقيام بذلك".
وزار هيل بيروت لمدة ثلاثة أيام، التقى خلالهم سياسيين وقادة وشخصيات مدنية وناشطين.

ويواجه الساسة في لبنان اتهامات بالفساد يوجهها ناشطون ومتظاهرون.
وفي 4 أغسطس/آب الجاري، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلف 178 قتيلا وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بحسب تقديرات رسمية سابقة.
كما سبب الانفجار بدمار مادي هائل، وخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، وفقا لأرقام رسمية غير نهائية.
ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، الإثنين، بعد أن حلت منذ 11 فبراير/ شباط الماضي، وكُلفت حاليا بتصريف أعمال البلاد التي تعيش حالة طوارئ.
ويزيد انفجار بيروت من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر، تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
وأجج الانفجار الغضب الشعبي ضد النخبة الحاكمة التي تواجه بالفعل انتقادات شديدة بسبب انهيار مالي هوى بالعملة وقلص قيمة المدخرات وحرم المودعين من إمكانية السحب من أموالهم.
ويشك بعض اللبنانيين في قدرة السلطات على إجراء تحقيق ملائم ويقولون أنه يتعين على دول أجنبية التدخل.
وقال رجل الأعمال جيمي إسكندر "نحن لا نثق بالحكومة، سيكذبون علينا. ينبغي أن يشكلوا لجنة دولية للتحقيق".
وقال الرئيس اللبناني ميشيل غون الذي يواجه مطالب شعبية متزايدة بستقالته هو الآخر، إن التحقيق سيبحث ما إن كان سبب الانفجار الإهمال أم أنه قضاء وقدر أم نتيجة "تدخل خارجي".
وأضاف في مقابلة مع قناة "بي.إف.إم" الإخبارية الفرنسية إن كل الفرضيات لا تزال قائمة في التحقيق في أسباب الكارثة، مشيرا إلى أنه طلب إرسال المساعدات التي تقدمها الدول الأجنبية إلى من هم في حاجة إليها.
وأوضح الرئيس اللبناني أنه لا يفكر في الاستقالة بعد استقالة الحكومة في الآونة الأخيرة.
وقال حزب الله، المدعوم من إيران وتدرجه الولايات المتحدة في قائمة المنظمات الإرهابية، إنه سينتظر نتائج التحقيق الرسمي اللبناني بشأن الانفجار في وقت تضغط فيه الجماعة الشيعية لعدم إجراء تحقيق دولي يثير الشكوك أكثر حول تخوفها من كشف تورطها المحتمل في الحادث.
ولم يستبعد الأمين العام للجماعة حسن نصر الله في كلمة بثها التلفزيون الجمعة تورط إسرائيل في الحادث قائلا إنه إذا ثبت أنه عمل تخريبي وراءه تل أبيب فإنها ستدفع الثمن.
ونفت إسرائيل ضلوعها في الانفجار.
كما قال نصر الله إن جماعته تعارض إجراء تحقيق دولي، زاعما أن الهدف الأول له سيكون استبعاد أي مسؤولية لإسرائيل عن هذا الانفجار إن كانت مسؤولة عنه. وأضاف أن مشاركة مكتب التحقيقات الاتحادي تؤدي الهدف نفسه.
وأدخل الانفجار لبنان في حالة فراغ سياسي جديد منذ استقالة الحكومة التي تشكلت في يناير/كانون الثاني بدعم من حزب الله وحلفائه بمن فيهم عون.