وجدة تطلق الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب

المعرض يستضيف ندوة علمية تسلط الضوء على واقع الرواية العربية.

وجدة (المغرب) - تحت شعار "الكتابة والزمن" انطلقت الأربعاء بمدينة وجدة المغربية فعاليات الدورة الرابعة من المعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية" والذي يمتد إلى غاية الحادي والعشرين من أبريل/نيسان الجاري.

وتنظم المعرض الذي يعود بعد غياب اضطراري لثلاث سنوات، وكالة تنمية جهة الشرق بالشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وولاية جهة الشرق ومجلس الجهة وجماعة وجدة وجامعة محمد الأول والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي.

ونوه وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد في كلمة تلتها نيابة عنه الكاتبة العامة للوزارة (قطاع الثقافة) سميرة ماليزي، بتنظيم هذه التظاهرة الثقافية "المتميزة بمضامينها العميقة والواعدة"، معربا عن شكره للمنظمين على "العناية بالثقافة والفكر وحاملهما الوفي، الكتاب، الذي لا ندخر جهدا في تبويئه ما يستحق من عناية واحتفاء".

وأوضح الوزير أن شعار الدورة "الكتابة والزمن" يعد شعارا عميقا للاحتفاء بالثقافة، و"يرسم علاقتنا بالزمن وما تسعى لتركه من أثر مكتوب"، مشيدا بمشاركة رواد هذا الملتقى الأدبي الاحتفاء في عاصمة الجهة الشرقية بالكتاب في رهاناته المغاربية.

وأبرز أن "الكتابة تظل شأنا جغرافيا يستدعي الثقافات والهويات والتطلعات"، مشيرا إلى التوجيهات الملكية للعاهل المغربي الملك محمد السادس التي تدعو على الدوام إلى بناء مستقبل مغاربي ومتوسطي وأفريقي وإنساني موحد، وما يسعى إليه أيضا معرض الكتاب المغاربي ومدينة وجدة والجهة الشرقية المحتضنة لعدة فعاليات كبرى ذات منحى جمعي.

وستشهد دورة هذا العام تكريم الراحل عبدالقادر الرتناني، وفق معاذ الجامعي والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنكاد، مسلطا الضوء على مساهمته في إحداث هذه التظاهرة.

وأشاد رئيس المعرض محمد امباركي لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالمجهودات التي بذلتها مختلف الفعاليات المساهمة في تنظيم هذه التظاهرة الثقافية، معبرا عن ترحيبه بكل ضيوف الدورة الرابعة من شعراء وكتاب وفلاسفة وروائيين و"الذين حضروا من عدة دول لإغناء هذا الحوار الثقافي".

وفي إشارة إلى شعار دورة هذه السنة "الكتابة والزمن"، قال امباركي إن غياب المعرض لمدة أربع سنوات الماضية بسبب جائحة كورونا "يجعلنا ندرك قيمة الزمن"، مضيفا أن الدورة الرابعة "تلقي الضوء على العلاقة الجدلية ما بين الزمن والمكان".

ويرى المنظمون أن من شأن هذه التظاهرة الثقافية التي تقام بفضاءات ساحة 3 مارس ومسرح محمد الخامس، المساهمة في الإشعاع الثقافي لمدينة وجدة، لاسيما أنها تعرف مشاركة كتاب وباحثين وروائيين وفنانين وشعراء من بلدان أفريقية وعربية وأوروبية، إلى جانب حضور 31 دار نشر، حيث سيعرض الناشرون المغاربة والأجانب إصداراتهم الجديدة.

ويتضمن برنامج هذه التظاهرة أيضا إقامة فضاءات متعددة لمقاهي أدبية وتنظيم ورشات عمل لفائدة الشباب والأطفال، وأمسيات شعرية، إلى جانب أنشطة ثقافية موازية بمؤسسات جامعية وتربوية وبالمؤسسة السجنية، ضمنها معرض تشكيلي برواق الفنون "مولاي الحسن" بمشاركة فنانين ينتمون لجهة الشرق، وذلك تحت شعار "الكتابة الفنية والزمن".

وسلط روائيون وكتاب عرب، الخميس، خلال ندوة بعنوان "الروائي العربي إلى أين ؟"، الضوء على واقع الرواية العربية، والرهانات الجمالية التي تؤطر رؤيتها لقضايا الإنسان والمجتمع.

وتوقف المشاركون خلال هذه الندوة، المنظمة في إطار أشغال الدورة الرابعة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"، عند الإشكاليات المرتبطة بالنشر والإصدار الخاص بالإنتاجات الروائية، وأهمية الجوائز الأدبية في تحديد القيمة الإبداعية للعمل الروائي.

واستعرض عدد من المتدخلين خلال هذا اللقاء الذي شارك فيه كل من الروائي والشاعر محمود عبدالغني، الروائي التونسي الحبيب السالمي، والروائية العراقية دنى غالي، مراحل تطور الرواية العربية وخصوصياتها الجمالية والفنية، مذكرين بتأثرها بالرواية الغربية، خصوصا منها الفرنسية والإنجليزية.

وأوضح الروائي محمود عبدالغني أن الرواية العربية مطبوعة ومنفتحة على مسارات تاريخية وواقعية ومجتمعية تشكل قاسما مشتركا بين المجتمعات العربية وبين هذه التجارب الروائية العربية، وتشترك في مقاربة نفس القضايا والرهانات.

وبخصوص الجوائز الأدبية، أكد المتدخلون على أهمية الجوائز المرصودة للأعمال الروائية العربية، حيث سجل الروائي التونسي الحبيب السالمي، قيمة ودور الجوائز في تطوير وتثمين المنتوج الروائي، محذرا في نفس الوقت من أن تقتصر الحوافز التي من شأنها أن تنهض بالإبداع والكتابة الروائية على هذه الجوائز، بل أن تشمل مستويات أخرى تنهض بالقيمة الاعتبارية والجمالية لهذا النوع الأدبي.

وقال عبدالغني إن هذه الجوائز تضفي قيمة معنوية وأدبية على تجربة الروائي، لافتا إلى ضرورة أن لا تتجاوز قيمتها المالية البعد الرمزي. واستشهد في هذا الإطار بجائزة "غونكور" الفرنسية التي تمنحها أكاديمية "غونكور" للأعمال النثرية، والتي لا تتجاوز قيمتها 10 يورو.

وأكد بعض المتدخلين على أهمية النقد في النهوض وتطوير الإنتاج الروائي العربي ومسايرة مسارات تطوره الجمالي والفني، محذرين من الأثر السلبي لنوع معين من النقد، و"الذي يصدر، في غالب الأحيان، عن أشخاص غير مطلعين بالشكل الكافي على هذا الجنس الأدبي".

وسيكون زوار المعرض على موعد مع العديد من الموائد المستديرة، باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، تناقش مواضيع تهم، على الخصوص "الكتابة والزمن"، "زمن الإسلام"، "الجاليات والهجرة"، "العالم والرقمنة"، "نقد المعرفة"، "الشعر في زمن الأزمات"، "الآداب الإفريقية"، "القصة في العالم العربي"، "الرواية العربية بين اللغة والمجتمع"، و"سفر في الترجمة".

وستعرف الدورة الرابعة أيضا تخصيص فضاء للطفل من أجل تحسيسهم وتشجيعهم على القراءة.

ويسعى هذا الحدث الثقافي إلى أن يصبح موعدا أساسيا لحوار الثقافات والحضارات، حيث يلتقي الإبداع المغربي مع المشترك الكوني من أجل مستقبل يسوده السلام.