وجه آخر لموسكو أمام واشنطن لتأمين إعمار سوريا

رغم التوتر حول سوريا وفي اكثر من ملف دولي اخر، قائد القوات الروسية يبعث الى نظيره الاميركي طلبا للمساعدة في اعادة الاعمار وعودة اللاجئين السوريين ضمن اقتراح لقي فتورا في واشنطن.
الاقتراح الروسي يشمل فقط المناطق الخاضعة للأسد
واشنطن لن تدعم الخطة الروسية الا باتفاق على الانتقال السياسي

واشنطن - جاء في مذكرة للحكومة الاميركية أن روسيا استخدمت قناة اتصال مع أكبر جنرال اميركي لتقترح تعاون خصمي الحرب الباردة السابقين في إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين إلى البلاد.
وتشير المذكرة إلى أن الاقتراح أرسله في 19 يوليو/تموز فاليري جيراسيموف  رئيس الأركان العامة للجيش الروسي إلى الجنرال الاميركي جوزيف دنفورد رئيس هيئة الأركان الاميركية المشتركة.
ولقيت الخطة الروسية، التي لم يتم الكشف عنها من قبل، استقبالا فاترا في واشنطن. وقالت المذكرة إن السياسة الاميركية يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
ويكشف الاقتراح كيف أن روسيا، التي ساعدت في تحول دفة الحرب لصالح الرئيس بشار الأسد، تضغط الآن على واشنطن وآخرين للمساعدة في إعادة إعمار المناطق الخاضعة لسيطرته. ومثل هذا الجهد من شأنه أن يعزز على الأرجح قبضة الأسد على السلطة.
وجاء في المذكرة التي اوردت وكالة رويترز للأنباء مقتطفات منها "يقول الاقتراح إن النظام السوري يفتقر إلى المعدات والوقود والمواد الأخرى والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل استيعاب عودة اللاجئين". وأشارت المذكرة إلى أن الاقتراح يتعلق بالمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية فحسب.
وتبنت الولايات المتحدة في 2011 سياسة تقوم على ضرورة أن يترك الأسد السلطة لكنها تابعت بعد ذلك قواته وهي تستعيد، بدعم من إيران ثم من روسيا، السيطرة على الأراضي وتعزز وضع الأسد.
ورسمت الولايات المتحدة خطا بشأن مساعدات إعادة الإعمار، قائلة إنها يجب أن تكون مرتبطة بعملية شاملة تتضمن إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة إضافة إلى انتقال سياسي في سوريا. وتلقي الولايات المتحدة باللوم على الأسد فيما حل بسوريا من دمار.
وامتنع مكتب دنفورد عن التعليق على الاتصالات مع جيراسيموف. وقالت المتحدثة الكابتن باولا دون "وفقا للقواعد المتبعة وافق الجنرالان على إبقاء تفاصيل محادثاتهما سرية".

وافق الجنرالان على إبقاء تفاصيل محادثاتهما سرية

وقتلت الحرب في سوريا نحو نصف مليون شخص وأدت إلى فرار نحو 5.6 مليون شخص خارج البلاد ونزوح نحو 6.6 مليون شخص داخلها.
وكان أغلب من فروا من الأغلبية السنية ولم يتضح إن كانت حكومة الأسد التي يهيمن عليها العلويون ستسمح للجميع بالعودة بحرية وإذا ما كانوا سيريدون أصلا العودة. وشكل السنة أغلب قوام جماعات المعارضة المسلحة التي قاتلت ضد الأسد.
وقالت المذكرة التي ركزت بالأساس على الخطة الروسية بشأن سوريا "الولايات المتحدة لن تساند عودة اللاجئين إلا إذا كانت آمنة وطوعية وبكرامة".
وفقا لأحد تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار سوريا ستتطلب جهودا هائلة تتكلف 250 مليار دولار على الأقل.
ويعتقد بعض المسؤولين الاميركيين إن اعتماد سوريا على المجتمع الدولي من أجل إعادة البناء إضافة إلى وجود قوات اميركية وقوات تدعمها الولايات المتحدة في منطقة في سوريا يعطي واشنطن موقف أفضلية فيما يسعى دبلوماسيون لإنهاء الحرب من خلال التفاوض.
قدم هذا التطور لمحة نادرة لقناة الاتصال العسكرية بين موسكو وواشنطن وهي قناة حاول دنفورد نفسه بكل السبل أن يبقيها أمرا خاصا.
وأكد دنفورد، الذي يتحدث دوريا مع جيراسيموف ، على أن الجيشين بحاجة إلى التواصل بشكل سري وخاص لتجنب أي سوء فهم يمكن أن يؤدي لمواجهة مسلحة بينهما.
لكن لم يتضح ما هو موقع إعادة البناء واللاجئين من سياق التواصل بين الجيشين. ويشير خطاب جيراسيموف  إلى أن موسكو تستخدم القناة أيضا لطرح موضوعات غير عسكرية.
وناقش الرئيسان الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ملف سوريا وموضوع اللاجئين في قمة جمعتهما في 16 يوليو/تموز في هلسنكي. وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو إن المحادثات ركزت على "كيف يمكننا إعادة اللاجئين".

الأمم المتحدة تقدر إعادة إعمار سوريا بـ250 مليار دولار
الأمم المتحدة تقدر إعادة إعمار سوريا بـ250 مليار دولار

لكن وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس قال الأسبوع الماضي إن القمة لم تسفر عن تغييرات في السياسات المتبعة. وقالت مذكرة الحكومة الاميركية بوضوح إن الاقتراح الروسي ليس "نتيجة" لمحادثات بوتين وترامب لكنها حذرت من أن مسؤولين روسا يحاولون عرض الأمر بشكل مختلف.
وقالت المذكرة "شارك دبلوماسيون روس ومسؤولون آخرون في حملة شرسة لوصف المبادرة في عواصم أخرى بطريقة توحي بأنها نتيجة القمة الاميركية الروسية في هلسنكي. وهو ليس صحيحا. نكرر ليس صحيحا".
وأضافت المذكرة أن خطابا ملحقا من روسيا بالمقترح أرسل إلى دنفورد يوصي بأن تغير الولايات المتحدة وروسيا والأردن الغرض من مركز أقيم لمراقبة اتفاق لوقف إطلاق النار في 2017 ليصبح غرضه "تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذ خطة إعادة البناء وعودة اللاجئين".
ويستضيف الأردن أكثر من 650 ألف لاجئ سوري.
وأضافت المذكرة الاميركية أن الخطاب الروسي يقترح أيضا أن تشكل الولايات المتحدة وروسيا مجموعة مشتركة لتمويل تجديد البنية التحتية في سوريا.