وفد إسرائيلي يحضر اجتماع اليونسكو بالرياض على وقع مباحثات للتطبيع

أعضاء الوفد حصلوا على تأشيرات دخول إلى المملكة عبر المنظمة الدولية، فيما أثنى مسؤول إسرائيلي على المعاملة الجيدة التي وجدوها من السعوديين.

الرياض - يشارك وفد إسرائيلي اليوم الاثنين في اجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) يُعقد في الرياض، في أول زيارة علنية إلى المملكة التي لا تربطها بالدولة العبرية علاقات دبلوماسية وتتزامن الزيارة مع مباحثات تجريها الولايات المتحدة بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين، فيما تتمسك الرياض بموقفها الواضح الرافض لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل قبل حلّ القضية الفلسطينية وفق المبادرة العربية التي أقرّت في قمة بيروت قبل نحو عقدين.

وقالت وكالة 'فرانس برس' نقلا عن مسؤول إسرائيلي إن الوفد المكوّن من خمسة أفراد وصل الأحد إلى الرياض عبر دبي للمشاركة في اجتماعات اليونسكو لتحديث قائمتها للتراث العالمي للمواقع الثقافية والتاريخية، فيما لم يصدر عن الرياض ما يؤكد أو ينفي المعلومة.

وجلس أعضاء الوفد في قاعة الاجتماع في برج الفيصلية وعلى الطاولة أمامهم لوحة كُتب عليها "إسرائيل" بالإنجليزية.

وأثارت اللوحة فضول وأنظار الشباب السعوديين المشاركين في تنظيم المؤتمر الذي يتوقع أن يقرّ إدراج أكثر من خمسين موقعاً في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وردا على سؤال حول مشاركة الوفد، قال شاب سعودي في فريق التنظيم طلب عدم ذكر اسمه "هذا أمر الله. الموضوع أكبر منّا وليس بوسعنا الاعتراض عليه".

وقال مسؤول إسرائيلي في الرياض طلب عدم الكشف عن اسمه "نحن مسرورون بوجودنا في الرياض. إنها خطوة أولى جيدة"، مضيفًا "نشكر اليونسكو والسلطات السعودية".

وأكد المسؤول أن أعضاء الوفد الخمسة حصلوا على تأشيرات دخول المملكة عبر المنظمة الدولية وقد وصلوا الأحد في رحلة من مطار دبي في الإمارات المجاورة، إذ لا توجد رحلات جوية مباشرة بين إسرائيل والسعودية.

وأوضح أن الوفد سيبقى في السعودية طوال فترة انعقاد المؤتمر الذي يستمرّ حتى 25 أيلول/سبتمبر، مضيفا أن الزيارة "جيدة للغاية ... لقد عاملَنا السعوديون بشكل جيد جدا".

وتؤكد السعودية منذ أعوام طويلة أن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل واعترافها بها يتوقف على تطبيق حل الدولتين مع الفلسطينيين.

ولم تنضم المملكة إلى اتفاقيات أبراهام المبرمة عام 2020 والتي توسطت فيها الولايات المتحدة وأقامت بموجبها إسرائيل علاقات مع جارتي المملكة، الإمارات والبحرين. ولحق بهما السودان والمغرب.

وقبل ذلك، لم تكن إسرائيل تقيم علاقات رسمية مع دول عربية غير مصر والأردن بموجب اتفاقيتي سلام تمّ توقيعهما قبل عقود.

ورغم أن الوفد ليس سياسيا إلا أن الزيارة تغذّي التقارير المتزايدة عن تحركات للتقريب بين البلدين.

وزار وفد فلسطيني الرياض الأسبوع الماضي لمناقشة سبل المضي قدمًا إذا قامت السعودية وإسرائيل بتطبيع علاقاتهما.

ولا تعترف المملكة التي تتمتع برمزية كبيرة في العالم الاسلامي لضمّها الحرمين الشريفين، بإسرائيل.

لكن خلال جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط العام الماضي أعلنت هيئة الطيران المدني السعودية فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوّية"، ما مهد الطريق للطائرات الإسرائيلية لاستخدام المجال الجوي السعودي.

وقد أقلّت الطائرة الرئاسية بايدن إلى جدة من مطار بن غوريون الإسرائيلي لإجراء محادثات مع القادة السعوديين، لكنّ المملكة نفت حينها أن تكون الخطوة تمهّد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

واتخذت السعودية التي تحاول إعادة تشكيل وتنشيط اقتصادها المرتكز على النفط، عددًا من التحركات الدبلوماسية التاريخية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك إعادة العلاقات مع إيران بعد أكثر من سبع سنوات من قطع العلاقات بين القوتين الإقليميتين البارزتين.

وأوضح المحلل السعودي عزيز الغشيان إن حقيقة أن الزيارة تم تنسيقها من قبل اليونسكو تشير إلى وجود "عقبات" أمام التطبيع السعودي الإسرائيلي.

وقال الغشيان "هذا على الأرجح نتيجة لكون السعودية أكثر انفتاحا على العالم والذي سيشمل الإسرائيليين وليس نتيجة للعلاقات الثنائية بين السعودية وإسرائيل".

وأشار الى أن المسؤولين السعوديين أدركوا أنهم لا يستطيعون حظر أي شخص من دخول البلاد إذا كانوا يريدون تحويل المملكة إلى مركز عالمي للأعمال والسياحة في إطار الخطة الاقتصادية الطموحة "رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.

ورأى أنه "من المؤكد أن الإسرائيليين سوف يستغلون الأمر كخطوة أولى، في حين أن اليونسكو قامت بتسهيله. الأمر في الحقيقة لم يحدث بسبب مهاراتهم الدبلوماسية أو انتصاراتهم الدبلوماسية".

وقارن زيارة الوفد الإسرائيلي بزيارة قام بها هذا الصيف لاعبو الرياضات الإلكترونية الإسرائيليون لمهرجان "غيمرز 8"، والتي تطلبت أيضًا "تنسيقًا من طرف ثالث".

ورغم هذه العقبات، اعتبرت فتاة سعودية تشارك في تنظيم المؤتمر أن مشاركة الوفد الإسرائيلي "تاريخية".

وقالت الفتاة التي ارتدت العباءة السوداء التقليدية وهي تقف قرب مقاعد وفد الدولة العبرية "نحن نشاهد حدثا تاريخيا بوجود الوفد الإسرائيلي في الرياض"، مضيفة "هذا أمر لم يكن ممكن تخيله قبل سنوات قليلة".

وكثر خلال الآونة الأخيرة الحديث من قبل مسؤولين إسرائيليين عن قرب تطبيع العلاقات مع السعودية، لكن الرياض أكدت في أكثر من مناسبة أن ذلك لن يحدث إلا بعد التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.