أمير قطر في تركيا في زيارة رفع عتب

الدوحة الغارقة في مشاكل متفاقمة بسبب ورطتها في دعم وتمويل الإرهاب واتساع عزلتها الإقليمية والدولية بعد قرار المقاطعة العربية والخليجية، تبدو عاجزة عن انتشال حليفها الرئيس التركي من محنته كما أنها لن تجازف بإغضاب الحليف الأميركي.

زيارة أمير قطر لتركيا استعراضية أكثر منها تضامنية
الدوحة تحاول احتواء غضب أنقرة لترددها في دعم حليفها التركي
قطر لن تغامر بإغضاب واشنطن فيما تشدد الأخيرة الضغوط على اردوغان
أمير قطر يتعهد باستثمارات بـ15 مليار دولار يجري تمريرها للبنوك والأسواق التركية


أنقرة - أكدت قطر الأربعاء أنها حليف استراتيجي لتركيا مبدية استعدادها لتقديم الدعم اللازم لأنقرة التي تطرق أزمة اقتصادية بقوة أبوابها على خلفية الانهيار القياسي لليرة، في إعلان يبدو استعراضيا على هامش الزيارة التي يقوم بها أمير قطر إلى تركيا والتي تبدو زيارة رفع عتب أكثر منها زيارة تضامن ودعم لأنقرة في محنتها الاقتصادية، فالدوحة الغارقة في سيل من المشاكل أعجز من أن تنتشل الرئيس التركي اردوغان من أزمته في الوقت الذي تعجز فيه هي عن انتشال نفسها من ورطة دعم وتمويل الإرهاب ومن عزلة آخذة في التفاقم بعد قرار المقاطعة العربية والخليجية.

وقال السفير القطري لدى تركيا سالم بن مبارك آل شافي إن تركيا "حليف استراتيجي" لنا، و"لن تتردد في تقديم الدعم اللازم للجمهورية التركية"، مضيفا أن دولة قطر "دائما سباقة في نصرة إخوانهم الأتراك".

وتأتي تصريحات السفير القطري وسط ريبة تركية في إمكانية حصول أنقرة على دعم من قطر التي من المستبعد أن تجازف بإغضاب الولايات المتحدة.

وتواجه قطر نفسها ضغوطا داخلية وخارجية على خلفية تورطها في دعم وتمويل الإرهاب وعزلة آخذة في الاتساع منذ قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية معها.

ومن المستبعد جدا في ظل ورطتها الراهنة أن تمد يدها لانتشال تركيا من أزمتها طالما أنها هي ذاتها غارقة في مشاكل متفاقمة ولا يمكنها أن تخطو أي خطوة من شأنها أن توتر العلاقات مع ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اتهمها علانية وبشكل مباشر في وقت سابق بأن لها سجل حافل في دعم وتمويل الإرهاب ودعاها للتوقف عن ذلك.

وتشهد العلاقات الأميركية التركية توترا آخذ في الاتساع مع رفض تركيا الإفراج عن القس الأميركي المحتجز لديها منذ 2016 والذي وضعته السلطات التركية قيد الإقامة الجبرية بتهم تتعلق بصلته بشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016.

ولوحت واشنطن الاثنين بتشديد العقوبات على تركيا في حال لم تفرج عن القس الأميركي.

وفي خضم التصعيد الأميركي لا يبدو أن قطر التي حصلت على دعم تركي واسع بعد قرار المقاطعة العربية، أن تغامر بإغضاب الحليف الأميركي الذي يطالب الدوحة بخطوات مملموسة تثبت تخليها عن دعم جماعات متطرفة.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني
استقبال اردوغان البارد لأمير قطر يظهر حجم الغضب التركي من تردد الدوحة في دعم حليفتها تركيا

إلا أن قطر التي يقوم أميرها بزيارة إلى تركيا تبدو متأخرة نسبيا بالنظر إلى توقيتها مقارنة مع سرعة التحرك التركي لدعم الدوحة في أزمتها، تحاول احتواء غضب أنقرة بزيارة تبدو استعراضية.

وقال السفير القطري لدى تركيا "الدولتان لهما مواقف مشتركة في مجمل القضايا الإقليمية والدولية لما يصب في صالح شعبي البلدين ولعل العلاقات التي تربط بين القيادتين والشعبين هي المحرّك الأساسي والقوي لكلتا الدولتين".

وأكد أن زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى تركيا اليوم الأربعاء تدلل على "قوة العلاقات القطرية التركية وستتخللها بعض التطورات الإيجابية تؤكد مدى تلاحم الشعبين القطري والتركي ووقوفهما المشترك ضد التحديات التي تواجهما".

ولفت إلى أن كثيرا من المواطنين القطريين توجهوا إلى محلات الصرافة لشراء الليرة التركية بعشرات الملايين من الدولارات بهدف دعم وإنعاش العملة التركية لكون تركيا حليف استراتيجي لدولة قطر.

وأفاد بأن زيارة أمير قطر إلى تركيا "ستتخللها بعض التطورات الايجابية وستكون مثمرة ومؤثرة لصالح خدمة الشعبين الشقيقين ولتؤكد مرة أخرى مدى تلاحم الشعبين القطري والتركي ووقوفهما المشترك ضد التحديات التي تواجهما".

التردد القطري في دعم تركيا في مواجهة الضغوط الأميركية يخيم على اجتماع اردوغان والشيخ تميم

واختتم السفير القطري تصريحه بالقول "نجدد وقوفنا الثابت مع الشعب التركي الشقيق في محنته الراهنة ونؤكد على أن علاقاتنا المتينة مع الجمهورية التركية لديها مكانة مميزة لدى شعبنا ".

وغرقت تصريحات الدبلوماسي القطري في الإشادة بالتحالف بين أنقرة والدوحة إلا أنها لم تتضمن ما يفيد عمليا بأن لدى قطر القدرة على إنقاذ أنقرة من محنتها.

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم الأربعاء في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وجرت مراسم الاستقبال الرسمية في ساحة المجمع الرئاسي ثم توجه اردوغان والشيخ تميم إلى داخل المجمع الرئاسي للبدء باجتماعهما الثنائي.

ومن المقرر أن يناقشا العلاقات الثنائية إلى جانب القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، إلا أن أزمة تركيا الاقتصادية وتحديدا أزمة انهيار الليرة ستهيمن على اجتماع اردوغان وتميم.

وترجح مصادر أن يلقي اردوغان باللوم على ضيفه لتأخره في إعلان دعم الدوحة تضامنها مع تركيا في مواجهة الضغوط الأميركية.

وأفاد بيان صادر عن الرئاسة التركية بأن أمير قطر تعهد باستثمار 15 مليار دولار في تركيا، فيما أوضح مصدر حكومي أنه سيجري تمرير هذه الاستثمارات إلى الأسواق المالية والبنوك.

وكان الرئيس التركي قد اتهم الولايات المتحدة بشن حرب اقتصادية على بلاده متحدثا عن مؤامرة تستهدف الاقتصاد التركي.

وفي المقابل تبدو زيارة أمير قطر لتركيا في هذا التوقيت زيارة رفع عتب أكثر منها زيارة تضامن ودعم حيث أن فاقد الشيء لا يعطيها، فالدوحة أكثر حاجة لمن ينقذها من ورطتها وهي أعجز من أي وقت مضى عن إنقاذ حليفها

وتواجه تركيا في الآونة الأخيرة ضغوطا اقتصادية من جانب قوى دولية في مقدمتهم الولايات المتحدة، ما تسببت في تقلبات بسعر صرف الليرة.