إيران تبدأ الحرب باستعراض باب المندب

الجمهورية الإسلامية التي اخترعها خميني منذورة لصراع أبدي مع العالم. تكره العالم وتدعوه إلى أن يكرهها.

صارت إيران تدق طبول الحرب كما لو أن تلك الحرب ستقع بين لحظة وأخرى. حرب مؤجلة منذ حوالي أربعين سنة لا أحد سوى إيران يتحدث عنها باعتبارها حدثا محتما.

"لابد من الصدام مع الولايات المتحدة الأميركية". تلك جملة هي جزء من الثقافة الشعبية التي تربت عليها الأجيال في ظل حكم آيات الله. وهي جملة تلخص كل ما فعله النظام الإيراني في مجال التعبئة الشعبية.

كانت إيران دائما في حالة حرب. فالشيطان الأكبر هو عقدة المرشد الأعلى للثورة وهو شعار المسيرات الجماهيرية وهو ذريعة برامج أسلحة الدمار الشامل التي يتمترس وراءها الحرس الثوري.
منذ أربعين سنة وإيران تحارب. الجمهورية الإسلامية التي اخترعها خميني منذورة لصراع أبدي مع العالم. تكره العالم وتدعوه إلى أن يكرهها.

وكما يبدو فإن دعاء من نوع "عجل الله من فرجه" والمقصود هنا الامام الغائب أو المهدي المنتظر وضعه آيات الله نصب أعينهم وهم يخططون للدور الذي تلعبه جمهوريتهم في إشاعة الخراب والموت والفساد في هذه البقعة من الأرض من أجل التعجيل بظهور ذلك الامام الذي سينشر العدل بعد طول انتظار.

ولكن أتباع ذلك الامام نجحوا في إقامة جمهوريتهم على الأرض، فلمَ لا يبادرون إلى نشر العدل بأنفسهم في الحيز الذي يملكون فيه حرية الحركة بدلا من نشر الفساد وهتك عقولهم وعقول الجهلة من ضحاياهم بمفردات ثقافة الموت؟

تجر إيران وراءها تاريخا من الأوهام. منها ما يتعلق بتاريخها المشتبك بتاريخ المنطقة ومنها ما يتعلق بتاريخ العرب وحدهم. في الجانب الثاني فإنها اعتبرت نفسها طرفا في خلاف تاريخي كان من الممكن أن تستغني عنه لو أنه استجابت لغرورها الامبراطوري المعطوب.

الحرب الني تنغمس فيها إيران يقوم الجزء الأكبر منها على الرغبة في الحاق الضرر بالسلم والامن والاستقرار في المنطقة العربية. فهي كما تعلن تعتبر ذلك الجزء من العالم مساحتها الدفاعية التي تستطيع من خلالها ابعاد الحرب عن أراضيها. إنها تقاتل في أرض ليست أرضها.          

ولكن ليس كل ما تقوله إيران صحيحا.

صحيح أنها تهيئ نفسها لحرب طال أمد انتظارها، غير أنها حين تحتل دولا بذريعة الاستعداد لتلك الحرب فإنها تلحق الضرر بشعوب لا علاقة لها بالقتال   ضد الشيطان الأكبر.

فإيران التي تستعد لحربها الخاسرة بالتأكيد ضد الولايات المتحدة بدأت في استعراض قوتها في باب المندب حين ضُربت إحدى ناقلات النفط السعودي كما لو أن الحوثيين قد قرروا القيام بذلك.

وكما يبدو فإن إيران بسبب هلعها قررت أن تبدأ الحرب. فالناقلة وإن كانت سعودية فإن البضاعة التي تحملها هي قوت العالم كله. الأخطر من ذلك أن السعودية اتخذت قرارا بإيقاف رحلات ناقلاتها التي تحمل النفط عبر البحر الأحمر وهو ما يعني أن العالم سيشهد نقصا في امدادات النفط.

لقد سبق لإيران أن أعلنت أنها ستقوم بإغلاق مضيق هرمز إن تم حرمانها من تصدير نفطها غير أنها سبقت الموعد من خلال إغلاق باب المندب حين صارت ناقلات النفط التي تمر بذلك الممر البحري عرضة للخطر.

ولكن هل من المنطقي أن تستعجل إيران وقوع الحرب؟

أعتقد أن إيران قد صُدمت بالإعلان السعودي. ذلك الإعلان يعني أن باب المندب قد تم اغلاقه عمليا. لم يكن ضروريا أن يتضمن الإعلان السعودي إشارة إلى الجهة التي أغلقت الممر البحري. تلك الجهة معروفة.

لقد بدأت إيران الحرب. 

بدأت بخطوة تعرف إيران مدى خطورتها غير أنها في الوقت نفسه تقدر أن العقوبات الأميركية التي سيبدأ تنفيذها بعد أيام ستضعها في زاوية ميتة. لذلك قررت أن تكون الطرف الذي يبدأ الحرب في محاولة أخيرة لاستعراض القوة أمام العالم.