الحديدة وصعدة والرسالة الواضحة

يعلم النظام الايراني جيدا بأن سقوط مشروعه في اليمن سوف يفتح الابواب على مصاريعها لسقوط مشروعه بالمنطقة. اليمن ليس سوريا.

مخطئ من يظن بأن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لو كان يعلم بما سيحصل له في سوريا واليمن، لم يكن قد بادر الى ما بادر إليه طوال الاعوام الماضية، ذلك إن التدخلات في المنطقة أمر لا بد منه لطهران لأن المشروع الايراني يعتمد عليه. فمن دون هذه التدخلات يصبح النظام الايراني وجها لوجه أمام الحالة الداخلية ومطالبة الشعب له بالعمل من أجل تحسين الاوضاع وإيجاد حلول للمشاكل والأزمات التي تعصف بالبلاد.

منذ اليوم الاول لتأسيس هذا النظام، إعتمد ولا يزال يعتمد على استراتيجية خاصة من أجل تنفيذ مشروعه في المنطقة، هذه الاستراتيجية تقوم على ركيزتين أساسيتين: الاولى، قمع الشعب الايراني في الداخل ومصادرة الحريات الى أبعد حد؛ أما الثانية، فهي تصدير التطرف الديني والارهاب الى بلدان المنطقة من أجل تهيئة الارضية الملائمة لتنفيذ مشروعه وتفعيله على أرض الواقع.

التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة والتي وصلت الى ذروتها في عهد الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما، تعيش الان أسوأ مرحلة لها بحيث يمكن تشبيهها بمرحلة الكهولة والموت. فإنقلاب الاوضاع في سوريا وتغيير خط مسارها العام لصالح روسيا وانتقال النظام الايراني الى مربع هامشي وتشديد الخناق بصورة غير عادية على الحوثيين، حلفاء هذا النظام ووصول المعارك بين قوات الشرعية اليمنية وبين فلول الحوثيين الى منطقتين حساستين هما صعدة أي عقر دارهم، وميناء الحديدة، أو الرئة التي يتنفسون من خلالها. وإذا ما استحضرنا أمامنا ما كان القادة والمسٶولون الايرانيون قد أدلوا به من تصريحات بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء خصوصا عندما أشاروا بكل وضوح من إن التمدد الايراني سيستمر حتى يشمل السعودية ذاتها، فإننا عندئذ نعلم كيف تم الرد على تلك التخرصات، فسقوط صعدة والحديدة تعني الرمس الذي سيدفن فيه المشروع الايراني في اليمن.

لكن، هل إن القضية ستنتهي بسقوط صعدة والحديدة؟ قطعا إن التدخلات الايرانية في المنطقة تشكل كل مرتبط ببعضه وإن إنهيار أو سقوط جزء منه سيفتح ثغرة في جدار التدخلات لا يمكن سدها خصوصا في هذا الوقت حيث يواجه النظام الايراني أوضاعا صعبة جدا تجعله أعجز ما يكون لمواجهة هكذا حالة، ويعلم النظام الايراني جيدا بأن سقوط مشروعه في اليمن سوف يفتح الابواب على مصاريعها لسقوط مشروعه بالمنطقة خصوصا وإن اليمن ليس كسوريا حتى يلجأ الى خيارات تمنع إنهيار مشروعه هناك، وإنهيار المشروع الايراني في المنطقة، يعني في النهاية وبالضرورة الملحة سقوط النظام الايراني.