الشيطان يغوينا.. لكن لا يجبرنا على إعادة انتخابه

ما حدث في الانتخابات الأخيرة لاختيار الشعب العراقي ممثليه من مجلس النواب، خير دليل على اتكالية اغلب الشعب.

كثيرة هي اتهامات البشر للشيطان، لكن هل فعلا الشيطان يتحمل كل أمر سيئ يفعله بني البشر؟ القرآن الكريم يحدثنا بأن الشيطان يعمل على إغواء الإنسان على فعل الشر، لكنه لا يستطيع إجباره على فعله مطلقاً.

عندما تحدى الشيطان خالق السماوات والأرض، قبل رب العالمين ذلك التحدي، وأخبره بأنه لم ولن يصل الى عباده المخلصين، أما باقي بني البشر تتفاوت قابلياتهم ومقاومتهم لذلك العدو الذي عصى ربه، وخرج من رحمته، بسبب تعاليه على ابو البشرية أدم.

من خلال كلام القرآن الكريم، يتم الاستدلال ان أي عمل قبيح نقوم به، هو قرارنا، وليس للشيطان فيه أي شيء سوى الفكرة (الإغواء)، وحتى الإغواء يتبرأ منه الشيطان عندما يفعل الانسان الرذيلة، لذلك يحاسب العبد على الاعمال التي قام بها طيلة حياته، فأن كانت اعمال إيجابية يجازى بها، وان كانت سيئة يحاسب عليها، ولا تزر وازرة وزر أخرى.

جميعنا يعرف الشيطان لا يريد بنا خيرا، وانه طلب البقاء من رب العالمين، من اجل ان يثبت لنفسه ولرب العالمين انه أفضل من البشر، ومع ذلك اغلب البشرية تتبعه وتستمع اليه، وتعصي الله وتخالف كلامه، بالرغم من ان النجاة مع رب العالمين، والخسران مع الشيطان.

ان العلاقة بين الشيطان والإنسان علاقة اعداء، أما علاقة الأنسان مع الشيطان هي علاقة الخل التابع لخليله، ويبدو ان العلاقة الثانية قد نالت رضى وقبول الكثير من الشعب، لذلك عكسها على مجمل الحياة التي يعيشها، فلطالما كان يحب الخضوع، ليبدوا انه المظلوم والقرار ليس بيده، حتى وان اتيحت له الفرصة ليقرر، يحاول بكل ما اوتي من قوة، ان يجد من يختار بالنيابة عنه، لكي يتنصل من مسؤوليته.

ان ما حدث في الانتخابات الأخيرة لاختيار الشعب العراقي ممثليه من مجلس النواب، خير دليل على اتكالية اغلب الشعب، حيث اخذ يطالب ويضغط على النجف كما هي حاله في كل انتخابات، لتقول له اختار هذه القائمة او تلك، وعندما اخبرته النجف انه خيارك ابحث واختار، او ان شئت اعزف لا تنتخب، لكن ان لم تنتخب سيعود الفاسدين للسلطة.

اغلبه ذهب الى خيار عدم المشاركة، اما القسم الاخر راح وانتخب نفس الأحزاب التي كان يتهمها طوال الفترة الماضية.

لكن الغريب ان من تنازل عن حقه في الاختيار، ومن اختار نفس الوجوه والأحزاب اليوم يطالب بخدمات وحقوق، لم تحققها الحكومات السابقة طوال الفترة الماضية.

السؤال هنا هل لهؤلاء حق بالتظاهر والمطالبة بالحقوق؟

الجواب التظاهر حق مشروع كفلة الدستور، لكن ان أمكننا التغير من خلال الصناديق، لماذا نلجئ للخيار الأصعب، الذي ربما تراق فيه الدماء، وتدمر فيه البنى التحتية للبلد، أكثر مما هي مدمرة، القائمين على الحراك الان لماذا لم يرشحوا أنفسهم للانتخابات، بقوائم مستقلة؟ ان كان خلفهم هذا الجمهور كله.

السؤال الأهم من هم هؤلاء؟ لغاية الان لم تبرز شخصية متصديه تقول انا المسؤول، وانا سوف أحدث التغيير الذي يطالب به الجمهور، انما شباب تجوب الشوارع بعضهم يهشم ويحرق، وبعضهم الاخر يسرق ويسب ويشتم، والبعض الثالث خرج لضنك العيش وبسبب البؤس الذي يعيشه.

المسؤول الفاسد (الشيطان) يغوينا، لكن لا يجبرنا على إعادة انتخابه، لكننا للأسف نفعل.