دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من دولة ناجحة

بعد عام من إعلان اتحاد الإمارات، تساءل أحد السفراء الأجانب في الدولة بدهشة وقلق، قائلاً: إلى أين تتجه الإمارات العربية المتحدة؟ هل بإمكانها البقاء؟ يومها، قالت القيادة كلمتها: تتجه من الصحراء إلى الفضاء.

"بلادكم ترسل كل يوم رسالة إيجابية للعالم".. محمد بن زايد آل نهيان   
لا أحد بوسعه أن ينكر عدد الإنجازات اللافتة التي تحققها دولة الإمارات العربية المتحدة، فمنذ قيام اتحاد الإمارات في الثاني من ديسمبر عام ١٩٧١ وسط ظروف ضاغطة وأجواء إقليمية غير مستقرة وقرار مؤسسها زايد مواجهة التحديات بالاتحاد، والبلاد  تتقدم باستمرار وبوتيرة متزايدة على مختلف الأصعدة، الى ان أصبحت بين مصاف الدول الناجحة والرائدة قياساً إلى عمرها الزمني.
لم تتوقف الإمـارات عند تلك المكانة،  بل شرعت حاليا في الانتقال من مرحلة الدولة الناجحة إلى مرحلة الدولة النموذج، المستقرة الرائدة في سمعتهـا، والساعية إلى المستقبل بكل ثقـة وكفاءة.
بفضل عقود من الاستقرار الوطني والازدهار الاقتصادي والرؤية الثاقبة لمؤسس البلاد زايد طيب الله ثراه ورعاية صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، عملت الإمارات بشكل انتقالي وسلس وبتدرج على الانتقال من بدايات التأسيس والبناء إلى مرحلة التمكين لمواطنيها، واليوم وبفضل ريادة وبصيرة القائدين رجلا المرحلة محمد بن راشد ومحمد بن زايد تسعى للوصول إلى مرحلة الدولة النموذج إقليميا ودوليا.
امتلك المؤسس طيب الله ثراه بصيرة تجاوزت عصره، كان ينظر إلى المستوى المتقدم الذي وصلته البلاد التي تسبق الإمارات زمنيا، لم يكتف بتعويض شعبه عن الرفاهية وأساسيات المعيشة التي افتقدها بسبب قلة الموارد سابقا، بل عمد إلى تقديم الرفاهية الاجتماعية والاستقرار المعيشي  عبر مؤسسات الدولة دون أن يغفل عن توظيف الثروة في بناء الأجيال اللازمة لبناء الدولة والأجيال التي ستواصل مسيرة البلاد.
لاحقا رسخ زايد مفهوم استدامة العمل والبناء، عبر تأسيس قاعدة من الكفاءات البشرية الوطنية تدير موارد الدولة من البنى التحتية لكافة قطاعات التنمية التي تأسست وفق معايير آخر ما وصل إليه العالم،  وبحيث يكون ما تم انجازه قابلا للتطوير والنمو مستقبلا.
هذه الاستدامة هي الأسس المرنة التي بنى عليها لاحقا صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله سياسة التمكين للمواطن عبر اتباع نهج التنمية المتوازنة، وذلك من خلال مبادراته لتطوير البنى التحتية والمرافق الخدمية في كافة أنحاء الدولة،  بهدف تحقيق المزيد من الرفاهية والاستقرار المعيشي لمواطنيه، و المساهمة في نشر  مظاهر التطور الحضاري والعمراني والخدماتي  التي ساهمت في رفع مؤشرات التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الخارجية إلى كافة مناطق الدولة.
بفضل ريادة أفكار الشيخ محمد بن راشد وقدرته على استشراف المستقبل، وبمعاونة ودعم أخيه الشيخ محمد بن زايد الذي تبنى سياسة البناء على ما تقدم، وضعت قيادة وحكومة الإمارات عدة رؤى استراتيجية لضمان المستقبل الراسخ للأجيال القادمة، وخارطة طريق تعمل على تحقيق قفزات نوعية في شتى قطاعات البلاد بغية تحقيق الازدهار بشكل مستدام.
وكانت رؤية الإمارات 2021  قاطرة عملية التحديث والتنافسية، والتي تهدف لأن تكون الإمارات ضمن أفضل دول العالم من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتغطي أربعة محاور رئيسية، هي وحدة المسؤولية، ووحدة المصير، وحدة المعرفة ووحدة الرخاء.
وفي سبيل تحقيق هذه الرؤية أطلقت مبادرة الحكومة الذكية التي تهدف إلى تقديم كافة الإجراءات الحكومية عبر الأجهزة الذكية وعلى مدار الساعة، وكانت أولى مظاهر التنافس على ريادة قطاع المعلوماتية والتقنية الرقمية على مستوى العالم.
ولضمان التحول في مرحلة ما بعد الحكومة الذكية، أطلقت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي (AI)، الاستراتيجية الأولى من نوعها في العالم والتي ستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية. 
ثم وضعت استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، بحيث تطمح لأن تكون أول مختبر عالمي مفتوح لتطبيق التقنية الرقمية في كافة المجالات، وقبل أيام  اختارت الأمم المتحدة دولة الإمارات للانضمام إلى عضوية اللجنة الدولية العليا للتعاون الرقمي، المعنية بدعم حكومات العالم لمواجهة تحديات الثورة التقنية المتسارعة.
وفي مجال الطاقة، ولتخفيف الاعتماد على الانتاج النفطي، تبنت الدولة عدة خطط استراتيجية بخصوص الطاقة النظيفة والموازنة بين استهلاك الطاقة والمتطلبات البيئية، مما جعلها واحدة من الدول الرائدة في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وأصبحت أبوظبي مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الذي يعتبر إنجازا دبلوماسيا يُحسب لقيادة الإمارات التي تبنت سياسة توظيف علاقاتها الدبلوماسية المتوازنة والمنفتحة على كافة دول العالم في خدمة تطورها الاقتصادي، ودعم سمعتها كمركز عالمي للتجارة والخدمات  يخدم ملياري نسمة ويغطي المنطقة من الصين إلى غرب أفريقيا.
لذا شاهدنا انفتاحا دبلوماسيا على شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية، اعقبه نجاحات في قطاعات الطاقة النفطية والتكرير، ونقل التقنية والمعرفة النووية للدولة، ومشاريع الطاقة المتجددة والنقل وتطوير الموانئ، والمشاريع العقارية العملاقة.
وبالرغم من الظروف غير المستقرة التي عصفت بالمنطقة في السنوات الأخيرة، إلا أن دولة الإمارات حافظت على استقرارها وتطورها، وبادرت إلى توفير الدعم اللازم لاستقرار المناطق المضطربة عبر المشاركة في تحالفات دولية وعربية، معتمدة على قواتها المسلحة التي أصبحت واحدة من أكثر القوى العسكرية مهنية وجهوزية على مستوى المنطقة، بفضل الدعم اللا محدود الذي وفرته قيادة الدولة وعلى رأسها الشيخ محمد بن زايد، الذي حرص على توفير الكادر البشري الوطني المؤهل، والموارد المادية من منظومات تسليح حديثة، وتدريبات مشتركة وتمارين تعبوية مع الدول الشقيقة والصديقة، وتوفير العتاد العسكري المتطور وقطع الغيار المصنعة محليا عبر شركاتنا الوطنية والمشاريع المشتركة مع كبريات شركات الطيران والأسلحة العالمية.
لم تخرج مهام قواتنا المسلحة خارج الدولة عن رسالة الإمارات في دعم السلم والاستقرار وقرارات الشرعية الدولية، وتخفيف آثار الصراعات على المدنيين الآمنين، وتقديم العون الإغاثي والإنساني لهم، لذا كانت كافة مهام قواتها المسلحة حزم وأمل، كما شاهدنا في لبنان والصومال وكوسوفو وأفغانستان، ودعم الشرعية واستقرار اليمن الشقيق.
أصبحت الإمارات اليوم عاصمة صنع قرار على المستوى الإقليمي، تقدم للعالم نموذجا إيجابيا بقوتها الناعمة التي تعمل على نشر قيم الانفتاح والتنمية والتعاون، وتحظى بسمعة متميزة على مستوى العالم واحترام بين دوله، وانعكس الأمر على سمعة مواطنيها، الذين صار بوسعهم زيارة 75% من دول العالم دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، وتقدم خبراتها البشرية والإدارية والمؤسسية إلى دول سبقتها زمنيا،  بحيث حققت المركز الأول في نحو 50 مؤشرا تنمويا، وتؤسس وتقود مبادرات دولية لخدمة مستقبل البشرية وتعمل على توفير الغطاء المالي للعديد منها.
من مرحلة مواجهة التحديات إلى مراكمة الإنجازات، وانطلاقا من الدولة النموذج الناجحة صوب الوصول إلى التنافسية والريادة قصة دولة وقيادة وشعب.
بعد عام من إعلان اتحاد الإمارات، تساءل أحد السفراء الأجانب في الدولة بدهشة وقلق، قائلاً: إلى أين تتجه الإمارات العربية المتحدة؟ هل بإمكانها البقاء؟ يومها، قالت القيادة كلمتها: تتجه من الصحراء إلى الفضاء.