قسمة الشعب الفلسطيني

الأساس الذي بنيت عليه صفقة القرن هو الانقسام الفلسطيني وفشل محاولات المصالحة.

إن ما يتناوله الإعلام حول صفقة القرن يشير إلى أن الصفقة تتعامل مع الضفة الغربية وغزة على أنهما منقسمتان، لذا فإن هناك حلا للضفة وآخر لغزة. وعلى الرغم من وحدة الموقف الفلسطيني برفض صفقة القرن، إلا أن مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر لا يزال يؤكد أن الخطة ستفرض فرضا على الفلسطينيين سواء أقبلوا أم رفضوا، بدعوى أن الشعب الفلسطيني منقسم بطبيعة الحال ولم يقسمه أحد. بل أن إيجاد حل لشعب غزة وآخر للضفة الغربية ضروري جدا لأنهما مختلفان تماما، ومن الصعب جمع المنطقتين في دولة واحدة نظرا لاختلاف الرؤى والنهج وطريقة التعامل مع اسرائيل.

انطلاقا من هذا الواقع، وجدت إسرائيل فرصة ذهبية لإقناع الزعماء العرب بقبول الخطة بالعقل والمنطق. فإذا كان الشعب نفسه منقسم وفشلت جميع المحاولات للمصالحة، فما المانع من ضم غزة لمصر والضفة الغربية للأردن؟ أو إقامة دولة فلسطينية على كل قسم على حدة، كيف يمكن الرد على هذا منطقيا، وهل إذا قبلت إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية فسوف يكون هناك دولتان واحدة في الضفة وواحدة في غزة؟ 

إن الأساس الذي بنيت عليه صفقة القرن هو الانقسام الفلسطيني وفشل محاولات المصالحة، وقد بدا واضحا للعالم أنه لا سبيل إلى إقامة دولة فلسطينية واحدة، فتمخض تفكير إسرائيل عن استغلال هذه الفرصة والتعامل مع القضية الفلسطينية على أساس الانقسام وإيجاد حل لكل طرف. وهذا هو جوهر صفقة القرن، إذ أن الواقع يفرض التعامل مع كل قسم بشكل منفصل، للضفة الغربية حل ولغزة حل آخر.

هذا نموذج القيادات التي تضيع بلادها. لماذا لا يتنازل أحد الطرفين عن موقفه إنقاذا للبلاد؟ إن التنازل لتحقيق المصالحة والموقف الموحد من شأنه أن يجعل من يريد أن يكون قائدا مسؤولا عن المصير الذي ستؤول الأمور إليه، ولغاية اليوم، فإن السلطة الفلسطينية وحماس مسؤولان عن ضياع فلسطين، فمن الأفضل لأحد الطرفين أن يتراجع ويسلم القيادة للطرف الثاني لكي يتحمل المسؤولية ويبذل كافة الجهود للحفاظ على هذا البلد الذي يسمى فلسطين.

إذا استمر الانقسام على هذا الوضع، فسوف يذكر التاريخ أن السلطة وحماس ضيعا فلسطين، ألا يرون أن الحديث بات يتعامل مع القضية الفلسطينية كقسمين؟ لقد مهد الطرفان الطريق لصفقة القرن، وإذا ما بررت إسرائيل للعالم أنها تصرفت بناء على الأمر الواقع، فإنه سيقتنع فعلا.

لا يمكن للفلسطينيين مقاومة صفقة القرن مع وجود الانقسام، ومطلوب منهم المصالحة ووحدة الموقف لكي يتمكنوا من التصدي لهذه الخطة.