لي يون ليي: الأدب الصيني الجديد يتميز بتطوير فكرة الإبداع

محمد الحمامصي
وفد اتحاد الكتاب الصينيين يزور القاهرة برئاسة ماي جيا.
التجديد الذي طرأ على أدب العصر الجديد هو أنه أصبح يتمحور حول الإنسان
تطور أدب الفترة الحديثة على أساس انتقاد ومراجعة الثورة الثقافية

ألقي الناقد الصيني لي يون ليي محاضرة بعنوان "أدب العصر الجديد" وذلك في إطار استضافة كلية الألسن جامعة عين شمس الندوة الدولية التي استضافتها كلية الألسن جامعة عين شمس ندوة بعنوان "تطور الأدب الصيني المعاصر في العصر الحديث" والتي شارك فيها وفد اتحاد الكتاب الصينيين الذي يزور القاهرة الآن برئاسة الكاتب الشهير ماي جيا - أحد أشهر الكتاب الصينيين المعاصرين - إلى جانب عدد كبير من الأكاديميين والباحثين المصريين والصينين والمهتمين بالأدب الصيني. 
قال لي يون ليي الباحث الحاصل على الدكتوراه في قسم اللغة الصينية بجامعة بكين - وعمل سابقا كنائب مدير تحرير مجلة "النظرية والنقد في الآداب والفنون" ويعمل حاليا مديرًا لقسم الأخبار بجريدة "الفنون والأدب" التي يصدرها اتحاد الكتاب الصينيين وهو باحث زائر بصفة خاصة في مركز دراسات الأدب الصيني الحديث، نائب رئيس لجنة النقاد الشباب باتحاد النقاد الصينيين - إن "أدب العصر الجديد يحتاج إلى أن يتبلور تدريجيا من خلال الممارسة الفعلية والتطبيق، وهذا يحتاج منا أن نترقب ونتطلع، من خلال إجراء عملية مقارنة بين أدب العصر الجديد وأدب الفترة الحديثة والأدب الصيني الحديث قبل ثلاثين عاما وأدب الرابع من مايو بل وحتى الأدب الكلاسيكي وذلك حتى نضع أيدينا على جوهره ومسار تطوره المستقبلي".
ناقش لي يون ليي أدب العصر الجديد والتجديد من حيث النزعة الإنسانية، حيث رأى أنه "بالمقارنة مع أدب الفترة الحديثة فإن التجديد الذي طرأ على أدب العصر الجديد هو أنه أصبح يتمحور حول الإنسان. وقال "تطور أدب الفترة الحديثة على أساس انتقاد ومراجعة الثورة الثقافية، ففي البداية تمت مراجعة الثورة الثقافية والأدب الذي أنتجته هذا بالإضافة إلى دعم والاشتراك في حركات التحرر الفكري، ثم تطوير طريقة التعبير في اللغة الصينية الحديثة عن طريق سبر أغوار كل من الشكل واللغة. فبعد منتصف ثمانينيات القرن الماضي تحول الأدب تدريجيا إلى النخبوية وأصبح متأثرا أكثر بالغرب كما أن معيار الجمال أصبح أكثر حداثة، لكن منذ التسعينيات ومع ازدهار الثقافة الشعبية تشكلت تدريجيا صناعة النشر القائمة على آليات السوق".
وأوضح في الندوة التي أدارها وقام بترجمتها التتبعية المترجم المصري د. حسانين فهمي حسين، الأستاذ المساعد بقسم اللغة الصينية بكلية الألسن "بالمقارنة بالأدب الصيني الحديث طوال ثلاثين عاما منذ تأسيس الصين، فإن أدب العصر الجديد أبدى التزاما أكبر بالقوانين التي كانت سببا في تطوره، فبالنسبة للكتاب والفنانين فإن الإبداع هو مهمتهم الأساسية كما أن أعمالهم الأدبية والفنية هي أسمى ما يقدمونه للمجتمع، فالأدب الصيني الحديث طوال ثلاثين عاما منذ تأسيس الصين كان موجها بالأساس للعمال والفلاحين وغيرهم من فئات الشعب مشكلا نمطا جماليا فريدا من نوعه، وأخرج لنا كتابا مثل ليو تشينغ وجاو شو لي وغيرهم من أدباء الشعب، كما طوروا معايير نقدية شبه متكاملة ونظاما لإنتاج الأعمال الأدبية وترويجها شبه متكامل. لكن كان هناك قيود فرضها ذلك العصر وخاصة مبدأ استخدام الحركات الفكرية للتحكم في الأدب والفن، وأحيانا كان هناك إخلال جسيم لقوانين الأدب. بعد انقضاء الفترة الحديثة أعادت جميع قطاعات المجتمع مراجعة نفسها، واعترفت بما ارتكبته من أخطاء ولكنهم لم يدركوا القيمة الأدبية "لأدب الشعب" وقيمة أنماط الجمال ومعايير النقد وغيرها من القيم الإيجابية".
وأكد لي يون ليي أن أدب العصر الجديد يتميز بتطوير فكرة الإبداع مقارنة مع الأدب الصيني الكلاسيكي، فالأدب الكلاسيكي كان لديه نظام جمالي ونقدي متكامل، مما شكل نظاما مكتفيا ذاتيا، وشكّل الخلفية الثقافية للصينين المعاصرين. لكن بعد التغيرات الهائلة للحداثة أصبحت هناك مسافة كبيرة تفصل بين الأدب الكلاسيكي وحياة الصينين الواقعية، لكن هذا الأدب القديم ترك أثرا كبيرا على طريقة تفكير الصينين المعاصرين والتركيبة العاطفية لهم والذوق الجمالي وعاداتهم، فهو كمصدر كبير لفن التفكير يمكن أن يستفيد منه الكتاب المعاصرون على عدة مستويات. 
وقال "مع زيادة ثقة الصينين في ثقافتهم يمكننا أن نتوقع من تطور أدب العصر الجديد أن مزيدا من الكتاب المعاصرين سيبحثون ويطورون في العديد من مصادر الأدب الكلاسيكي، ولكن يوجد بعض المشاكل يجب أن ننتبه لها: أعطى العصر الجديد للأدب مهمة جديدة، وجاء معه بمشاكل جديدة تحتاج من الأدب أن يواجهها ويقدم حلولا لها. فنحن نسير في طريق لم يطأه أحد من قبل، مع النهضة الكبيرة للشعب الصيني واقتصاد السوق الاشتراكي والوسائط الرقمية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وغيرها من المفردات الجديدة التي لا يواجهها التاريخ الصيني فقط بل التاريخ الإنساني بأسره. ففي هذا العالم المليء بعدد لا محدود من التغيرات، على أدب العصر الجديد أن يستفيد من خبرات التاريخ ويجب أيضا أن يكون لديه الشجاعة لمواجهة المشكلات الجديدة والواقع الجديد والخبرات الجديدة، وعليه أن يفتح آفاقه ليحكي قصصًا جديدة عن الصين تلخص أفكار ومشاعر الصينين ويصهر التجربة الصينية إلى معنى عام مثالي، فقط لو تحقق هذا يستطيع القيام بمهامه بشكل أفضل.
يذكر أن الوفد الصيني الذي يزور القاهرة يضم: 
ـ ماي جيا روائي وقاص صيني معاصر، تخرج في قسم اللاسلكي بمعهد جيش التحرير الشعبي للهندسة والتكنولوجيا كما درس في قسم الآداب بأكاديمية جيش التحرير الشعبي للفنون، عضو الفريق الرئاسي باتحاد الكتاب الصينيين، رئيس اتحاد كتاب مقاطعة تشيجيانغ. بدأ الكتابة عام 1986 ومن أهم أعماله الروائية: "الشيفرة"، "المؤامرة"، "الرسالة"، وله نحو 60 رواية وقصة قصيرة. حازت روايته "المؤامرة" على جائزة الدورة السابعة من جائزة "ماو دون" الأدبية وترجمت أعماله إلى أكثر من 30 لغة أجنبية. في عام 2014 صدرت النسخة الإنجليزية من روايته.
ـ خو شينغ نينغ، تخرج في قسم اللغة الصينية بجامعة يونان للمعلمين، عمل سابقا أستاذا جامعيا. عضو اتحاد الكتاب الصينيين ونائب رئيس اتحاد كتاب مقاطعة يونان ونائب الأمين العام له. بدأ نشر أعماله الأدبية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. ونشر في العديد من المجلات الأدبية المرموقة داخل الصين مثل: مجلة "أدب الشعب" ومجلة أكتوبر ومجلة "دانغ داي" ومجلة "الكتاب الصينيين" ومجلة "هوا تشنغ" ومجلة "جونغ شان" وغيرها من المطبوعات الأدبية الكبرى على المستوى المحلي. له العديد من الروايات القصيرة.
ـ تانغ سو لان: عضو اتحاد الكتاب الصينيين وأستاذة بكلية الآداب بجامعة هونان للمعلمين، نائب رئيس اتحاد الكتاب الصينيين بمقاطعة هونان ونائب رئيس اتحاد مقاطعة هونان للدوائر الأدبية والفنية، وهي إحدى مبدعي أدب الأطفال، لها أكثر من 60 عملا أدبيا. 
ـ فو شيو يينغ: روائية، ومديرة تنفيذية لمجلة "المختارات الروائية". من أشهر أعمالها رواية "في الحقل" وعدة مجموعات قصصية: "الحب في كل مكان" و"الخدود الوردية" و"الزهور المتفتحة والقمر المكتمل" و"الروعة" وغيرها. نشرت العديد من الروايات في كثير من المجلات الأدبية المرموقة داخل الصين.


 

معيار الجمال أصبح أكثر حداثة
ندوة الأدب الصيني في القاهرة