قوات الأسد تخنق الغوطة متجاهلة الكارثة الإنسانية

الأطفال عرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى

دوما (سوريا) - تضيق قوات النظام السوري الاثنين الخناق على ما تبقى من بلدات تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، في وقت يوشك النزاع في البلاد على دخول عامه الثامن مودياً بحياة أكثر من 350 ألف شخص.

ولطالما شكلت الغوطة الشرقية التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة في العام 2012 هدفاً لقوات النظام، خصوصاً أنها تعد احدى بوابات دمشق وكانت قادرة طوال السنوات الماضية على تهديد أمن العاصمة.

وبعد انتصارات ميدانية في كافة أنحاء البلاد، صبت قوات النظام كامل تركيزها على الغوطة الشرقية لتبدأ في 18 شباط/فبراير حملة جوية عنيفة ترافقت في وقت لاحق مع هجوم بري تمكنت بموجبه من السيطرة على نحو 60 في المئة من مساحة هذه المنطقة المحاصرة.

واستكملت قوات النظام الإثنين تقدمها باتجاه مناطق أخرى أقرب من دمشق.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن "بعد السيطرة على مديرا الأحد، استخدمت قوات النظام هذه البلدة كنقطة انطلاق باتجاه حرستا وعربين"، مشيراً إلى أن الغارات الجوية تركزت على البلدتين الواقعتين غرب الغوطة الشرقية بمحاذاة دمشق.

وأوضح عبدالرحمن أن حرستا التي تسيطر قوات النظام على جزء منها باتت "معزولة بشكل كامل ومطوقة من أربع جهات".

وتمكنت قوات النظام قبل يومين من تقسيم الغوطة الشرقية إلى ثلاثة أجزاء: دوما ومحيطها شمالاً تحت سيطرة "جيش الإسلام"، حرستا غرباً حيث تتواجد حركة تحرير الشام، وبقية المدن والبلدات جنوباً ويسيطر عليها فصيل "فيلق الرحمن" مع تواجد محدود لهيئة فتح الشام (النصرة سابقاً).

طابور لشراء اللحم

في مدينة دوما، كبرى مدن المنطقة، أفاد مراسل فرانس برس عن هدوء صباح الاثنين استغله المدنيون ليخرجوا من الأقبية ويتفقدوا منازلهم ويحضروا منها بعض الحاجيات.

ونقل مشاهدته لمدنيين يسيرون بين ركام الأبنية المدمرة، منهم من يشتري الخضار من متجر محلات قليلة فتحت أبوابها وآخرين وقفوا في طابور أمام متجر لشراء اللحم.

وباتت اللحوم من المواد الغذائية النادرة المتوفرة في دوما مع توافد نازحين مع مواشيهم اليها قادمين من مناطق زراعية سيطر عليها الجيش السوري.

ومنذ بدء الحملة العسكرية ضد الغوطة الشرقية، قتل جراء قصف قوات النظام 1144 مدنياً على الأقل، بينهم 240 طفلاً، وفق ما وثق المرصد السوري.

وتستهدف الفصائل المعارضة في المقابل مدينة دمشق بالقذائف وإن كانت تراجعت الوتيرة تدريجياً مع تقدم قوات النظام في المنطقة.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن مقتل مدنيين اثنين جراء قذيفة اطلقتها الفصائل التي تصفها بـ"تنظيمات إرهابية" على حي الكباس في دمشق.

وخلال ثلاثة أسابيع، وثق المرصد السوري مقتل نحو 40 مدنياً جراء قصف الفصائل لدمشق وضواحيها.

وجراء التصعيد، يبحث مسؤولون محليون اتفاقاً لإجلاء جزئي من الغوطة الشرقية، حيث يعيش نحو 400 ألف شخص في ظل حصار محكم منذ العام 2013.

وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومة وإثر حملات عسكرية عنيفة.

وأفاد المرصد السوري عن أن المفاوضات تتعلق ببلدات كفربطنا وحمورية وزملكا وسقبا، التي يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن.

وتتضمن المفاوضات خروج المدنيين والمقاتلين الراغبين إلى مناطق أخرى تسيطر عليها الفصائل المعارضة.

350 ألف قتيل

وتبنى مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي قراراً يطلب وقفاً لاطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوماً "من دون تأخير". إلا أن روسيا رعت هدنة مؤقتة في الغوطة الشرقية منذ نحو أسبوعين تسري يومياً لخمس ساعات فقط.

وفشلت حتى الآن جهود دولية عدة لفرض وقف لاطلاق النار في الغوطة الشرقية خصوصاً وسوريا بشكل عام. كما فشلت في التوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع.

وتشهد سوريا منذ سبع سنوات نزاعاً دامياً بدأ باحتجاجات سلمية ضد النظام، سرعان ما واجهها بالقمع والقوة قبل أن تتحول حرباً مسلحة تشارك فيها أطراف عدة.

ووثق المرصد السوري مقتل 353,935 شخصاً، بينهم 106 آلاف مدني، في سوريا منذ بدء النزاع في 15 آذار/مارس العام 2011. وبين القتلى المدنيين أيضاً أكثر من 19800 طفل.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الاثنين من أن أطفال سوريا حالياً عرضة للخطر أكثر من أي وقت مضى.

وأوردت المنظمة في بيان "استمر النزاع في سوريا بلا هوادة خلال عام 2017 مما أسفر عن مقتل عدد من الأطفال هو الأعلى على الإطلاق - وبنسبة تزيد عن 50 في المئة عن العام 2016".

وأحدث النزاع منذ اندلاعه دماراً هائلاً في البنى التحتية وأدى الى نزوح وتشريد اكثر أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.