العلم يجمّل صورة الإنسان البدائي في معرض متخصص

باريس - يتمحور معرض كبير في باريس على إنسان نياندرتال الذي سمح العلم في العقود الأخيرة برسم صورة أجمل عنه بعدما كان يقدم على أنه وحش يشبه القرد.
ظهر انسان نياندرتال في اوروبا الغربية قبل حوالي 350 الف سنة وتوسع شرقا وصولا الى ألتاي (روسيا) والشرق الاوسط حتى.
ومن ثم اختفى قبل حوالى 35 الف سنة. الا ان هذا الاختفاء ليس كاملا اذ ان نسبة 1 الى 4% من جيناته موجودة لدى الاوراسيين الحاليين اذ حصل تزاوج بين انسان نياندرتال والانسان الحديث في بعض مراحل قرون ما قبل التاريخ.
ويلقي معرض "نياندرتال" الذي يفتح ابوابه امام الزوار الاربعاء في متحف الانسان في باريس، الضوء على اخر الاكتشافات العلمية بشأن هذا النوع البشري. ويطرح كذلك تساؤلات حول الصورة المرسومة عن انسان نياندرتال منذ القرن التاسع عشر.
ويبدو ان انسان نياندرتال رائج في هذه الايام. وتقول ماريلين باتو-ماتيس احدى مفوضات المعرض "هو الابرز راهنا لان الكثير من الناس ربما لا يحبون ما قد آل اليه وضعنا".
ويقدم المعرض في متحف الانسان حوالى 260 قطعة من بينها متحجرات اصلية نادرا ما تنقل من بلد الى اخر.
وسيطلع الزوار على الجمجمة الشهيرة التي اعطت لهذا النوع البشري اسمه. وقد اكتشفت العام 1856 مع متحجرات عظمية اخرى في وادي نياندر الالماني وقد احدثت ضجة كبيرة.
ويوضح باسكال ديباب احد مفوضي المعرض العلميين لوكالة فرانس برس "انها المرة الاولى التي يسلط الضوء فيها على نوع من فصيلة الهومو المختلفة عن الانسان العاقل. وهو امر لم يكن من السهل التسليم به في مرحلة دينية بامتياز حين كان يظن ان الانسان الحديث خلق على صورة الله". وفضل البعض اعتبار متحجرة وادي نياندر، انسانا عاقلا "مختلا" فيما اعتبره اخرون بمثابة "انسان-قرد".
وبعد ثلاثة عقود على ذلك في العام 1886 عثر على متحجرات انسان نياندرتال في مغارة في بلجيكا. ويوضح باسكال ديباب من المعهد الوطني للابحاث الاثرية الاستباقية "ادرك القيمون على الحفريات ان الامر يتعلق بمقبرة. فواجهوا مشكلة مع ذلك. فهو كان يعتبر انسانا وحشيا شبيها بالقرد، لكن دفنه لموتاه يجعله يرتقي على سلم الانسانية".
حرفي موهوب
انسان نياندرتال الرحل الذي كان يعتمد على الصيد وقطف ثمار الاشجار، لم يعش فقط في عصور جليدية بل عرف ايضا مراحل كان فيها المناخ معتدلا.
وهو كان يملك المؤهلات الضرورية لبناء مساكن موقتة. ويعيد المعرض جزئيا تشكيل مخيم اساس لانسان نياندرتال يحميه ملجأ دائري مضاد للرياح.
ويتضمن كذلك حوالى عشر ادوات منها ما يستخدم في قطع اللحم او نحت الخشب فضلا عن حراب وغيرها.
وكان انسان نياندرتال صيادا ماهرا يصطاد حيوانات الرنة والثيران والعنزات.. وكان ايضا يستخرج لحم الحيوانات النافقة التي يصعب اصطيادها مثل الماموث ووحيد القرن.
ويؤكد باسكال ديباب "كان حرفيا موهوبا جدا. وانسانا حساسا يهتم للرموز والجمال". وكان يزين نفسه بالاصداف واسنان الحيوانات.
كان يلجأ الى اكل لحوم البشر من وقت الى آخر كما تظهر دراسة عظام عثر عليها في مواقع عائدة لانسان نياندرتال على ما تقول ماريلين باتو-ماتيس المتخصصة بمرحلة ما قبل التاريخ. لكن هل هذه العادات كانت غذائية او طقسية عنده؟ الاثنان ربما بحسب الخبيرة.
ويتميز المعرض الذي يستمر حتى السابع من يناير/كانون الثاني، خصوصا بطريقة ابراز اختلاف صورة انسان نياندرتال من القرن التاسع عشر الى ايامنا هذه. فثمة تمثال نصفي مقلق لانسان نياندرتال يشبه القرد انجز العام 1909 بطلب من عالم الانتروبولوجيا والجريمة تشيزاري لوبروزو.
ويذكر جدار غطي بمقولات ان عبارة "نياندرتال" لا تزال تستخدم في الولايات المتحدة كشتيمة.
وقبيل مغادرته المكان يلتقي الزائر بكينغا وهي انسانة من نياندرتال صهباء انجزتها الفنانة اليزابيث دينيس وصممت ملابسها انييس ب.. فباتت تشبه انسان اليوم.