الأحزاب الكبرى تصادر حقوق الأقليات بالعراق

ضياع حقوق الأقليات وسط طغيان الاحزاب الكبيرة

بغداد - في خضم التنافس الانتخابي الشديد في العراق، الذي يسبق اختيار برلمان جديد يوم 12 من شهر مايو/أيار المقبل، ترى الأقليات الدينية الرئيسة في البلاد عدم تغيّر في حظوظها كما السابق.

هذا الأمر يرجع إلى استمرار "هيمنة" الكتل والأحزاب الكبيرة، وسعيها على "مصادرة" برامج وآراء مرشحي الأقليات والسيطرة على مقاعد الكوتا في البرلمان.

ومنح قانون الانتخابات العراقي الأقليات الدينية والسياسية في البلاد 9 مقاعد في البرلمان المقبل من أصل 328 مقعدا.

ومقاعد الأقليات هي المكون المسيحي 5 مقاعد، ومقعد واحد لكل من الشبكي (نينوى)، والإيزيدي (نينوى)، والصابئي (بغداد)، الفيلي (واسط).

وترى الأقليات الدينية الرئيسية أن الكتل الكبيرة لا تزال تمارس نفس سياستها التي اتبعتها طيلة السنوات الماضية، لغرض الهيمنة على مقاعد الأقليات الدينية، وبالتالي مصادرة برامجها الانتخابية وحقوق ناخبيها.

ويقول المرشح عن الصائبة المندائية رعد جبار إن "الدستور العراقي أنصف الأقليات الدينية بتخصيص مقاعد لها في البرلمان لعدم قدرتها على المنافسة وحدها بسبب قلة ناخبيها وتشتتهم في أغلب المحافظات".

ويستدرك "لكنها تواجه مشاكل بسبب هيمنة الأحزاب السياسية الكبيرة على مقاعد الكوتا، عبر التعهد بدعم مرشح معين من الأقليات للحصول على مقعد".

ويشير جبار أن "مقعد مرشح الأقليات الذي سيحصل عليه في البرلمان بدعم من الأحزاب الكبيرة سيكون للكتلة الكبيرة وليس ممثلا للأقلية الدينية".

ويضيف "الأحزاب الكبيرة تسعى لتنويع قوائمها الانتخابية بضم مرشحين من الأقليات الدينية بهدف كسب تأييد الناخب، لكن في النهاية سيمثل مقعده توجهات تلك الكتل".

وتقول الأقليات الدينية في العراق إن حقوقها "مسلوبة لعدم تمثيلها في مراكز صنع القرار السياسي، وأن الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي تشكلت من الكتل السياسية الرئيسة واستبعدتهم.

كما أن الأقليات الدينية لا تشغل المناصب التنفيذية الثانوية في الوزارات العراقية.

المرشح عن ائتلاف الكلدان المسيحي حكمت داوود يتفق مع سابقه على أن "المشكلة في تمثيل الأقليات بالبرلمان تتمثل في الأحزاب الكبيرة، التي صادرت حق الأقليات في تمثيل برامجها بالشكل الكامل".

ويضيف داوود أن "الأقليات تعاني اليوم من ضياع للهوية بين مسلوبي الإرادة والقرار في الداخل، والمهجرين واللاجئين في الخارج".

ويضرب مثالا على ما تعانيه الأقليات فيقول "على مستوى التوظيف في المؤسسات الحكومية، عندما يحال موظف منهم إلى التقاعد لا يحل محله بديل من نفس المكون، على عكس الكتل السياسية الكبيرة".

ولا تتوقع الأقليات الدينية أن تحظى في الانتخابات المقبلة بفرص أفضل من تلك السابقة في التمثيل السياسي في البرلمان لعدة أسباب.

وأبرز هذه الأسباب، زيادة عدد المرشحين للتنافس على مقاعد كوتا الأقليات فضلا عن دخولهم في الكتل السياسية الكبيرة.

ويقول خلدون سالم المرشح عن الأقلية الأيزيدية "هناك أكثر من 50 مرشحاً أيزيديا يتنافسون على مقعد الكوتا منهم 6 ضمن 3 كتل سياسية كبيرة.

ويرى سالم أن "هذا سيقود إلى ضياع أصوات الناخبين، وذهاب الأصوات إلى الكتل الكبيرة".

ويضيف "حظوظنا ستكون كما كانت في الانتخابات البرلمانية السابقة لن يحصل شيء جديد، بسبب الكتل التي لا تراعي توصية أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا بشأن كوتا الأقليات الدينية في البلاد".

وينوّه سالم إلى غياب الاتفاق داخل الأحزاب السياسية للأقليات الدينية.

وقضّت المحكمة الاتحادية العليا العراقية، في يناير/كانون الثاني، أن عدد مقاعد المكون الإيزيدي في البرلمان يجب أن يكون متناسبا مع عدد نفوس المكون حيث تطالب هذه الفئة بمنحها 5 مقاعد برلمانية.

وكانت الأقليات الدينية -خاصة المسيحيون والأيزيديون- عرضة لهجمات متواصلة من قبل مسلحي تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية فضلا عن فصائل مسلحة أخرى وذلك منذ إسقاط النظام العراقي السابق في 2003.

وتشكو الأقليات من تضييق الخناق عليها في ظل سيطرة الأحزاب السياسية الدينية وخاصة الشيعية على مقاليد السلطة في البلاد على مدى السنوات الماضية.

وتطالب الأقليات الدينية في العراق بتأمين الأجواء الآمنة لممارسة طقوسهم بكل حرية بعيدا عن التضييق والاستهداف.

ويتنافس 7376 مرشحا يمثلون 320 حزبا وائتلافا وقائمة للحصول على 328 مقعدا في البرلمان العراقي المقبل والذي سيتولى انتخاب رئيسي الوزراء والجمهورية.

ويحق لـ24 مليون عراقي الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات من أصل 37 مليون نسمة، وذلك من خلال البطاقة الإلكترونية التي يجري اعتمادها للمرة الأولى، في مسعى لسد الطريق أمام التلاعب والتزوير.

والانتخابات البرلمانية العراقية 2018 هي الأولى التي تجري في البلاد، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي نهاية العام الماضي، والثانية منذ الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011.

وهي كذلك رابع انتخابات منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، والتي ستجري في 12 مايو/أيار المقبل لانتخاب أعضاء مجلس النواب الذي بدوره ينتخب رئيسي الوزراء والجمهورية.