الشعبويون في ايطاليا يضعون أوروبا على عتبة أزمة جديدة

التوتر والانزعاج يسودان بين الحكومات والأسواق بعد أن أصبحت احتمالات أن يتولى الشعبويون السلطة في رابع أكبر اقتصاد في أوروبا، حقيقة واقعة بعد أشهر من عدم التوصل إلى تسوية.

لدى ايطاليا ثاني أعلى مستوى من الدين العام بعد اليونان
الشعبويون تعهدوا برفض اجراءات التقشف والتشدد مع المهاجرين
روما تنتظر قرار الرئيس الايطالي باعلان اسم رئيس الحكومة

بروكسل - تزايدت المخاوف من حدوث أزمة أوروبية جديدة الثلاثاء بسبب ترقب وصول حكومة مشككة بالاتحاد الأوروبي إلى السلطة في إيطاليا بعدما توعدت برفض اجراءات التقشف التي تفرضها بروكسل واعتماد سياسة متشددة حيال المهاجرين.

وساد الانزعاج المفاجئ بين الحكومات والأسواق بعد أن أصبحت احتمالات أن يتولى الشعبويون السلطة في رابع أكبر اقتصاد في أوروبا، حقيقة واقعة بعد أشهر من عدم التوصل إلى تسوية.

ويبدو أن الفترة التي كان يتجاهل فيها العالم ما يحدث على أمل أن يتم تفاديه قد انتهت فقد بات على رئيس ايطاليا الثلاثاء اتخاذ قرار بشأن تعيين المحامي غير المعروف جوزيبي كونتي رئيسا للوزراء.

وقد طرحت حركة خمس نجوم المعادية لمؤسسات الحكم وحزب الرابطة القومي، اللذان يشكلان معا أسوأ كوابيس الاتحاد الأوروبي - اسم كونتي ليمثل أكبر حزبين فازا في انتخابات مارس/اذار.

وقالت مفوضة التجارة في الاتحاد الاوروبي سيسيليا مالمستروم للصحافيين في بروكسل الثلاثاء ردا على سؤال حول الوضع في ايطاليا "نعم، هناك بعض الأمور المقلقة هناك".

والخوف الأكبر هو أن تثير ايطاليا العضو المؤسس للاتحاد الأوروبي واليورو، التوتر في أسواق المال وتتسبب في أزمة جديدة في منطقة اليورو من خلال رفضها الالتزام بأهداف الانفاق والدين التي حددتها بروكسل.

ووجه نائب رئيس المجلس الأوروبي للشؤون المالية فلاديس دومبروفسكيس تحذيرا صارما للإدارة الإيطالية المقبلة وقال إن عليها أن تتبنى سياسة ميزانية "مسؤولة".

وأضاف لصحيفة هاندلسبلات الألمانية المعنية بالمال والأعمال "نرى أن بقاء الحكومة الايطالية على المسار الصحيح في اتباع سياسة مسؤولة في ما يتعلق بميزانيتها أمر مهم".

وأشار إلى أن لدى ايطاليا ثاني أعلى مستوى من الدين العام بعد اليونان، موضحا سبب رغبة بروكسل في أن تواصل روما التقيد بقواعد الاتحاد الأوروبي.

وأشار دومبروفسكيس إلى أن خطة الحزبين الايطاليين التي تقضي بخفض الضرائب بشكل كبير والتراجع عن الاقتطاعات من الرواتب التقاعدية ستكون مكلفة.

وقال "لا يمكننا إلا أن ننصحها (الحكومة الايطالية) بالبقاء على المسار (الصحيح) في ما يتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية ودفع عجلة النمو عبر إصلاحات هيكلية وابقاء العجز في الميزانية تحت السيطرة".

وكان وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قد حذر الأحد من أن "الاستقرار المالي لمنطقة اليورو سيصبح مهددا إذا خاطرت ايطاليا بعدم احترام التزاماتها بشأن الدين والعجز".

وقال إن على ايطاليا معالجة أمر مصارفها المدانة بشكل كبير والتي يقلق وضعها منطقة اليورو.

ويخيم شبح اليونان على كل شيء حيث لا تزال الأحداث ماثلة في الذاكرة عندما جرت حكومة سيريزا اليسارية البلاد إلى حافة "غريكست" أو خروج اليونان من اليورو في 2015 بعد أن قطعت وعودا مماثلة، رغم أنها عادت عن ذلك لاحقا.

وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها ايطاليا مخاوف الأسواق. ففي عام 2011 شهدت البلاد أزمة مماثلة.

ويقول هولغر شميدنغ المحلل في مؤسسة بيرنبرغ "رغم أننا نسمع كثيرا من الضجيج بين روما وبروكسل، فإنه من غير المرجح أن تندلع الآن أزمة حقيقية".

وأضاف "لكن إذا خففت ايطاليا التي تعاني من الديون الثقيلة من السياسة المالية وتراجعت عن الإصلاحات الأخيرة فستصبح البلاد معرضة لأزمة ديون".

والمخاوف التي تسود في أوروبا ليست متعلقة فقط بالاقتصاد، فالخوف يتركز على نجاح حزب خمس نجوم على أجندة معادية للاتحاد الأوروبي وحزب الرابطة المعادي للهجرة.

فقد احيا هذان الحزبان المخاوف في بروكسل وغيرها من العواصم من أن أوروبا فشلت في لجم موجة الشعبوية اليمينية التي أطلقها قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016.

وكانت هذه المخاوف قد حيدت بعد أن تمكن ايمانويل ماكرون المتمسك بأوروبا من الفوز برئاسة فرنسا والتغلب على المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبن العام الماضي، لكن عاد هذا الشبح مجددا الآن.

وقبل الانتخابات حذر رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر من أن انتصار الحزبين الايطاليين سيكون "أسوأ سيناريو".

لكن زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو قال "دعونا نبدأ أولا وبعد ذلك تستطيعون انتقادنا".