اشتباكات عنيفة تقطع الهدوء النسبي في حماة

المواجهات المسلحة بين الجيش السوري وفصيل جيش العزّة في شمال غرب سوريا هي الأعنف منذ عام وتشكل اختبارا لصمود اتفاق ادلب الذي أفضى إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح برعاية روسية تركية.

أعنف اشتباكات بين القوات السورية وفصيل إسلامي في حماة
الجيش السوري ينصب كمائن لمتشددين في اللطمانة
23 قتيلا من جيش العزّة بنيران الجيش السوري

بيروت - قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القوات الحكومية اشتبكت مع مقاتلي المعارضة في محافظة حماة اليوم الجمعة في إحدى أعنف المعارك بشمال غرب سوريا منذ عام.

وأضاف المرصد أن الجيش والقوات المتحالفة معه هاجموا مقاتلي المعارضة بالقرب من قرية حلفايا خلال الليل وسيطروا على بعض المواقع.

وقالت وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية (سانا) إن جنودا قتلوا متشددين في كمين في حماة ردا على هجمات شنوها على موقع عسكري بالبنادق الآلية الثقيلة.

وقال المرصد إنه لم يتضح إن كان هناك قتلى في صفوف القوات الموالية للحكومة، مضيفا أن ما لا يقل عن 32 من جماعة جيش العزة لقوا مصرعهم بينما أصيب العشرات في أكبر خسائر بشرية في صفوف المعارضة في شمال غرب سوريا منذ شهور عديدة.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن "شنّت قوات النظام ليل الخميس هجوما ضد موقع عبارة عن مبنى مطل لفصيل جيش العزّة في منطقة اللطامنة في ريف حماة الشمالي لتندلع إثره اشتباكات عنيفة استمرّت طوال الليل".

وأوضح أنّ "قوات النظام التي نصبت عدة كمائن طوال الليل للتعزيزات التي أرسلها جيش العزّة، انسحبت لاحقا من الموقع".

ولا يزال السبب خلف هذا التصعيد غير واضح، لكن لا يبدو أنّه ينذر بهجوم أوسع يهدّد اتّفاق المنطقة منزوعة السلاح، خصوصا أنّ قوات النظام انسحبت لاحقا من موقع فصيل جيش العزّة، وفق المرصد.

وينشط فصيل جيش العزّة الذي يضمّ قرابة 2500 مقاتل في منطقة سهل الغاب واللطامنة في ريف حماة الشمالي. وكان قد أعلن سابقا رفضه للاتّفاق الروسي التركي، إلاّ أنّه عاد والتزم بسحب سلاحه الثقيل من المنطقة المشمولة به، وفق المرصد.

ويقع تبادل لإطلاق النار من حين إلى آخر في شمال غرب سوريا منذ إبرام اتفاق في سبتمبر/أيلول بين روسيا، الحليف الرئيسي لدمشق، وتركيا التي تدعم المعارضة.

ونجح الاتفاق الذي نص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في منع هجوم للجيش السوري على إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة وأجزاء قريبة من محافظتي حماة وحلب.

وقال المرصد إن قوات الحكومة قصفت أجزاء من بلدة جرجناز وخان شيخون وقرى أخرى اليوم الجمعة.

وقالت الأمم المتحدة إن ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص يعيشون في شمال غرب البلاد، محذرة من أن أي معركة لاستعادة سيطرة الدولة عليها قد تتسبب في معاناة شديدة.

وتسيطر مجموعات مختلفة من مسلحي المعارضة على إدلب أبرزها هيئة تحرير الشام وهي تحالف من جماعات إسلامية بقيادة مقاتلين كانوا مرتبطين في السابق بتنظيم القاعدة.

المنطقة منزوعة السلاح تقع على خطوط التماس بين قوات النظام السوري والفصائل المعارضة والجهادية ومن المفترض أن تشمل جزء من محافظة إدلب مع مناطق في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي

وتوصّلت روسيا وتركيا قبل نحو شهرين إلى اتّفاق على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها بعمق يتراوح بين 15 و20 كيلومترا، بعدما لوّحت دمشق على مدى أسابيع بشنّ عملية عسكرية واسعة في المنطقة، التي تُعدّ آخر معقل للفصائل المعارضة والجهادية في سوريا.

وتقع المنطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة والجهادية ومن المفترض أن تشمل جزءا من محافظة إدلب مع مناطق في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.

ورغم الاتّفاق، تشهد المنطقة بين الحين والآخر مناوشات وقصفا متبادلا بين قوات النظام والفصائل المعارضة والجهادية.

واستهدفت قوات النظام بالمدفعية الجمعة، وفق المرصد، بلدات وقرى عدة في ريف إدلب الجنوبي.

وكان من المفترض أن ينسحب المقاتلون الجهاديون من هذه المنطقة بحلول 15 أكتوبر/تشرين الأول، لكنّ إعلان روسيا وتركيا أنّ الاتفاق قيد التنفيذ بدا بمثابة منح مهلة إضافية لتلك الفصائل وعلى رأسها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).

ولم تحدّد الهيئة موقفا واضحا من الاتفاق، رغم إشادتها بمساعي أنقرة وتحذيرها من نوايا موسكو.

وتسيطر هيئة تحرير الشام ومجموعات جهادية أقلّ نفوذا منها على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح. كما تسيطر الهيئة على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وتتواجد فصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام في المناطق الأخرى.

وكانت قوات النظام سيطرت على بعض المناطق في الريف الجنوبي الشرقي إثر هجوم شنّته بداية العام الحالي.

وأعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم الشهر الحالي عن عدم رضاه إزاء تنفيذ الاتفاق. وقال، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) "لا يزال الإرهابيون متواجدين بأسلحتهم الثقيلة في هذه المنطقة وهذا مؤشّر على عدم رغبة تركيا بتنفيذ التزاماتها".

وجاء الاتفاق الروسي-التركي بعد استعادة قوات النظام خلال الأعوام الثلاثة الماضية أكثر من ثلثي مساحة البلاد بفعل الدعم الروسي.

ولا تزال هناك منطقتان كبيرتان خارجتين عن سيطرتها: إدلب ومحيطها حيث النفوذ التركي ومناطق سيطرة الأكراد المدعومين أميركيا في شمال شرق البلاد.

ومهّد الاتفاق الطريق أمام حراك دبلوماسي تقوده روسيا وتركيا بهدف تحريك العملية السياسية، إلا أنّ التوقّعات بأن يؤدي ذلك إلى نتيجة تبقى متدنيّة، وفق محلّلين يشكّكون في موافقة دمشق على تقديم أي تنازلات.

وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا مدمّرا تسبّب بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.