
شغف بالنباتات لدى الشباب في وسائل التواصل
باريس – يبدو أن زمن صور الأطباق الغذائية المثيرة للشهية بدأ يولّي، إذ إن وسائل التواصل الاجتماعي تسجل غزوا جديدا لصور النباتات في مؤشر إلى حماسة سكان المدن الشباب على زيادة المساحات الخضراء في محيطهم.
ويفاخر شباب كثيرون بنشر صور للنباتات المنتشرة في منازلهم عبر المواقع الاجتماعية، مرفقين منشوراتهم هذه بكلمات مفاتيح مختلفة عليها ملايين المنشورات بينها "نباتات إنستغرام" و"الأدغال الحضرية" و"النباتات تجعل الناس سعداء".
كذلك يسجل رواج لمدونات إلكترونية بينها “ذي هورتيكولت” التي أسسها زوجان من كاليفورنيا مولعان بالنباتات، و"أوربن جانغل بلوغرز" عن تصاميم داخلية مبتكرة يستخدم فيها النباتات. وقد ساهم ذلك في تحسين الصورة المتداولة عن محبي هذا العالم والتي تظهرهم على أنهم غير مواكبين للحداثة.
وفي إشارة إلى تبدل الأوضاع على هذا الصعيد، أظهرت دراسة لهيئة "ناشونال غاردينينغ" قبل عامين أن خمسة ملايين من أصل ستة ملايين أميركي خاضوا حديثا غمار زراعة النباتات هم بين سن الثامنة عشرة والرابعة والثلاثين.
وتعطى تفسيرات عدة لهذه الظاهرة الآخذة في التوسع لدى سكان المدن الشباب، بينها غلاء المعيشة وضيق مساحات السكن والرغبة في التواصل مع الطبيعة، إضافة إلى المزايا المنسوبة للنباتات بتهدئة الأعصاب وتنقية الجو وحتى بالحد من التلوث فضلا عن الاندماج في مسار بيئي مستدام لا يستقطب عادة الكثير من الشباب.
ويقول المتخصص في تصميم المساحات الخضراء ليو سيمالا وهو أحد مؤسسي مشتل "نباتات للجميع" في باريس "سكان المناطق الحضرية سئموا العيش في شقق باردة، وهم يرغبون في العيش في مساكن مريحة. والنبات لا يحمل سوى إيجابيات إذ إنه يضيف حياة على المنزل.
ومنذ صيف 2017، ينظم المستثمر الشاب مع زميله جوليان موريلي عمليات بيع متنقلة في مدن كبرى كباريس ومرسيليا وليون وبروكسل، بعد التداول على نطاق واسع بالإعلانات لهذه الأحداث.
وخلال عملية البيع الأولى في باريس، بيع كل شيء في خلال ساعتين فقط وبات 5 آلاف شخص يتوافدون في نهاية كل أسبوع للتزود بالنباتات بأسعار تبدأ بيوروهين.
ولا يملك عشاق النباتات الجدد جميعهم مهارات في البستنة وهم يسعون قبل كل شيء للحصول على نبات يتميز بطابع جمالي وغير مقيد جدا.
وهذا ما يفسر ارتفاع الطلب على أنواع محددة بينها نبات المأرضة الذي يتميز بسهولة نشره في غرف المنزل وجمال تقديمه، بحسب كامي دو شوناك من شركة "موفيز غران" الفرنسية المتخصصة في التزيين بالنباتات.

وتقول هذه المولعة بعالم النباتات"إذا ما أبرز مزيّن ما جمال نبتة، بات الجميع يريدون الاقتداء به". وبالنتيجة، "كانت صور نبتة "فيكوس ليراتا" موجودة في كل مكان على "بنترست" و"انستغرام"، قبل أن تطيح بها نبتة عصفور الجنة".
وبفضل جمال أوراقها، تعود نبتات كانت منسية إلى دائرة الضوء لدى المستهلكين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
واضطرت العلامات التجارية لمجاراة هذا التغير إذ باتت شركات كثيرة تزين مقارها بالنباتات وبدأت أخرى متخصصة في أنشطة تجارية مختلفة تبيع أنواعا نباتية إلى جانب المنتجات التي تطرحها أساسا لمستهلكيها.
كذلك ظهرت متاجر لمصممين للنباتات على غرار متجر "بروت" في العاصمة البلجيكية بروكسل الذي يمزج بين بيع الأثاث القديم والنباتات المستعملة التي يتسم بعضها بندرة كبيرة مثل شجرة صبار بطول ثلاثة أمتار يعود تاريخها إلى حوالي خمسة عقود تباع بمبلغ يقرب من ألف يورو.