'أولاد مفيدة' يغرق في مستنقع الانحراف

الجزء الرابع من المسلسل الشهير والمثير للجدل يضج بمشاهد المخدرات والخمر والمجون ومخرجه وكاتبه سامي الفهري يضطر الى تعديل السيناريو.

تونس - ودع الجمهور التونسي المسلسل الأكثر شعبية وشهرة والأكثر إثارة للجدل "أولاد مفيدة" الخميس بعد اضطرار مخرج العمل الإعلامي والمنتج والمخرج سامي الفهري ومالك قناة "الحوار التونسي" الخاصة الى اجتثاث مجموعة كبيرة من المشاهد للارتفاع منسوب العنف والإثارة المجانية فيها.
وللسنة الرابعة على التوالي تتعالى أصوات مطالبة بمقاطعة العمل، لما يتضمنه من مشاهدَ عنفٍ وخمر ومخدرات لا تتماشى وطبيعة شهر رمضان، لكنه مع ذلك يحقق نسب مشاهدة مرتفعة، ويعتبر من أكثر الأعمال الدرامية التونسية الناجحة في السنوات الأخيرة.
وخضع سامي الفهري الإعلامي المعروف ومقدم البرامج الاجتماعية والترفيهية والمسابقات الى طلبات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي أكدت على ضرورة عرضه بصفة متأخرة وتعديله.
ووجهت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" لفت نظر إلى قناة الحوار التونسي بخصوص"أولاد مفيدة"، معتبرة أنه يحتوي على مضامين صادمة لبعض الفئات الاجتماعية.
واعتبرت الهايكا، وفق بلاغ نشرته، أن بعض مضامين المسلسل من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على فئة الأطفال والمراهقين خاصة أنه يعرض في وقت الذروة.
ودعت الهايكا القناة إلى الالتزام بالكتابة على كامل الشاشة وبخط واضح "هذا البرنامج غير مناسب للأطفال دون سن 12سنة".
كما طالبتها بوضع علامة أسفل الشاشة طيلة عرض الحلقات تفيد أن المسلسل يمنع على من سنهم أقل من 12 سنة، وأن لا يعرض قبل الساعة العاشرة مساء مع حذف مشاهد العنف التي تضج به.
وأطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حملة طالبوا فيها بإيقاف المسلسل "الفضيحة".

ورأى نشطاء أن "أولاد مفيدة" خطر على العائلة التونسية لما يتضمنه من مشاهد عنف وموبقات هدفها تفريغ شهر رمضان من مضمونه الروحي وضرب الهوية الإسلامية.
وردت واحدة من أبطال الأجزاء الأربعة للمسلسل الممثلة وحيدة الدريدي على دعوات مقاطعته بكتابتها على حسابها على فيسبوك ساخرة "إن من طالبوا من الأولياء بمقاطعة "أولاد مفيدة" لهم كل الحق، فيكفي المخدرات التي توزع أمام المدارس على الأطفال، يكفي ذلك في الواقع فلماذا نقوم بنقله في عمل درامي".
وأضافت بنبرة متهكمة: "في تونس، لا يوجد عنف، ولا خرق للقانون، ولا خمر، ولا مخدرات، ولا اغتصاب، ولا سرقات، ولا خيانة للبلد، ولا هتك للأعراض".
ورأى نقاد أن سامي الفهري مخرج وكاتب العمل المثير للجدل عجز عن حَبْكِ الأحداث وبحث عن تعلاّت واهية لتبرير المستجدات التي ارتكز عليها لبناء الجزء الرابع وأصبحت الأحداث بعيدة عن المنطق بل حاول أن يقحمها في المجتمع التونسي وخاصة تصويره ارتكاب الجريمة بسهولة وانتشار السلاح بيسر ليظن المشاهد للوهلة الأولى أن العمل فيلم أميركي ينقل واقع شيغاكو.
وذهب البعض الى حد اتهام المخرج و"إمبراطور الاعلام" سامي الفهري بأنه يرغب من خلال قناته الخاصة في الانتقام من التونسيين لا سيما وأنه تم سجنه أثناء فترة الثورة التونسية.
واسقط الفهري مشاهد الخمر على كل حلقة تقريبا حيث يحتسيها الشباب والفتيات ورجال الأمن بإفراط وسخاء، لنشاهد مختلف ماركات المشروبات الروحية من بيرة الى نبيذ وكأنها حملات إعلانية لها.
وانحصرت صورة المرأة في "أولاد مفيدة" على شخصيات فتاة ليل، والزوجة المعنفة، والأم الخاضعة لسلطة أبنائها والخائنة لزوجها والمحامية العشيقة.
وواصل المسلسل المثير للجدل اهانة المحامين وتصويرهم في صورة من يبحث عن مصالح ضيقة او عن نزوات عابرة وحياة خليعة.
ودعا المحامي التونسي مبروك كورشيد الى مقاطعة المسلسل في جزئه الثالث باعتباره يهين المحامين ويصورهم كرجال بلا أخلاق يقومون بمهام خاصة لموكليهم ويصطحبون النساء العاهرات الى أصحاب الأعمال مقابل الحصول على أموال.
وقال مبروك كورشيد "اثأر مسلسل أولاد مفيدة استياء بالغا في صفوف المحامين، فالسيناريو أهان قطاعا هاما يناضل من أجل الحريات ويقف في وجه الظلم في كل أنحاء المعمورة وأولها تونس".

وأضاف "هذا السيناريو التافه الذي صور المحامين بمثابة القوادين المتاجرين في الشرف لا تخفى غايته وهو الإساءة لهم بالتخفي وراء الفن والاحتماء بالإبداع الفني لعدم المساءلة".
وقال يونس الفارحي الممثل والكاتب التونسي المعروف وبطل السلسلة الهزلية الأشهر "نسيبتي العزيزة" في حوار لاذاعة "موزاييك" الخاصة أنّ مسلسل أولاد مفيدة ''خطير جدا'.
ويركز "أولاد مفيدة" على الطبقة الشعبية ومستنقع الجريمة والانحراف فيها.
والمسلسل تطرق الى تبعات وأشواك الخيانة الزوجية بعد إنجاب "مفيدة" المرأة المتزوجة لطفل من عشيقها.
ويكتشف الابن والده الحقيقي مما يجعله ينفر من أسرته وينقم على والدته التي دفعتها نزواتها الجنسية الى خيانة والده وقيامه بعد ذلك بقتله.
كما يقوم شقيقه بقتل رجل أمن وإحراق مخزن انتقاما من صديقه اثر نشوب خلاف بينهما.
والمسلسل بطولة وحيدة الدريدي وفتحي المسلماني وياسين بن قمرة وليلى بن خليفة وعدد من الوجوه الجديدة الذي تعود الفهري التعويل عليها في أعماله التليفزيونية.