رفع حظر التجوال في العراق بعد ليلة دامية

مفوضية حقوق الإنسان تؤكد ان عدد ضحايا الاحتجاجات التي تعم البلاد بلغ حوالي مئة شخص اضافة الى قرابة 4000 جريح.
النجيفي يدعو حكومة عبدالمهدي إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي
ممثلون عن الحراك الشعبي يدعون الحلبوسي للاستقالة
فرنسا تدعو حكومة عبدالمهدي إلى التعامل بشكل متناسب مع الاحتجاجات

بغداد - يعيش العراق على وقع احتجاجات مستمرة مطالبة بتحسين الحياة المعيشية ومكافحة الفساد والتصدي للنفوذ الإيراني وسط ارتباك الحكومة العراقية.
وأمر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، برفع حظر التجوال في بغداد وعدد من محافظات الجنوب، اعتبارا من الخامسة فجر السبت بالتوقيت المحلي (2:00 ت.غ).
جاء ذلك في إفادة مقتضبة بثتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية، مساء الجمعة، بعد احتدام الاحتجاجات الدامية التي أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وكان عبدالمهدي قد قرر فرض حظر التجوال بدءاً من فجر الخميس في بغداد ومراكز محافظات ذي قار وميسان والنجف، في مسعى لاحتواء احتجاجات شعبية مناهضة لحكومته. 
غير أن المحتجين تحدّوا قرار الحظر وواصلوا الاحتجاجات التي تصاعدت وتيرتها الجمعة وخاصة في العاصمة بغداد، وتخللتها أعمال عنف واسعة النطاق .
ويشهد العراق احتجاجات عنيفة منذ الثلاثاء بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إثر لجوء قوات الأمن للعنف لاحتواء الاحتجاجات.
ويتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، فيما تنفي الأخيرة ذلك وتقول إن "قناصة مجهولين" تطلق الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.
واطلقت قوات الامن الرصاص الحي لتفريق تجمعين للمتظاهرين في العاصمة بغداد، وذلك بعد ساعات قليلة من أول خطاب لعبد المهدي منذ الأزمة دعا فيه إلى التهدئة وتعهد بإجراء إصلاحات.
ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على سوء الخدمات العامة الأساسية من قبيل الكهرباء والصحة والماء فضلا عن البطالة والفساد، في بلد من بين أكثر دول العالم فسادا، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
وقالت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، السبت، إن عدد ضحايا الاحتجاجات التي تعم البلاد منذ الثلاثاء، بلغ 93 قتيلًا.

وأضافت المفوضية (رسمية تابعة للبرلمان) في بيان أن 3978 شخصًا أصيبوا بجروح، فيما بلغ عدد المعتقلين 567 شخصاً، أفرج عن 355 منهم حتى الآن.

وأشارت أن الأرقام المذكورة تشمل الضحايا منذ بدء الاحتجاجات الثلاثاء الماضي ولغاية الساعة العاشرة (07:00 ت.غ) من صباح السبت. 

المتظاهرون في العراق
دعوات الحكومة الى محاسبة المتورطين في استخدام العنف لم تقنع المتظاهرين

وفي محاولة من السلطات العراقية لتخفيف الضغوط على الحكومة بعد تعرضها لانتقادات محلية ودولية شدد الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء، السبت، على حفظ سلامة المتظاهرين، ومحاسبة المتورطين في استخدام العنف.
جاء ذلك لدى استقبال صالح، عبد المهدي، بمقر رئاسة الجمهورية، لبحث الأحداث الجارية، وفق بيان صادر عن مكتب الأول.
وتم خلال اللقاء تأكيد "تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين، وتحقيق تطلعات شباب العراق بما يضمن لهم حياة حرة كريمة".
وتابع البيان أن "الرئيسين أكدا محاسبة المتورطين باستخدام العنف، وحفظ أمن وسلامة المتظاهرين والقوى الأمنية، والتصدي الحازم للمجرمين الذين قاموا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين والقوى الأمنية".
ولفت أنه "تم بحث السبل الكفيلة لتدارك الأحداث الأخيرة بما يضمن المصلحة العامة واستقرار البلد".

لكن تصريحات المسؤولين العراقيين لم تقنع المتظاهرين الذين اصروا على مواصلة احتجاجاتهم رغم العنف المسلط من قوات الامن.

ودعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، الجمعة، إلى الاستماع لمطالب الشعب، مطالباً بالتحقيق في الاعتداء على المتظاهرين.
وفي كلمة متلفزة بثت من مبنى البرلمان تابعها، قال الحلبوسي: "يجب أن يكون التعامل بشكل آخر من جانب القوات الأمنية مع المتظاهرين، وفي الوقت نفسه ندعم مطالب المتظاهرين مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على ممتلكات الدولة".
ودعا في الوقت نفسه المتظاهرين للوقوف إلى جانب الدولة في محاسبة ومحاكمة الفاسدين.
وأكد الحلبوسي على "ضرورة محاسبة المفسدين ومحاربة البيروقراطية فالشعب العراقي عانى من الإرهاب والفساد، ويجب عدم السماح للمندسين باستغلال المظاهرات".
وأضاف: "نحتاج لثورة حقيقية ضد حيتان الفساد وإخضاعهم لحساب عسير، ثورة يلمسها المواطن على مستويات الخدمات والأمن، ولمواجهة الفساد بنفس جدية مواجهة الإرهاب".
وطالب رئيس البرلمان، بالعمل على توفير 100 ألف وحدة سكنية للمحرومين وبرنامج تمويل سكني لمحدودي الدخل.
وأكد الحلبوسي أن جلسة البرلمان السبت لن تبدأ ما لم يشارك فيها ممثلين عن المحتجين، داعياً ممثلي التظاهرات للحضور إلى مجلس النواب.
وقال إنه يعتبر نفسه ممثلاً عن المتظاهرين، وتعهد بحمايتهم وأمنهم.
وشدد الحلبوسي على دعم مطالب المتظاهرين، وقال إنه "في حال فشلت الدولة في تنفيذ وعودها سأنضم للمتظاهرين".
من جانبه دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مساء الجمعة الى استقالة الحكومة العراقية برئاسة عبد المهدي واجراء انتخابات مبكرة باشراف الامم المتحدة، وسط تصاعد وتيرة التظاهرات المطلبية.

الزعيم الشيعي مقتدى الصدر
الصدر دعا الى استقالة الحكومة

وقال الصدر في بيان "إحقنوا الدم العراقي الشريف باستقالة الحكومة" واجراء "انتخابات مبكرة باشراف اممي، فما يحدث لا يمكن السكوت عليه".
ويدعم رجل الدين كتلة "سائرون" التي تصدرت الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2018 بحصولها على 54 مقعداً من أصل 329.

ودعا أسامة النجيفي، زعيم تحالف "القرار السياسي"، السبت، حكومة عبد المهدي، إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف دولي.
كم دعا زعيم "القرار السياسي" (11 مقعدا في البرلمان العراقي من أصل 329 مقعد)، إلى تجميد عمل البرلمان، وذلك على خلفية الاحتجاجات الشعبية الدامية التي تشهدها البلاد منذ الثلاثاء.
وقال النجيفي في بيان إن "إدارة الحكومة لأزمة الاحتجاجات فاشلة، ونزيف الدعم مستمر للشعب ولقوات الأمن، وقد تجاوزت الحكومة الخط الأحمر والسياقات المعمول بها في الحكومات السابقة".
وأضاف: "عليه ندعو لاستقالة الحكومة وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي وتجميد البرلمان".

ودعا ممثلون عن الحراك الشعبي بالعراق، السبت، رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إلى الاستقالة، عقب انتهاء أول لقاء من نوعه بين الجانبين، لبحث مطالب الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في البلاد، وفق نائب في البرلمان.

وقال النائب أحمد الجبوري في تغريدة على تويتر، السبت، "التقى الحلبوسي، ومعه 5 نواب، بأكثر من 100 شاب (من ناشطي الاحتجاجات) في قاعة رقم (1) بمجلس النواب".
وأضاف الجبوري: "طلب (الحلبوسي) منهم إنهاء المظاهرات.. فرفضوا ذلك وطالبوه بالاستقالة. وحصلت فوضى في القاعة وخرجوا من المجلس".

وقال أحمد الصافي في خطبة الجمعة في كربلاء، وهو ممثل المرجع الابرز اية الله علي السيستاني، "على الحكومة أن تغير نهجها في التعامل مع مشاكل البلد" وعليها "تدارك الأمور قبل فوات الأوان".
وندد الصافي "باعتداءات مرفوضة ومدانة على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية".
من جانبها، قالت المرجعية العليا إنّ الإصلاح "ضروري" منتقدة رئيس الوزراء، وألقت "المسؤولية الأكبر" على البرلمان.
وحذّرت المرجعية من أنّه "إذا خفّت (الاحتجاجات) لمدة، فإنّها ستعود في وقت آخر أقوى وأوسع".

ودعت فرنسا، السبت السلطات العراقية إلى التعامل بشكل متناسب مع الاحتجاجات، ومعالجة الظروف المحيطة بأعمال العنف التي تشهدها البلاد. 
جاء ذلك في بيان نشرته وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها الإلكتروني، تعليقا على الحراك الشعبي الذي تشهده العراق منذ الثلاثاء.
وأوضحت الوزارة أن "فرنسا تولي اهتمامها بالوضع في العراق، والتظاهرات التي شهدتها بغداد ومحافظات أخرى جنوب البلاد، كما تقدم تعازيها لعائلات الضحايا وتتمنى للمصابين شفاءً عاجلا".
وأضافت أن "فرنسا تجدد تأييدها لحق التظاهر السلمي، وأهمية أن يكون هناك رد متناسب من قبل قوات الأمن، كما تشجع السلطات العراقية على معالجة الظروف المحيطة بأعمال العنف". 
وأردفت "تدعم فرنسا جهود الحكومة العراقية بشأن مساعي الاستقرار وإعادة البناء وتطوير الخدمات العامة لمصلحة الشعب العراقي، كما تحيي إرادة رئيس الوزراء في الرد على المطالب المشروعة للشعب العراقي".