
المحتجون العراقيون يقتحمون المنطقة الخضراء
بغداد - اقتحم مئات المتظاهرين الغاضبين، الجمعة، المنطقة الخضراء (الدبلوماسية) وسط العاصمة العراقية، بغداد بعد نجاحهم في إزالة الحواجز التي وضعتها قوات الأمن على جسر الجمهورية المؤدي الى المنطقة.
وبدأ المتظاهرون برفع الحواجز غير الإسمنتية، من على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، بعد تقدمهم من ساحة التحرير التي احتشدوا فيها منذ ساعات.
وقال النقيب في الشرطة أحمد خلف ، إن "المئات من المتظاهرين تمكنوا من اقتحام بوابة المنطقة الخضراء من جهة وزارة التخطيط بعد تمكنهم من إزالة جميع الحواجز التي وضعتها قوات الأمن على جسر الجمهورية".
وأوضح خلف أن "المتظاهرين يطالبون بإستقالة الحكومة".
المتظاهرون يطالبون بإستقالة الحكومة
وأشار إلى أن "القوات الأمنية لجأت إلى خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، لكن دون جدوى".
وقال إن "قوات الأمن عززت تواجدها داخل المنطقة الخضراء وتجري مفاوضات مع المتظاهرين لاقناعهم بالانسحاب".
وقالت مصادر بالشرطة العراقية إن متظاهرين أضرموا النار في مكاتب تابعة لحزب سياسي شيعي وجماعة شيعية مسلحة في محافظة المثنى بجنوب العراق الجمعة.
وأشعل المحتجون النيران في مقر حزب تيار الحكمة وجماعة عصائب أهل الحق في وسط مدينة السماوة. وحاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع.
وياتي حرق مقرات حزب وميليشيات موالية لايران كرسالة واضحة برفض التدخل الايراني في الشان العراقي.
وتحولت الاحتجاجات الى فضاء يصب فيه العراقيون جام غضبهم على التدخلات الايرانية التي تسببت في تازيم الوضع وورطت العراقيين في معارك ليست معاركهم.
وفي محافظات ميسان والبصرة وذي قار احتشد المئات من المتظاهرين فجر الجمعة في الساحات العامة وأمام مقار الادارات المحلية معلنين اعتصاما مفتوحا بالتزامن مع احتجاجات بغداد.
وقال مجيد الحسيني أحد منسقي الاحتجاجات في جنوب العراق، إن "المئات من المظاهرين بدأوا التوافد فجر الجمعة على ساحات الاعتصام التي حددناها سابقا في محافظات ميسان وذي قار والبصرة"، مشيرا الى ان "المتظاهرين اتفقوا على اعلان الاعتصام المفتوح حتى تحقيق المطالب".
وأوضح الحسيني أنهم "يطالبون بتشكيل حكومة جديدة على شرط ان تكون خالية من اي شخصيات تابعة للأحزاب السياسية والدينية التي حكمت البلاد طيلة السنوات الماضية".
وتابع الحسيني "حتى اللحظة تتعامل قوات الأمن بمهنية مع المتظاهرين".
وأفاد علي البياتي عضو مجلس مفوضية حقوق الإنسان العراقية الجمعة أن متظاهرا قتل وأصيب 95 آخرين الجمعة بسبب استخدام قوات حفظ النظام العراقية الغازات المسيلة للدموع والماء الحار والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين في بغداد.
وقال"هذه الحصيلة أولية كما أصيب مراسل صحفي بإصابات خطيرة في الراس والإصابات تشمل المتظاهرين والجهات الامنية".
وتحدثت مصادر اعلامية عن وفاة متظاهر ثان في الاحتجاجات.
وتزامنا مع التطورات الميدانية اصدرت وزارة الداخلية العراقية، توجيهات لوسائل الاعلام بشأن تظاهرات الجمعة، فيما أعلنت منعها التغطية المباشرة لها.
وذكر الناطق الرسمي باسم الوزارة، العميد خالد المحنا، في بيان صحفي، إن "جميع وسائل الاعلام مخولة بالدخول الى ساحة التظاهر وتواجد الكوادر الاعلامية سيكون بالقرب من القوات الأمنية، شرط اظهار الباج التعريفي الخاص بالمؤسسة (البطاقة الاعلامية)".
واضاف، الناطق "يمنع منعا باتا استخدام التغطية المباشرة للتظاهرات، حيث تكون التغطية تسجيل فقط، كما بإمكانهم اجراء اللقاءات مع المتظاهرين".
واوضح، ان "حماية الاعلاميين من مسؤولية القوات الأمنية، ويكون تواجدها بالقرب من مكان تواجد تلك القوات بشرط اظهار الباج التعريفي الخاص بالمؤسسة".
ودعا آية الله العظمى السيد علي السيستاني، أعلى مرجع ديني شيعي في العراق، الجمعة، المتظاهرين والقوات الأمنية إلى "ضبط النفس" لتجنب "الفوضى"، في وقت قتل فيه متظاهران بعد ساعات من استئناف الاحتجاجات المطلبية ليل الخميس.
وصدت القوات الأمنية بوابل من القنابل المسيلة للدموع الجمعة آلاف المتظاهرين المحتشدين في وسط بغداد، في تصعيد جديد مع استئناف الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أسفرت مطلع تشرين الأول/أكتوبر عن مقتل أكثر من 150 شخصاً.
وقال المتحدث باسم السيستاني، الشيخ عبدالمهدي الكربلائي في خطبة الجمعة بكربلاء جنوب بغداد "ندعو أحبّتنا المتظاهرين وأعزّتنا في القوات الأمنية إلى الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها إلى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب".
وأضاف أن تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون الاحتجاجات سلمية خالية من العنف ينطلق "من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد" و"يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب، ويفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والإقليمية".

وكانت المرجعية الدينية منحت حكومة عادل عبد المهدي مهلة أسبوعين، تنتهي اليوم، للاستجابة إلى مطالب المحتجين، الداعين إلى إسقاط الحكومة، في بلد غني بالنفط لكنّه يعاني نقصًا مزمنًا في الكهرباء ومياه الشرب.
ونشرت الحكومة الأربعاء نتائج تقريرها أيضاً في قضية مقتل 157 شخصاً خلال الاحتجاجات الدامية مطلع الشهر الحالي.
وأقر التقرير بـ"الاستخدام المفرط للقوة" من قبل قوات الأمن، من دون الكشف عن هوية القناصة الذين استهدفوا المتظاهرين.
وأعلنت المرجعية الجمعة أن التقرير المنشور "لم يحقق الهدف المترقّب منه ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام".
واعتبرت أنه "من المهم الآن أن تتشكل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية".
وطرح رئيس الحكومة العراقية الخميس حزمة إصلاحات جديدة من ضمنها حصر السلاح بيد الدولة، والعمل على دمج فصائل الحشد الشعبي الشيعية بأجهزة الدولة في مسعى لتهدئة الاحتجاجات التي استأنفت ضد حكومته.
وقال عبد المهدي في خطاب متلفز إن "على القوى السياسية أن تدرك أن المعادلات السياسية السابقة تغيرت، ونحن أمام ازمة نظام، لم تدركها القوى لكن أدركها الشعب".
ويعتقد مراقبون أن احتجاجات الجمعة ستشكل ضغطا متزايدا على حكومة عبدالمهدي وقد تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بها.
وساد استياء واسع في البلاد إثر تعامل الحكومة العنيف مع الاحتجاجات التي شهدها البلد مطلع أكتوبر/تشرين أول الجاري واستمرت أسبوعاً.
وبدأت الاحتجاجات في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات جنوبية ذات أكثرية شيعية، وتستمر لمدة أسبوع.
ولاحقا رفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ودعوا لاستقالة الحكومة، إثر لجوء قوات الأمن للعنف، فيما أصدرت الحكومة حزمة قرارات إصلاحية في مسعى لتهدئة المحتجين وتلبية مطالبهم، بينها منح رواتب للعاطلين عن العمل والأسر الفقيرة، وتوفير فرص عمل إضافية ومحاربة الفساد وغيرها.
ووفق تقرير حكومي فإن 149 محتجاً و8 من أفراد الأمن قتلوا خلال الاحتجاجات التي استخدمت فيها القوات الحكومية العنف المفرط والرصاص الحي ضد المتظاهرين.
ويعتبر العراق من بين أكثر دول العالم فسادا على مدى السنوات الماضية، حسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية.
وقوض الفساد المالي والإداري مؤسسات الدولة العراقية التي لا يزال سكانها يشكون من نقص الخدمات العامة من قبيل خدمات الكهرباء والصحة والتعليم وغيرها، رغم أن البلد يتلقى عشرات مليارات الدولارات سنويا من بيع النفط.