
الكونغرس مستاء من العنف المسلط على المتظاهرين العراقيين
بغداد - دعا مجلس النواب الأميركي، الجمعة، الحكومة العراقية إلى حماية حق الشعب في الاحتجاج والتجمع السلمي ومحاسبة "كل من يستخدم القوة والعنف" ضد المتظاهرين والصحفيين.
جاء ذلك في بيان مشترك لرئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس، إليوت إنغل وهو نائب عن الحزب الديمقراطي، مع النائب عن الحزب الجمهوري مايكل ماكول.
وأكد البيان على دعوة الحكومة العراقية للعدول عن قرار قطع الإنترنت، ورفع القيود المفروضة على منصات التواصل الاجتماعي.
كما دعا الحكومة إلى ضمان أن "جميع الأحزاب السياسية والمجموعات العرقية والطوائف تعيش بسلام في عراق قوي يتمتع بالسيادة والازدهار".
ويصر المتظاهرون بالعراق على المضي في مطالبهم برحيل الطبقة السياسية التي أدارت البلاد طوال السنوات الـ16 الماضية لفشلها في تثبيت ركائز الدولة.
وأفاد مصدر أمني عراقي الجمعة، بأن القوات المشتركة (جيش وشرطة) كثفت انتشارها واغلقت الشوارع الرئيسية في مدينة البصرة مركز المحافظة (جنوب).
وشهدت البصرة، مساء الخميس، تظاهرات حاشدة أمام مبنى المحافظة، تدخلت قوات مشتركة من الجيش ومكافحة الشغب لفضها، قتل على أثره 8 محتجين بالإضافة الى 103 جرحى، بينهم عناصر في الجيش.
وقال المصدر الامني إن "القوات المشتركة من الجيش والشرطة كثفت وجودها وانتشرت في مناطق واسعة صباح اليوم، في أغلب مدن وبلدات محافظة البصرة".
وأضاف، "القوات المشتركة شددت اجراءاتها في مدينة البصرة بشكل خاص وقطعت واغلقت أغلب الشوارع الرئيسية، تحسبا لأي طارئ بعد صدامات مساء الخميس، أسفرت عن قتلى وجرحى".
وكانت الشرطة العراقية ومصادر طبية ذكرت أن قوات الأمن قتلت بالرصاص ما لا يقل عن ستة محتجين بوسط بغداد الخميس، وقتلت أربعة آخرين أثناء فض اعتصام في مدينة البصرة بجنوب البلاد.
وأصيب عشرات في أنحاء أخرى من البلاد، فيما لم تظهر أي علامة على تراجع الاضطرابات الدامية المستمرة منذ أسابيع.
واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المتظاهرين قرب جسر الشهداء بوسط بغداد. واستخدمت الذخيرة الحية أيضا ضد المتظاهرين في البصرة، المصدر الرئيسي لثروة العراق النفطية.
وفي جنوب العراق، قال مسؤولو ميناء أم قصر إن عشرات المتظاهرين المناهضين للحكومة أحرقوا الإطارات وسدوا مدخل الميناء فمنعوا الشاحنات من نقل الأغذية والواردات الحيوية بعد ساعات من استئناف العمليات.

وفشلت الحكومة العراقية في إيجاد مخرج من أكبر تحد يواجهها في سنوات. وكسرت الاضطرابات حالة الهدوء النسبي التي تلت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد في 2017.
وأودت حملة تنفذها السلطات على محتجين معظمهم عزل بحياة أكثر من 260 شخصا منذ تفجر الاضطرابات في أول أكتوبر/تشرين الأول بسبب نقص الوظائف وتردي الخدمات والبنية الأساسية بفعل الصراع والعقوبات والفساد على مدى عقود.
ويلقي المحتجون، ومعظمهم شبان عاطلون، بالمسؤولية عما آلت إليه الأمور على النخبة السياسية التي تحكم العراق منذ الإطاحة بصدام حسين في غزو قادته الولايات المتحدة عام 2003 ويطالبون بإصلاح كامل للنظام السياسي.
وبدأ العراق يشعر بالأثر المالي للاضطرابات المستمرة منذ أسابيع، والتي اندلعت شرارتها في بغداد قبل أن تمتد سريعا إلى المدن الجنوبية.
من ناحية أخرى، قال مصدر بالبنك المركزي إن القطاع الخاص تضرر من قطع الإنترنت الذي فرضته الحكومة لمحاولة كبح الاضطرابات.
وأضاف المصدر أن البنوك الخاصة في العراق سجلت خسائر تبلغ حوالي 16 مليون دولار يوميا منذ أول انقطاع للإنترنت في أوائل أكتوبر/تشرين الأول.
وقال المصدر إن الخسائر المجمعة للبنوك الخاصة وشركات الهاتف المحمول وخدمات تحويل الأموال والسياحة ومكاتب حجز تذاكر الطيران تتجاوز في المتوسط 40 مليون دولار يوميا وهو ما يعادل نحو 1.5 مليار دولار خلال أكثر قليلا من شهر.
واستأنف ميناء أم قصر العمليات لفترة وجيزة في وقت مبكر من صباح الخميس بعدما أخلى معظم المتظاهرين المنطقة. لكن مسؤولي الميناء قالوا إن بضع عشرات من النشطاء وأقارب متظاهر قتل خلال العنف المستمر منذ أسابيع عادوا لإغلاق البوابة الرئيسية.
ويستقبل الميناء معظم واردات الحبوب والزيوت النباتية والسكر التي يعتمد عليها العراق.
وقال مسؤولون في قطاعي النفط والأمن إن العمليات استؤنفت الخميس في مصفاة الناصرية القريبة، حيث أوقف المحتجون ناقلات الوقود من الدخول أو المغادرة الأربعاء.
ويقول مسؤولو وزارة النفط إن الاضطرابات لم يكن لها تأثير كبير على إنتاج النفط وصادراته.
لكن توقف الشاحنات التي تنقل الوقود من مصفاة الناصرية إلى محطات الوقود في أنحاء المنطقة تسبب في نقص الوقود بمحافظة ذي قار الواقعة في جنوب العراق. وقال مسؤولون بقطاع النفط إن المصفاة كانت تعمل في الآونة الأخيرة بنحو نصف طاقتها الإنتاجية.
في غضون ذلك، عادت خدمة الإنترنت لفترة وجيزة في معظم أنحاء العراق الخميس قبل أن تنقطع مجددا بعد الساعة الواحدة مساء بالتوقيت المحلي. وتفرض السلطات قيودا شديدة على الوصول للإنترنت خلال الاحتجاجات.
وتقول الحكومة إنها تقوم بإصلاحات دون أن تعرض شيئا من شأنه أن يرضي معظم المحتجين.
ويقول كثير من العراقيين إن تقديم رواتب للفقراء وتوفير فرص عمل أكثر للخريجين وتعهدات بمعاقبة حفنة من المسؤولين الفاسدين جاءت بعد فوات الأوان بالنسبة لمن يطالبون بإصلاح المؤسسات الحكومية وعملية انتخابية معيبة ونظام حكم يغذي الفساد المستشري.