أردوغان: اتفاق النفوذ البحري مع حكومة الوفاق الليبية لا نقاش فيه

الرئيس التركي يهدد حلف شمال الأطلسي بمعارضة أي خطط تعرقل التفاق العسكري الذي أبرمه مع حكومة فائز السراج رغم الرفض الليبي والإقليمي للخطوة الاستفزازية في المتوسط.

أنقرة - جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء، تشبثه بتنفيذ الاتفاق المبرم بين بلاده وليبيا مؤخرا حول تحديد النفوذ البحري في المتوسط، مهددا حلف شمال الأطلسي "الناتو" بمعارضة أي خطط تعرقله رغم الرفض الليبي والإقليمي للخطوة في مؤشر جديد على الانقسامات العميقة بين تركيا والحلف الذي يستعد لعقد قمة بمناسبة مرور 70 عاما على إنشائه.
ونقلت وكالة الأناضول عن أردوغان قوله، إن "مجريات الأحداث شرقي المتوسط واتفاقنا مع ليبيا ربما يشكلان إزعاجا حقيقيا لفرنسا، لكننا نؤكد أن الاتفاق المبرم حق سيادي لتركيا وليبيا، ولن نناقش هذا الحق مع أحد".
وأضاف الرئيس التركي خلال مؤتمر صحفي قبيل توجهه إلى لندن للمشاركة في قمة زعماء دول "الناتو" أنه "في حال أعربت فرنسا عن استيائها من الاتفاق التركي الليبي، فإننا سنقول لهم بوضوح أننا لن نناقش هذا الحق السيادي معكم، ولن نتفاوض معكم حول هذا الحق".

وفي 27 نوفمبر الماضي وقع أردوغان ورئيس المجلس الرئاسي لـحكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج، اتفاقيات حول تعزيز التعاون العسكري والبحري والاقتصادي.

وأثارت تلك الاتفاقيات جدلا كبيرا وانتقادات داخلية، وحتى توترات إقليمية بين دول حوض المتوسط، بسبب المخاوف من تشريع الأبواب أكثر لأنقرة لإغراق طرابلس بالمزيد من الأسلحة والدعم العسكري للميليشيات المتحالفة معها وتأجيج الصراع الليبي، وأيضا تمديد النفوذ التركي في البلد الغني بالنفط والثروات الطبيعية.

وتدعم تركيا الجماعات المتطرفة في ليبيا سرّا منذ سنوات، لكن تدخلاتها في الأشهر الأخيرة باتت علنية فمنذ بدأ العملية العسكرية التي يقودها الجيش الوطني الليبي ضد الجماعات المتطرفة والميليشيات التي تقاتل إلى جانب حكومة السراج في طرابلس منذ أبريل الماضي، زادت أنقرة في وتيرة تسليح الميليشيات في ليبيا وحتى المشاركة ميدانيا بقوات خاصة في مواجهة قوات الجيش التي يقودها المشير خليفة حفتر.

وأعلنت الحكومة الليبية المؤقتة الأربعاء الماضي رفضها التام للاتفاقية التي وقعها السراج مع أردوغان قائلة إنها غير شرعية وتحتاج إلى موافقة مجلس النواب في "حال سلمنا جدلا بشرعية رئيس حكومة الوفاق".

لكن تركيا واصلت تمسكها بتنفيذ خططها للتوسع في المتوسط عبر سياسة الأمر الواقع وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي، في بيان الأحد أنه "جرى تحديد قسم من الحدود الغربية للسيادة البحرية لتركيا شرقي البحر المتوسط، عبر الاتفاقية مع ليبيا".
ولفت أقصوي إلى أن تركيا دعت الأطراف قبل توقيع الاتفاقية إلى مفاوضات من أجل الوصول إلى تفاهم عادل، وأن تركيا لا تزال مستعدة للتفاوض.
وأوضح أن "الأطراف اختارت اتخاذ إجراءات أحادية الجانب وإلقاء التهم على تركيا، بدلا من إطلاق المفاوضات معها".

أنقرة تستعجل خططها لوضع يدها على ثروات ليبيا
أنقرة تستعجل خططها لوضع يدها على ثروات ليبيا 


ولم يستبعد أردوغان أن ترد الدول المعارضة للاتفاقية عبر جملة من القرارات المضادة خصوصا من قبل فرنسا واليونان وقبرص ومصر.

وقال الثلاثاء إن "اليونان ستقدم على خطوات ضد الاتفاق التركي الليبي، ونحن نحتفظ بحقنا في الإقدام على خطوات أخرى، وسنقوم بما يلزم في حال استحضرت اليونان هذا الاتفاق لأجندة قمة زعماء الناتو”.
وأكد أن معارضة اليونان ومصر وقبرص الرومية للاتفاق التركي الليبي، لن تؤثر أبدا على الاتفاق التركي الليبي.

وأشار الرئيس التركي إلى احتمال سحب ليبيا سفيرها من اليونان على خلفية الاتفاق، وقال إنه "تلقى الاثنين خبرا حول رغبة رئيس الوزراء اليوناني عقد لقاءٍ معنا على هامش قمة الناتو".

وكانت مصادر دبلوماسية يونانية قد كشفت السبت عن استدعاء الخارجية اليونانية لسفير ليبيا في أثينا لطلب "معلومات عن مضمون الاتفاق العسكري الموقع بين حكومة الوفاق وحكومة العدالة والتنمية التركية.

وقالت المصادر إن "أثينا أعربت عن استيائها من هذا الاتفاق وطلبت من سفير ليبيا تزويدها معلومات في موعد أقصاه الخامس من ديسمبر/كانون الأول تحت طائلة طرده".

ودانت مصر واليونان وقبرص بشدة الاتفاقية التي وقعها السراج مع الرئيس التركي منددة بتجاهل أنقرة للتحذيرات الدولية وتماديها في انتهاكاتها في مياه المتوسط، فضلا عن الانتهاكات التي تنفذها بالتنقيب في المياه القبرصية.

كما تعارض الدول الثلاث والاتحاد الأوروبي عمليات التنقيب التركية عن الغاز والنفط شرق البحر المتوسط، حيث هدد التكتل الأوروبي بفرض عقوبات على أنقرة.

وتضع سياسيات أردوغان المتعنتة تركيا في مواجهة مع دول أوروبية وأخرى إقليمية أيضا، وهو ما يفاقم عزلة أنقرة ويعزز مسألة فرض عقوبات إضافية من قبل الاتحاد الأوروبي لردعها عن سياساتها التي ترى فيها أوروبا "خرقا للقانون الدولي".

وتأتي هذه التوترات بين أوروبا وتركيا تزامنا مع احتفال حلف شمال الأطلسي بمرور سبعة عقود على إنشائه في لندن، وسط انقسامات كبيرة يعيشها أكبر حلف عسكري عبر التاريخ وصفها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنها بمثابة "الموت الإكلينيكي" للناتو، في وقت هاجم فيه نظيره التركي حلفاء واشنطن مهددا منظومة الدفاع المعتمدة بشراء أسلحة روسية.

ونادرا ما بدا المستقبل السياسي لحلف شمال الأطلسي غامضا بهذا الشكل، وربما لم يحدث ذلك من قبل على الإطلاق، وقال دبلوماسي أوروبي كبير بالحلف "السؤال، ونحن نحتفل بمرور 70 عاما، هو هل نلوح احتفالا أم أن الناس يعتقدون أننا نغرق؟".